الاقتصاد الجزائري بين 2019 و2023.. تحوّلات كبرى وإنماء نوعي

تبون
19/12/2023 - 12:23

شهدت الأعوام الأربعة الأولى من تولّي السيد رئيس الجمهورية شؤون الحكم، حيوية بارزة للاقتصاد الجزائري الذي كان على موعد بين عامي 2019 و2023 مع تحولات كبرى وإنماء نوعي تستعرضهما "ملتيميديا الإذاعة الجزائرية" في التقرير التالي.

حدّد رئيس الجمهورية في العام الأول من عهدته، الإطار المرجعي للنموذج الاقتصادي الجديد، راسماً معالم خطة الانتعاش الاقتصادي، انطلاقاً من "إتاحة الفرص للجميع" و"تعزيز سمو القانون وتكافؤ الفرص، والتشاركية في رسم السياسات، وتحقيق الاستدامة الـمالية وتقوية الـمؤسسات، ورفع مستوى وكفاءة التعليم".

وقام النموذج الاقتصادي الجديد على تنويع النمو واقتصاد المعرفة، ووضع سياسة تصنيع جديدة موجّهة نحو الصناعات المصغّرة والمتوسطة والناشئة، وتعطي الأولوية في مجال التركيب الصناعي للمنتجات الضامنة لأعلى نسبة من الإدماج الوطني".

وجرى ضبط الرهان الأكبر في تفعيل مليون مؤسسة مصغّرة، بغرض تطوير النسيج الاقتصادي وجلب القيمة المضافة، مع تطوير المؤسسات المصغّرة الناشطة في القطاعين الزراعي والصناعي، وابتعاث مؤسسات ناشئة لتطوير برامج ومنصات لرقمنة المجتمع وأخرى لترقية الحلول المدمجة وتحسين الأنشطة والتمويل، وما يتصلّ بالذكاء الصناعي، وتشجيع حاملي المشروعات الابتكارية لبناء أرضية خصبة للمقاولاتية ونقل المعرفة ورفع جودة ونوعية المنتوج المحلي وتعزيز قدرته التنافسية.

وجرى إقرار تسهيل منح القروض ودعم المؤسسات الناشئة للاستثمار في إفريقيا، وجرد كل الثروات الوطنية الطبيعية غير المستغلة "رفعاً لطاقات التصدير، وتعويضاً عن أي نقص من عائدات المحروقات، وحفاظاً على حق الأجيال الصاعدة في هذه الثروة".

وركّز النموذج ذاته على بناء صناعة وطنية حقيقية ضمن اقتصاد وطني حقيقي ومنتج، محدّداً آجالاً واضحة الأهداف من خلال مراجعة الإطار التشريعي المتعلق بترقية الاستثمار وإعادة تنظيم القطاع الاقتصادي العمومي التابع لها، قصد إعادة بعثه وفصله تمامًا عن الخزينة العمومية كمموّل أساسي.

واهتمّ النموذج الاقتصادي لرئيس الجمهورية بترقية ودعم الأنشطة الاقتصادية القائمة على المعرفة، ذات القيمة التكنولوجية العالية، ودعم المؤسسات الصغيرة، وتشجيع المؤسسات الناشئة التي يقودها أصحاب الشهادات من الشباب ودعم وترقية دور قطاع البناء والأشغال العمومية لما له من دور محوري في دعم النمو الاقتصادي وامتصاص البطالة.

وإضافة إلى ما تقدّم، جرى تحسين مناخ الأعمال من خلال تبسيط إجراءات إنشاء المؤسسات، وتوفير العقار والاستفادة من القروض والخدمات العمومية ذات الجودة، وإصلاح وعصرنة النظام البنكي والإدارة ومكافحة السلوك البيروقراطي.

واهتمّ النموذج الاقتصادي بالتفاصيل المرجعية التالية

•     مراجعة قواعد الدفاع التجاري من خلال إعادة النظر في الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية "المجحفة في حق البلاد" و"إعادة توجيه" الجهاز الدبلوماسي لخدمة المصالح الاقتصادية والتنموية الحيوية للبلاد، والذي تعزز باستحداث وكالة التعاون والتنمية التي "ستمكن من تحسين ظروف ولوج المتعاملين الجزائريين إلى الأسواق الدولية، وخاصة الإفريقية، وجلب الاستثمارات الأجنبية والترويج للسوق الجزائرية".

•     تجسيد خطة الإنعاش الاقتصادي الجديدة لإزالة حالات "انسداد" استمرّت طويلاً، وهذه الخطة ستحافظ على الطابع الاجتماعي للدولة.

