مأساة مليلية.. تنديد دولي واسع بهمجية الشرطة المغربية

المغرب
27/06/2022 - 16:05

تتوالى ردود الأفعال المدينة للهجوم الدموي للشرطة المغربية واستخدامها القوة المفرطة يوم الجمعة ضد مهاجرين غير شرعيين حاولوا اجتياز جيب مليلية الاسباني، الأمر الذي أسفر عن مقتل 23 مهاجرا إفريقيا و إصابة العشرات بجروح، حسب حصيلة رسمية.

و استنكرت العديد من الهيئات والمنظمات والأطراف السياسية والحقوقية الدولية، فظاعة المشاهد التي تم تداولها في فيديوهات صادمة على صفحات وحسابات مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، ونقلت تدخل الشرطة المغربية بقسوة واستخدامها القوة المفرطة وبصورة غير متكافئة ضد المهاجرين، كما وثقت جثث المهاجرين المكدسة فوق بعضها البعض، في مشهد يندى له الجبين.

وفي موقف شاجب للواقعة، أعرب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقي، عن صدمته من "المعاملة العنيفة والمهينة" للمهاجرين الأفارقة من قبل قوات الأمن المغربية خلال محاولتهم العبور نحو جيب مليلية الإسباني، مطالبا بإجراء تحقيق فوري.

ووصف موسى فقي، في بيان نشر على الموقع الالكتروني للاتحاد الإفريقي، صدمته ب"العميقة"، دون أن يخفي قلقه إزاء "المعاملة العنيفة والمهينة التي تعرض لها المهاجرون الأفارقة الذين حاولوا عبور الحدود الدولية من المغرب إلى إسبانيا، والعنف الذي أعقب ذلك والذي أدى إلى مقتل 23 شخصا وإصابة عدد آخر".

وفي السياق، دعا إلى "فتح تحقيق فوري"، مذكرا جميع الدول بالتزاماتها بموجب القانون الدولي الذي "يضمن معاملة جميع المهاجرين بكرامة، و إعطاء الأولوية لسلامتهم وحقوقهم الإنسانية، مع الابتعاد عن استخدام القوة المفرطة".

من جهتها، لم تخف مفوضة الشؤون الداخلية للاتحاد الأوروبي، إيلفا جوهانسون، قلقها إزاء هذا الهجوم الدموي، ودعت إلى ضرورة الرد بقسوة على هذا النوع من العنف الذي استخدم على حدود دولية.

و اعتبرت إيلفا جوهانسون في تغريدة على "تويتر"، الأحداث المأساوية التي شهدتها حدود مليلية، "مقلقة للغاية بسبب الخسائر في الأرواح البشرية (...)"، مشيرة إلى أن "هذه المأساة تسلط الضوء على الأسباب التي تجعلنا بحاجة إلى ايجاد طرق آمنة وواقعية وطويلة الأمد للتقليل من الهجرة غير النظامية الموجهة للفشل".

وكانت مفوضة الداخلية للاتحاد الأوروبي قد حذرت من قبل، من تساهل المغرب في تمرير المهاجرين غير النظاميين من حدوده مع مدينتي سبتة ومليلية، قائلة في هذا الشأن إن "الحدود مع سبتة هي أيضا حدود مع الاتحاد الأوروبي"، وحثت الرباط على الامتثال لالتزاماتها بضبط مرور المهاجرين غير الشرعيين وكبح "الوصول غير المسبوق للمهاجرين المغاربة" إلى المدينتين المتمتعتين بالحكم الذاتي.

كما طالبت منظمة "كاميناندو فرونتيراس" غير الحكومية المتخصصة في الهجرة بين إفريقيا وإسبانيا، في بيان لها، ب"فتح تحقيق قضائي مستقل على الفور من الجانبين المغربي والإسباني، وكذلك على المستوى الدولي لإلقاء الضوء على هذه المأساة الإنسانية".

وفي سياق ردود الفعل الدولية المنددة بالتدخل الوحشي لشرطة المخزن على المهاجرين غير الشرعيين، شجب ادواردو دي كاسترو، رئيس مليلية، تعامل الرباط "غير المناسب" مع المهاجرين الأفارقة، مضيفا أن "المغرب يسمح لنفسه القيام بأشياء معينة لن تكون مقبولة" في إسبانيا.

كما كتبت عضو في البرلمان الأوروبي من حزب اليسار الراديكالي "بوديموس"، إيدويا فيظلانويفا، عبر حسابها الشخصي "تويتر" : "التحقيق ضروري لتوضيح الحقائق وتحديد المسؤوليات".

إهمال السلطات المخزنية أدى إلى ارتفاع عدد الوفيات

ولم يقتصر استنكار التدخل الوحشي والعنيف لشرطة المخزن على الجهات الدولية، بل حتى من الداخل المغربي، على غرار الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (فرع الناظور)، التي أوضحت أن "الاقتحام جاء بعد يوم من اشتباك المهاجرين مع أفراد الأمن المغربي، الذين كانوا يحاولون إخلاء مخيمات أقاموها في غابة قرب مليلية".

و اعتبرت الجمعية أن إهمال السلطات المخزنية والإسبانية للمهاجرين "أدى بلا شك إلى زيادة عدد الوفيات"، حيث ظل عشرات المصابين بجروح خطيرة، حسبها، دون أي مساعدة لمدة 9 ساعات تقريبا، محاطين بالقوات العمومية في وقت كانوا في حاجة ماسة إلى رجال إنقاذ وسيارات إسعاف أو مسعفين في الموقع.

وفي السياق، استنكرت ما سمته "العنف المجاني" ضد الجرحى من المهاجرين الموجودين على الأرض، مكدسين أمام الجثث.

وطالبت الجمعية الحقوقية المغربية، شأنها في ذلك شأن العديد من المنظمات والأطراف السياسية في المغرب وإسبانيا، بفتح تحقيق مستقل في "كارثة" مقتل المهاجرين الأفارقة، والتي لم يشهد التاريخ مثيلا لها بالمغرب، لافتة الى أن "هذه الخسائر الفادحة" تدل على أن "سياسات الهجرة المتبعة مميتة، بحدود وحواجز تقتل".

يشار إلى أن الأنباء عن العدد الحقيقي للقتلى في هذه المجزرة المروعة، تضاربت، فبينما تحدثت صحيفة "الموندو" الإسبانية عن 27 قتيلا وحوالي 200 جريح، أكدت صحيفة "لارازون" الإسبانية أن العدد الحقيقي للضحايا هو 45 بين المهاجرين الأفارقة.