قضت المحاكمة الرمزية التي جرت أمس السبت بالرباط ضد التطبيع والمطبعين، بإدانة الحكومة المغربية على اتفاقها مع مجرمي حرب والتطبيع مع عصابة إجرامية، ومطالبتها بإلغاء ذات القرار وكل ما ترتب عنه من اتفاقيات وتقديم اعتذار علني أمام البرلمان، وتبليغ تراجعها عن القرار لجامعة الدول العربية وللأمين العام للأمم المتحدة.
جاء ذلك في الاحكام الصادرة أمس عن المحاكمة التي اجرتها الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع بمقر نادي هيئة المحامين بالرباط، توزع فيها المشاركون إلى مترافعين يقدمون دفوعاتهم ومرافعاتهم إلى رئيس المحكمة، وهيئة حكم تكفلت بتلقي الطلبات والاستماع إلى المرافعات و إصدار الحكم.
و أدانت المحاكمة، الحكومة المغربية ل"مشاركتها في انتهاك الشرعية الدولية لحقوق الإنسان، و اتفاقها مع مجرمي حرب والتطبيع مع عصابة إجرامية تعمل على ارتكاب الجرائم وعدم التبليغ على ارتكاب جرائم، وتبذير المال العام، وعدم مساعدة الناس في خطر، والمس بالسلامة الداخلية والخارجية للمغرب".
وذكرت وسائل اعلام محلية ان أطوار المحاكمة جرت بحضور وجوه وشخصيات بارزة ومعروفة بدفاعها المستميت عن القضية الفلسطينية، ورفضها الصارم لاتفاقية التطبيع بين المغرب وكيان الاحتلال الصهيوني، وكذا بمشاركة فاعلين من فلسطين.
وبعد الاستماع لمرافعات الدفاع وممثل الحق العام والنيابة العامة وممثل الحكومة المغربية وشهادة الشهود، وبعد اختلاء هيئة الحكم، التي تشكلت من النقيب عبد الرحيم بن بركة رئيسا والأستاذتين لطيفة البوحسيني والسعدية الضريس، للمداولة، أصدرت حكمها بإدانة الحكومة المغربية ودعوة الدولة إلى التراجع عن قرار التطبيع وكل الاتفاقيات التي أعقبته، مع تقديم اعتذار علني للشعب المغربي.
منطوق الحكم
وذكرت وسائل الاعلام أن هيئة الحكم أكدت بعد المداولة ان الادلة التي تم عرضها أمامها "قوية ومقنعة"، و أدانت المشتكي بهم لما قاموا به و ارتكبوه من أفعال منسوبة إليهم، والتي تمثلت أساسا في التواطؤ مع كيان مارس ويمارس مختلف الصور الواضحة لعمليات القتل والدمار في مخالفة صريحة للقانون الدولي والوطني.
ونوهت إلى مخالفة الحكومة المغربية للدستور وخصوصا فصوله 6 و19 و23 وهو ما يعد خروجا عن المشروعية، وخرقا لقواعد النظام العام الخاصة بحماية الأمن الإنساني للمواطنين والاستقرار ودولة القانون، وخرقا لالتزامات المغرب الدولية وخرقا لاتفاقية فيينا، ومشاركة في انتهاك الشرعية الدولية لحقوق الإنسان، و اتفاقا مع مجرمي حرب والتطبيع مع عصابة إجرامية تعمل على ارتكاب الجرائم وعدم التبليغ على ارتكاب جرائم، وتبذير المال العام، وعدم مساعدة الناس في خطر، والمس بالسلامة الداخلية والخارجية للمغرب.
وتمت إدانة ومؤاخذة الحكومة على قرارها التطبيع مع كيان الاحتلال الصهيوني والحكم بفسخ وإلغاء كل الاتفاقيات التي تم إبرامها والاتفاق عليها منذ ذلك القرار واعتبارها غير مشروعة وكأنها لم تكن، وكذا إلغاء كل ما ترتب عن اتفاقيات التطبيع ماليا وسياسيا واقتصاديا.
وإلى جانب ذلك، قضت المحكمة على الحكومة المغربية بتقديم اعتذار علني للرأي العام يذاع في وسائل الإعلام العمومية لمدة شهر باللغة العربية والأمازيغية وثلاث لغات يختارها المشتكون.
وطالبت هيئة الحكم أيضا بطرد ممثلية الكيان المحتل من التراب المغربي، و إغلاق الحدود الجوية والبحرية والبرية مع الكيان الصهيوني، و إسراع الحكومة بعرض مشروع قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني، ومبادرتها إلى اتخاذ خطوات اعتقال مجرمي حرب الكيان.
كما قضت على الأشخاص والمؤسسات التي تورطت في التطبيع سواء كان اقتصاديا أو ثقافيا أو سياحيا بفسخ كل تلك العقود التي حررت ووقع الاتفاق عليها.
ضرورة إطلاق سراح مشروع قانون تجريم التطبيع
ففي مرافعة حقوقية وقانونية، طالب الناشط سيون أسيدون، الدولة المغربية بوقف هذه الاتفاقية و إلغاء القرار، كما طالب بإغلاق مكتب الاتصال مع هذا الكيان، وضرورة إطلاق سراح مشروع قانون تجريم التطبيع الذي سبق أن تقدمت به أربعة فرق برلمانية ومازال مجمدا إلى اليوم.
أما الرئيس السابق للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، عبد القادر العلمي، فقال بأن تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني "جريمة مكتملة الأركان"، إذ هي "تبييض وتزكية لجرائمه اللامتناهية التي يمارسها بحق الشعب الفلسطيني".
وبعد ان عدد الصور التي لا تحصى لجرائم الاحتلال، ختم العلمي مداخلته باستخلاص أن "أي تطبيع مع هذا الكيان الإجرامي هو تزكية وتشجيع له على مزيد من الاجرام في حق الفلسطينيين، بل تنكرا صارخا لكل القيم الإنسانية"، مضيفا ان "الأدهى، أن يصل التطبيع إلى حد التحالف العسكري مع هذا الكيان، مما يهدد الأمن القومي للدول والشعوب العربية والإسلامية".
وقالت الأسيرة الفلسطينية المحررة، خالدة جرار، خلال مشاركتها في المحاكمة الرمزية للتطبيع والمطبعين إن "التطبيع دعم عملي للاحتلال الذي يرتكب كل أشكال الانتهاكات بحقوق الأسرى والأسيرات"، معتبرة أنه يشكل "غطاء لتجميل وجه الاحتلال العنصري والفاشي"، وحكت عن مشاعر الغضب الكبير الذي اجتاح الأسرى الفلسطينيين وهم يتلقون خبر اتفاقيات التطبيع المتتالية.
وفصلت جرار القول في الحوادث التي تتعرض لها الأسيرات في سجون الاحتلال، حيث يجرى الاعتداء عليهن وقمعهن وضربهن وسحلهن ونزع الحجاب عنهن، مع عزل الأسيرات من قيادات المقاومة.
وقد حولت الإدارة سجنهم إلى مكان للقمع المتواصل، من خلال المنع من زيارة العائلات والتواصل مع المحامين، مخاطبة المطبعين : "لا تكونوا شركاء لهذه الجرائم، ولا تشكلوا غطاء لها".