•     ضبط آجال تنفيذ مخطط الإنعاش الاجتماعي والاقتصادي الجديد حسب الأولويات والتكلفة اللازمة والأثر والمكاسب والمخاطر والصعوبات المرتبطة بتنفيذه وذلك عن طريق "اتخاذ تدابير عاجلة ذات آثار فورية".

•     تنفيذ خطة الإنعاش وفق رزنامة زمنية تمتدّ على المدى القصير (نهاية سنة 2021)، والمدى المتوسط بنهاية سنة 2024.

•     استبدال المنتجات المستوردة بالمنتجات المصنّعة محلياً، قصد احتواء استنزاف احتياطي الصرف وترقية نسيج المؤسسات الوطنية مع إيلاء اهتمام خاص للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، لاسيما الحاضنات وتثمين القدرات البشرية الـمبدعة والـمبتكرة بما في ذلك المتواجدة بالخارج.

•     التحضير للتحول الهيكلي للبيئة الاجتماعية والاقتصادية في سبيل تحقيق الفعالية والكفاءة الاقتصادية والاجتماعية، وتهدف إصلاحات واستراتيجيات التنمية على الـمدى المتوسط، إلى تنفيذ واستكمال عمليات الانتقال اللازمة.

•     مراجعة قاعدة 51/49 وإلغاء حق الشفعة واستبدالها بالترخيص المسبق من الحكومة، مع إلغاء إلزامية اللجوء إلى التمويل المحلي بالنسبة للاستثمارات الأجنبية وإلغاء النظام التفضيلي لاستيراد مجموعات SKD / CKD.

•     إعادة تأهيل الخدمة العمومية، وتوسيع القاعدة الضريبية، وتعبئة الـموارد ورقمنة الإدارة الضريبية، مما سيسمح بمكافحة الاحتيال الضريبي بشكل فعال.

•     معالجة مسألة العقار الصناعي التي ظلّت تشكل أحد أهم القيود التي يواجهها المستثمرون، بهدف ترشيد الانتشار الإقليمي للتنمية الصناعية واستغلال العقار الاقتصادي.

مخططات طموحة حقّقت "المعجزة"

منذ أيام حكمه الأولى، أقرّ رئيس الجمهورية سلسلة اجراءات استعجالية للنهوض بالاقتصاد الوطني واعطاء دفعٍ للاستثمار، وهذا من خلال إطلاق مجموعة مخططات طموحة لإنعاش الاقتصاد وتحقيق الرفاه الاجتماعي في مواجهة تحديين كبيرين، تمثّل الأول في استمرار تراجع أسعار النفط، فيما اتصل الثاني بتداعيات تفشي جائحة كورونا، ورغم حساسية الظرف، إلاّ أنّ السلطات استطاعت تلبية الحاجيات الأساسية وتحصين التوازنات العامة، كما عرفت فترة الأربع سنوات، انضمام الجزائر إلى المنطقة الإفريقية للتبادل الحر، في خطوة تعدّ مكسبًا هامًا بوسعه إعطاء دفع قوي لتجارة الجزائر الخارجية.

وأتى ما تقدّم ثمرة ليُسهم في توسيع رقعة النمو واقتصاد المعرفة وتنويعهما، ووضع سياسة تصنيع جديدة موجهة نحو الصناعات المصغرة والمتوسطة والناشئة، في هذا الشأن، أمر رئيس الجمهورية بتطوير النسيج الاقتصادي وجلب القيمة المضافة، كما وجّه رئيس الجمهورية لتجسيد خطة الإنعاش الاقتصادي الجديدة، وتحصين الطابع الاجتماعي للدولة.

وفي الحادي والثلاثين من أكتوبر 2021، أمر رئيس الجمهورية بإعادة تقييم اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي "بنداً بنداً وفق نظرة سيادية تقتضي مبدأ "رابح-رابح"، قبل أن يعلن بتاريخ السبت الرابع من ديسمبر 2021، عن اتخاذ عدة خطوات ملموسة واستعجالية لإحداث "ثورة صناعية حقيقية"، واعتمادًا على تجربته الزاخرة وتسييره الجماعات المحلية بلغة بسيطة صريحة، واصل رئيس الجمهورية إعطاء تطمينات للجزائريين على درب بناء الجزائر الجديدة".

وبتاريخ الخامس من أوت 2023، شدّد رئيس الجمهورية على أنّ ما حققّته الجزائر اقتصادياً، يشكّل معجزة بكل المقاييس، وأبرز رئيس الجمهورية أنّ ما حققته الجزائر في أعوام قليلة، تجاوز ما جسّدته دول برمتّها في أربعين سنة، مركّزاً على أنّه لأول مرة منذ استقلال الجزائر، "صرنا ننتج الزيت وسنفعل أيضاً مع السكر".

وأشار رئيس الجمهورية إلى "تحقيق الكثير من المنجزات رغم أنّها لم تكن محل طلب من أي كان، وهذا انطلاقاً من الحرص على إعادة تقسيم ثروات البلاد بين المواطنين بالإنصاف".

وأضاف أنّ الدولة تعمل على إعادة بناء اقتصاد عصري يستجيب لحاجيات المواطنين ويعزّز استقلال الجزائر، مسجّلاً أنّ مجلس ضبط الواردات سيعنى بالتحكم في الواردات قياساً بالإنتاج الوطني، على نحو يضمن الحفاظ على استقلالية الوطن وتلافي أي ذهاب إلى البنك الدولي، كاشفاً عن استعداد السلطات لمنح قروض تصل التسعين بالمائة من قيمة الاستثمارات المنتجة.

الناتج المحلي يقفز إلى 245 مليار دولار

أعلن رئيس الجمهورية عن إنشاء المحافظة السامية للرقمنة التي ستوضع على مستوى رئاسة الجمهورية، والتي ستقوم بهذا الدور الهام، مبرزاً أنّ رقمنة الاقتصاد بشكل كامل تسمح بتوفير جميع المعطيات الضرورية لاتخاذ القرار.

ولدى تطرقه إلى أهمية تنظيم الاقتصاد الجزائري، سجّل رئيس الجمهورية أنّ الاعتماد على الرقمنة سيمنح نظرة أكثر دقة على إمكانيات الاقتصاد الوطني، مشيراً إلى أنّ الجزائر لم ترد التصريح بأكثر من 225 مليار دولار كرقم رسمي للناتج المحلي الخام لسنة 2022، في حين أنه قد يتراوح في الواقع بين 240 أو 245 مليار دولار.

إلى ذلك، أكّد رئيس الجمهورية أنّ غالبية التزاماته الـ 54 أمام الشعب الجزائري تجسّدت على أرض الواقع، ويجري تنفيذ ما تبقى من هذه الالتزامات في إطار بناء الجزائر الجديدة، تعزيزاً لقوة الدولة للدفاع عن المواطن ومصالحه.

وحرص رئيس الجمهورية على إبراز الأشواط الكبيرة التي قطعتها الجزائر الجديدة في مختلف القطاعات، رغم بعض الانتقادات غير المؤسسة والمحاولات اليائسة للعودة إلى الماضي و"تلك فترة لن تعود أبداً"، مشدّداً على أنّ "الدولة أصبحت قوية للدفاع عن المواطن ومصالحه وليس للتسلّط عليه".

صعود احتياطي الصرف الأجنبي

ارتفعت احتياطات الصرف الأجنبي للجزائر إلى 73 مليار دولار بنهاية عام 2023، صعوداً من 61 ملياراً في ديسمبر 2022، ثمّ 66 مليار دولار في مارس 2023، مع إمكانية بلوغ احتياطي الصرف الإجمالي، باحتساب الذهب، مستوى الـ 85 مليار دولار في أواخر سنة 2023.

وبلغت نسبة النمو عام 2023، حدود 5.3 بالمائة مقابل 4.7 بالمائة عام 2022، في وقت يُتوقع أن يسجل الميزان التجاري فائضا بنحو 11.3 مليار دولار في 2023، بصادرات إجمالية تقدّر بـ 52.8 مليار دولار، وواردات عند 41.5 مليار دولار.

من جهته، بلغ الناتج المحلي الإجمالي للجزائر 224 مليار دولار سنة 2023، وأتى ذلك مدفوعاً بتسارع النمو خارج المحروقات بـ 4.9 بالمائة سنة 2023، مقابل 4.3 بالمائة سنة 2022.

واللافت، أنّه لم يعد للدين الخارجي وجود في المشهد الاقتصادي الجزائري، فرغم ارتفاع أسعار الواردات، تمّ السيطرة على التضخم الذي بلغ 9.5 بالمائة حتى جويلية 2023، وسط توقعات بتراجعه إلى 7.5 بالمائة نهاية عام 2023.

المؤسسات الناشئة ... القاطرة الجديدة للتنمية

في الـ 48 شهراً المنقضية، قطعت الجزائر أشواطاً كبيرة في مجال المؤسسات الناشئة، وبعدما انطلقت الجزائر "من الصفر" في ميدان المؤسسات الناشئة والمقاولاتية والابتكار، هي اليوم في الصف السادس إفريقياً، من خلال استيعابها 5 إلى 6 آلاف مؤسسة ناشئة.

وأبرز رئيس الجمهورية، الهدف في "خلق جيل جديد من المقاولين، جيل جامعي نزيه ووطني لا نشك في وطنيته والذي سينطلق بالجزائر نحو العولمة"، مشيداً بالقدرات التي أبانت عنها المؤسسات الناشئة في مجال الخدمات المبتكرة ومساهمتها في تطوير صادرات البلاد، مستدلاً بتمكّن إحدى هذه المؤسسات "بعد تسعة أشهر من إنشائها من تصدير ما قيمته 200 مليون دولار".

وفي السادس عشر من نوفمبر 2023، أمر رئيس الجمهورية، الوزير الأول نذير العرباوي ووزير اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمؤسسات المصغرة ياسين وليد بمرافقة وحماية المؤسسات الناشئة.

وأشاد رئيس الجمهورية بالقدرات التي يتحلى بها الشباب الجزائري، لاسيما أصحاب المشاريع المبتكرة والمؤسسات الناشئة التي تتطلع بهم الجزائر لتكون رائدة قارياً في الميدان، مؤكدا أنهم يشكلون قاطرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.

وحيا رئيس الجمهورية الإنجازات التي وصلت اليها المؤسسات الناشئة الجزائرية وروح الابداع والابتكار التي تميزها، مبرزا ما توصلت إليه احدى المؤسسات الناشئة الجزائرية التي تساهم في تصنيع مركبات الأقمار الاصطناعية وتصدر منتجاتها، محيلاً على أنّ قطاع اقتصاد المعرفة يعكس صورة الجزائر "المبتكرة والخلاّقة للثروة والتي تفرض الاحترام بشكل أكبر".

وأضاف رئيس الجمهورية أنّ مبادرات الشباب الخلاقة في مجال المقاولاتية تبعث على الاطمئنان على مستقبل الجزائر، حاثاً السلطات العمومية ورجال الاعمال ومجلس التجديد الاقتصادي الجزائري الى المرافقة والتكفل بالمقاولين الشباب.

وقال إنّ ميدان المؤسسات المصغّرة في الجزائر لطالما كان يكتسي طابعاً اجتماعياً فقط بالنسبة للدولة غير انه أضحى اليوم بمثابة قاطرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.

وبفضل العديد من الإجراءات التي اتخذت خلال الثلاث سنوات الأخيرة، طوّرت الجزائر بشكل كبير من ترتيبها على الصعيد القاري في مجال المؤسسات الناشئة ومناخ المقاولاتية والابتكار.

هذا التحسن الذي يعكس التطور الاقتصادي الذي تعرفه الجزائر، وتطلعها لأن تكون من "الرواد" دولياً في نشاط المؤسسات الناشئة والمبتكرة، لما تنطوي عليه المسألة من آثار إيجابية في خلق الثروة والدفع بتنمية الاقتصاد الوطني الى الأمام.

طفرة طاقوية وشريك موثوق

نجحت الجزائر في تحقيق طفرة قوية منذ عام 2019، وصلت إلى 159 تريليون قدم مكعّب من موارد الغاز الطبيعي، و12.2 مليار برميل من احتياطيات النفط، وبإنتاج لامس نحو 970 ألف برميل من النفط، و9.9 مليارات قدم مكعّبة من الغاز يومياً.

وسجّلت إيرادات صادرات الجزائر من النفط والغاز نحو 38 مليار دولار بين جانفي وسبتمبر 2023 بمتوسط سعر قدره 82 دولاراً للبرميل، بعدما بلغت إيرادات صادرات المحروقات 59.5 مليار دولار في 2022، بمتوسط سعر قدره 104 دولارات للبرميل، وبزيادة قدرها 69% مقارنة بالإنجازات المسجلة في سنة 2021.

ونجح مجمّع سوناطراك في تحقيق عشرة اكتشافات نفطية خلال التسعة أشهر الأولى من عام 2023، لتُضاف إلى 16 اكتشافًا معلناً خلال 2022، بما يدعم استراتيجية الجزائر الرامية إلى زيادة احتياطيات الهيدروكربونات، للوفاء بالتزاماتها التعاقدية وزيادة إيرادات البلاد، في وقت يستمرّ العمل على زيادة رقعة الاستكشاف ووضع حقول جديدة على خطوط الإنتاج، من أجل تأمين احتياجات عملائها من النفط والغاز.

وفي إطار سياسة الجزائر الرامية إلى تحقيق الأمن الطاقوي على المدى الطويل، جرى تقييم إمكانات تنفيذ 26 اتفاقية دراسات خاصة بالمحروقات غير التقليدية وفي عرض البحار والمحروقات التقليدية، كما تمّ توقيع 4 عقود جديدة لاستغلال حقول النفط في الجزائر بين مجمع سوناطراك والشركات النفطية الكبرى، منها عقدان يسمحان برفع الإنتاج في الحقول المعنية من ستين ألفاً إلى 100 ألف برميل يومياً من النفط المكافئ بحلول عام 2026.

ويلوح أفق الجزائر الطاقوي واعداً، في ظلّ برنامج استثماري ضخم تنفذه سوناطراك، ويقوم على استثمار 40 مليار دولار بين عامي 2023 و2027، منها 30 مليار دولار في مجال استكشاف النفط والغاز وإنتاجهما، بهدف رفع الإنتاج على المديين القصير والمتوسط.

وجرى وضع مستودع التخزين في ولاية سيدي بلعباس بقدرة 180 ألف متر مكعب حيز الاستغلال، بينما يُتوقع استكمال وضع قدرات تخزين أخرى حيز الخدمة بحلول نهاية 2023، لا سيما في الخروب (ولاية قسنطينة)، بقدرة تخزين تصل إلى 172 ألف متر مكعب، وفي ولاية الأغواط (6 آلاف متر مكعب)، في حين يجري استكمال برنامج إنجاز محطات البنزين على الطرق السريعة، بوضع 34 محطة حيز الخدمة من أصل 42 محطة مقررة، و7 محطات متنقلة.

وإلى غاية نهاية سبتمبر 2023، تمّ وضع قدرة إضافية لإنتاج الكهرباء بلغت 604 ميغاواط، وتدعيم شبكات النقل والتوزيع بإنجاز 5096 كيلومتراً، و1260 محطة كهربائية وما شابهها، ناهيك عن 805.5 كيلومترات، و119 محطة للغاز، وجرى ربط 32 موقعًا بالكهرباء، و28 موقعًا بالغاز بالنسبة إلى المدن الجديدة والأقطاب الحضرية، وربط 1100 مستثمرين بالكهرباء، و437 بالغاز، و28 منطقة صناعية بالكهرباء، و19 منطقة بالغاز.

وسمحت الجهود بإنجاز 3047 ألف مشروع كهربائي بالمناطق المعزولة، بما مكّن من ربط 78.898 ألف مسكن، و2770 ألف مشروع بالغاز، أي ربط 276.304 ألف مسكن.

وضمن استراتيجية تطوير الطاقة المتجددة في الجزائر، تواصلت عملية ربط المستثمرات الفلاحية، إذ جرى ربط ألفي هكتار وتوفير الإنارة بالطاقة الشمسية عبر 5 آلاف نقطة، وربط العديد من النقاط الفردية الخاصة بالاستهلاك الذاتي، منها 240 مدرسة ابتدائية، و2536 منزلاً فردياً، و965 بئراً.

وتمّ توسيع مجال الفاعلية الطاقوية من خلال مواصلة تحسينها في الوحدات الصناعية بنسبة 57% من إجمالي 39 مشروعاً، إضافة إلى إنجاز 39 خريطة جيولوجية، و10 خرائط تخص الثروات المعدنية والمحاجر، والمناجم القديمة واستغلال الذهب التقليدي، كما تمّ إحراز تقدم في برنامج البحث المنجمي بوصوله إلى المرحلة الثالثة، التي تخص 15 مشروعًا بميزانية قُدرت بـ 1.3 مليار دينار.

ولدى زيارته الجزائر، حرص رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشال، على إبراز مكانة الجزائر الاستراتيجية، وتصنيفها "شريكاً موثوقاً في مجال الطاقة"، مشدّداً على ضرورة مراجعة اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي من خلال تحديد الأولويات المشتركة بما يعود بالمنفعة المشتركة على الطرفين.

وأوضح ميشال: "التعاون الطاقوي أمر أساسي فعلاً في ظل الظروف الدولية التي نشهدها إذ نرى في الجزائر شريكاً موثوقاً ووفّياً وملتزماً".

استثمار الهيدروجين الأخضر يدفع إلى الاقتصاد الأخضر 

سمحت الإرادة السياسية للسيد رئيس الجمهورية بتجسيد مشروع سولار الذي سينطلق مطلع عام 2024، وسط توقعات بإنتاج نحو ألفي ميغاواط من الكهرباء منتصف سنة 2025، وسيتم إنتاج ألواح شمسية مصنّعة جزائرياً، مع التشديد على أنّ "سولار 1000" هو بداية فقط، في ظلّ تخطيط الجزائر لمشروع أكبر يتعلق بالاقتصاد الأخضر.

ويشمل مشروع "سولار" 11 ولاية معظمها في الجنوب، بكلفة إجمالية تصل 171.7 مليار دينار (ما يعادل 1.175 مليار دولار)، ويستهدف المشروع توليد 15 ألف ميغاواط من الكهرباء النظيفة بحلول عام 2035.

ووجّه رئيس الجمهورية لتسريع تصنيع وتحويل الهيدروجين الأخضر بالجزائر عبر إنتاج الأمونياك ومنتجات أخرى تحتاجها الفلاحة على سبيل المثال لا الحصر، خصوصاً مع التغيّر الذي تشهده الجزائر، ما يسمح بالتنويع الاقتصادي، سيما مع توفر الغاز الطبيعي الذي يشكّل أفضلية تنافسية جدّ هامة، وهذا ما سيشجّع المؤسسات الأجنبية على القدوم للاستثمار في الجزائر. 

السرعة القصوى في تنفيذ المشاريع الاستراتيجية الكبرى

أشرف رئيس الجمهورية، يوم الخميس الثلاثين من نوفمبر 2023 بولاية تندوف، على وضع حجر الأساس لمشروع مصنع المعالجة الأولية لخام الحديد المستخرج من منجم غارا جبيلات، وهو أكبر استثمار منجمي في الجزائر منذ الاستقلال.

وعلاوة على مساهمته المرتقبة في خلق 25 ألف منصب عمل مباشر و125 ألف منصب غير مباشر، فإنّ المشروع المندمج لمنجم غارا جبيلات، سيعرف تشييد مرافق سكنية واجتماعية، بما فيها تلك الخاصة بالمدينة المنجمية لغارا جبيلات.

وستمكن التقنيات المستعملة في المعالجة من الوصول إلى قيمة استرجاع الحديد الخام بنسبة 85 بالمائة بفضل عمليات الفصل المغناطيسي الجاف التي تسمح برفع نسبة الحديد مع تقليل نسبة الفوسفور إلى 0.68 بالمائة.

وستسمح نشاطات تطوير واستغلال المشروع المنجمي المهيكل والاستراتيجي ككلّ، بخلق حركية اقتصادية كبرى ليس فقط في منطقة الجنوب الغربي للبلاد بل عبر كافة مناطق الوطن، لأنّه سيساهم في تطوير القطاع المنجمي الوطني وتسريع مسعى تنويع الاقتصاد وترقية الصادرات خارج المحروقات.

ومن المرتقب أن تصل طاقة المنجم بين عامي 2026 و2040، إلى ما بين 40 و50 مليون طن سنويا مع تشغيل الخط السككي المنجمي غارا جبيلات – بشار والذي سيمتد على طول 950 كيلومتراً.

ويشرف على استغلال المنجم، الذي يندرج ضمن سياسة الدولة لبعث قطاع المناجم لتنويع الاقتصاد الوطني ودفع التصنيع، الشركة الوطنية للحديد والصلب (فيرال) التابعة للمجمع الصناعي المنجمي (سوناريم) بالشراكة مع الائتلاف الصيني (سي ام اش).

ويتم نشاط تثمين واستغلال المنجم، الذي انطلق منذ أكثر من سنة، على مستوى المنطقة الغربية للمنجم التي تضم احتياطات قدرها 1.7 مليار طن، أي ما يفوق نصف الاحتياطي الاجمالي.

ويفتح منجم غارا جبيلات آفاقاً اقتصادية وتنموية "كبيرة" للجزائر، وسط اهتمام رئيس الجمهورية بتعجيل انطلاق إنجاز مصنع بشار للصلب وقضبان السكك الحديدية والهياكل المعدنية، على أن يكون جاهزاً في سبتمبر 2026.

ويندرج انجاز هذا المركب الذي سيقام بالمنطقة الصناعية "توميات" بولاية بشار، باستثمار قوامه 1 مليار دولار، في إطار الاستغلال المدمج للمنجم من خلال جملة من المنشآت والبنى التحتية على غرار خط السكك الحديدية غارا جبيلات – بشار، ومصنع المعالجة الأولية لخام حديد غارا جبيلات.

واعتبر رئيس الجمهورية أنّ مشروع غارا جبيلات يمثّل "بشرى" لمنطقة الجنوب الغربي، منوّهاً بـ "التطور الكبير" الذي تشهده صناعة الحديد والصلب في الجزائر، وأوضح أنّ منتجات الجزائر على غرار حديد البناء صارت مطلوبة ومرغوبة في الأسواق الدولية، خصوصاً من إفريقيا وأوروبا وآسيا وهذا بفضل مصنعي وهران وبلاّرة (جيجل).

ووفق بيانات المجمع الصناعي المنجمي (سوناريم)، ارتفع الانتاج السنوي للجزائر من الصلب، لاسيما عبر مركبات الحجار وبلارة (جيجل) وبطيوة (وهران) إلى 6 ملايين طن سنة 2023 مقابل 1 مليون طن سنة 2013، وسط توقعات بتضاعف الإنتاج إلى 12 مليون طن في أفق 2026.

حيوية الفلاحة الصحراوية

بالتزامن مع اهتمام رئيس الجمهورية بتطوير الصناعات الغذائية وتثمين الموارد الصيدية، من أجل ضمان الأمن الغذائي وتطوير صناعة حقيقية للأدوية، شهدت الأربع سنوات الأخيرة ايلاء "اهتمام خاص" للتنمية الفلاحية والريفية، ما سمح بتفعيل 42 ألف مستثمرة فلاحية في الصحراء الجزائرية الكبرى. 

ضمن هذا السياق، جرى وضع قرابة 170 ألف هكتار من الأراضي الصحراوية تحت تصرف المستثمرين في مجال الفلاحة، عبر ديوان تنمية الفلاحة الصناعية في الأراضي الصحراوية، حسب قرار وزاري مشترك نشر في الجريدة الرسمية رقم 54.

ويتعلق الأمر بـ 24 قطعة متواجدة بكل من ولايات ورقلة وإليزي بمساحة تبلغ 51 ألف هكتار، و20 قطعة (عقار) متواجدة بولاية أدرار بمساحة 47.600 هكتار و43 قطعة بمساحة 71 ألف هكتار متواجدة بولاية غرداية.

وتمّ تحويل هذه المحفظة العقارية إلى ديوان تنمية الزراعة الصناعية بالأراضي الصحراوية من أجل ضمان تسييرها وترقيتها عن طريق الاستصلاح في إطار الامتياز، علماً أنّ إجراءات منح الامتياز خضعت كلياً للرقمنة.        

وحُظيت الفلاحة الصحراوية بجرعة لافتة عبر تجسيد عشرات المشاريع في ميداني الزراعة الصحراوية والسهبية، وتشير الأرقام إلى مئات المشاريع الاستثمارية في الصحاري، ضمن تصور متعدد لا يكتفي بترقية الزراعات الاستراتيجية، بل يُعنى كذلك بالطاقات المتجددة واستخداماتها في استصلاح الأراضي والري الزراعي بالمناطق الصحراوية، والخوض في تربية المائيات والمربى والعسل، إلى جانب استغلال التمور بمختلف أنواعها، وصولاً إلى تربية الدواجن واستثمار المياه الجوفية.

وكان المجال متاحاً أيضاً لإنتاج زيت الزيتون والعسل والطماطم والفلفل والفاصوليا والبرتقال والليمون والحليب ومشتقاته والدقيق والعجائن الغذائية، إضافة إلى مشتقات النخيل التي تشكّل مجالات خصبة للحرف والصناعات التقليدية في الجنوب كالحياكة والطرز والدباغة وغيرها.

وشهدت الفترة ما بين 2019 و2023، استغلال الواحات والأراضي الصحراوية القابلة للاستغلال زراعياً، في خطة تطمح إلى خلق أنشطة زراعية بوسعها استيعاب الآلاف من الشباب العاطلين على مستوى ثلاثة عشر ولاية: الأغواط، الجلفة، المدية، ورقلة، بسكرة، غرداية، أدرار، النعامة، جانت، تمنراست، البيض، الوادي، إليزي، بشار، وتندوف.

وتحتوي هذه المناطق على مواد زراعية متنوعة كالتمور الجافة مثل الدقلة البيضاء، والتمور اللينة كالغرس والرطب ودقلة نور ذات السمعة العالمية.

وتشير مراجع متخصصة إلى توفر الصحراء الجزائرية على مساحات خضراء تعدّ مشتلة لاستزراع أنواع شتى، إلى جانب تهيئة البحيرات بمنطقة ورقلة لتربية المائيات، وأسهم نجاح تجربة أولى تمّ خلالها استزراع 6800 من بيض أسماك "الشبوط" و"البلطي" عبر 13 حوضا، في إغراء مستثمرين خواص بجدوى تعميم التجربة وممارستها بكثافة نشرها على امتداد الولايات.

ويقوم المخطط على استغلال كل نقاط المياه البحرية والعذبة لبعث مزارع مائية، فضلا عن توظيف الوديان والسبخات، واستغلال أحواض السقي وعموم المسطحات المائية الطبيعية والاصطناعية في تربية أسماك يكثر الطلب عليها محليا، وتتميز بفائدتها الغذائية الصحية بينها بلح البحر والجمبري.

وباتت الفرصة مواتية لبعث برنامج الزراعات الزيتية، مع التركيز على انتاج الشمندر السكري وزيت المائدة، لذا جرى إطلاق 70 مزرعة نموذجية وثلاثة آلاف وحدة مضاعفة الحبوب، ومائتي وحدة مضاعفة بذور البطاطا، إضافة إلى مائتي مشتلة معتمدة، ناهيك عن المعاهد التقنية والمراكز الزراعية التي ستُعنى رأسا ببرامج انتقائية في مجال الحبوب والأعلاف والبقول وزراعة الخضر والكروم وتربية الأبقار والأحصنة والجمال.

ويثمّن خبراء الانفتاح الحاصل على الزراعتين الصحراوية والسهبية في الجزائر، بالنظر إلى حجم الثروات المتوفرة في صحاري وسهوب بلاده التي تكتنز أنواعا من الخضروات والحمضيات والتمور والمنتجات البقولية، بجانب ما تحتوي عليه من مساحات شاسعة تسمح بتفعيل تربية المواشي وتنمية المناطق الجافة وشبه الجافة.

وستكون للمخطط نتائج نوعية على الصعيدين الاقتصادي والسياحي، ويمهّد لدفع الاستثمارات خارج قطاع المحروقات، خصوصا مع تموقع الزراعة الصحراوية والسهبية كبديلين حيويين، تبعا لامتلاكهما مقومات النجاح الاقتصادي الأكيد، كما أنّ الانفتاح على الزراعتين الصحراوية والسهبية سيسهم كثيرا في المستقبل الاقتصادي والاجتماعي للمناطق السهبية والجنوبية، وجني ثمار العمل في آفاق العام 2025.

الجزائر تتصدر إفريقيا في تحلية مياه البحر

في ظرف قصير، صارت الجزائر "الأولى إفريقياً، والثالثة عربياً، في مجال تحلية مياه البحر"، عبر سلسلة مشاريع لمحطات تحلية مياه البحر الحالية عبر خمس ولايات، ما سمح بتوفير ما مجموعه 1.4 مليار متر مكعب، وأشار رئيس الجمهورية إلى أنّ الهدف هو رفع القدرات الإنتاجية إلى 2.5 مليار متر مكعب من المياه المحلاّة من أجل القضاء تماماً على مشكلة شح المياه.

ولفت رئيس الجمهورية إلى مخطط لضمان الأمن المائي عبر سلسلة مشاريع جارٍ إنجازها تتعلق بمحطات تحلية مياه البحر، بما سيكفل ضمان انتظام التزويد بالمياه الشروب لمدة لا تقلّ عن الخمسة عشرة سنة.

وتابع رئيس الجمهورية أنّ "توفير الماء الشروب سيبقى "أولوية أولويات" السلطات العمومية"، مضيفاً أنّ مشاريع تحلية المياه الجاري انجازها حالياً تشكّل الحل الوحيد لضمان التموين العادي بالماء الشروب بشمال البلاد، في حين سيتم اللجوء في مناطق الجنوب إلى إنجاز مشاريع جديدة للتحويلات المائية الكبرى.

وشرح: "لو نضطر، سنلجأ إلى انجاز مشاريع تحويل المياه من تيميمون إلى بشار على غرار مشروع تحويل المياه من إن صالح إلى تامنغست"، مؤكداً أنّ "الإمكانيات متوفرة لذلك سواء بالنسبة للتقنيين أو الموارد المائية"، في إحالة على ما تكتنزه الجزائر من المياه الجوفية.

ولاحظ رئيس الجمهورية أنّ شحّ المياه صار في السنوات الأخيرة إشكالية "عالمية" نتيجة التغيرات المناخية، مؤكداً أنه من الممكن مستقبلاً إطلاق مشاريع تحويل المياه من توات وقورارة وإن صالح لتزويد المناطق الجنوبية المجاورة، مؤكداً وضع رزنامة تكفل رفع نسبة استعمال المياه المعالجة في الري، مشيراً إلى أنّ استعمال هذا النوع من المياه في الجزائر "لم يتعدّ نسبة الـ 10 بالمائة".

التزام بترقية شبكة السكك الحديدية

جدّد رئيس الجمهورية التزامه بتوسيع شبكة السكك الحديدية لأنها فعّالة اقتصادياً وضامنة للتنمية والحيوية، وسجّل أنّ المسألة تشكّل "أحسن ضمانة للتنمية" في البلاد، لاسيما بالنسبة لمناطق الجنوب، مضيفاً أنّ الجزائر ستطلق برنامجاً مع شركاء صينيين لمدّ خطوط نقل بالسكك الحديدية بطول يقارب الستة آلاف كيلومتر.

وأبرز رئيس الجمهورية أنّ الصين "شريك موثوق" للجزائر، مشيراً إلى أنّ الرئيس الصيني، شي جينبينغ، أبدى ثقته في التوجه الجديد الذي تنتهجه الجزائر.

وأضاف رئيس الجمهورية أنّ الجزائر مستعدة لإنشاء شركات مختلطة مع الجانب الصيني، مبرزا ضرورة "القيام بدراسة دقيقة لكافة المشاريع بين البلدين"، لاسيما – مثلما قال – "نمرّ اليوم الى مرحلة التصنيع وانشاء شراكات متطورة".

رابح هوادف – ملتيميديا الإذاعة الجزائرية 

المصدر
ملتيميديا الإذاعة الجزائرية
تحميل تطبيق الاذاعة الجزائرية
ios