العالم يحتفل هذا الاثنين بيوم الطفل وسط تجاهل ملائكة غزة

أطفال غزة
19/11/2023 - 16:14

يحتفل العالم هذا الاثنين، باليوم العالمي للطفل المصادف للعشرين نوفمبر، وجرى إقرار هذا اليوم عام 1954 باعتباره مناسبة لتعزيز الترابط الدولي وإذكاء الوعي بين أطفال العالم وتحسين رفاهيتهم، في ظلّ محنة غير مسبوقة يتعرض لها أطفال فلسطين، وبشكل خاص في غزة جرّاء حرب الإبادة الجماعية التي يمارسها الكيان الصهيوني في القطاع منذ السابع من أكتوبر الماضي والتي يدفع الأطفال فيها ثمناً باهظاً.

يمثّل تاريخ 20 نوفمبر ذكرى اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة "لإعلان حقوق الطفل وللاتفاقية المتعلقة بها" والتوقيع في التاريخ من عام 1989 على الاتفاقية، التي تتضمن توفير مجموعة من المعايير العالمية الواجب أن تلتزم بها جميع البلدان حفاظاً على مصالح الأطفال وحقوقهم.

ومنذ عام 1990، يتمّ الاحتفاء باليوم العالمي للطفل، في مناسبة تنادي بالتمكين للأمهات وللآباء وللعمال في مجالات التعليم والطب والتمريض والقطاع الحكومي وناشطي المجتمع المدني وشيوخ الدين والقيادات المجتمعية المحلية والعاملين في قطاعي الأعمال والإعلام، فضلاً عن الشباب وكذلك الأطفال أنفسهم أن يضطلعوا بأدوار مهمة لربط يوم الطفل العالمي بمجتمعاتهم وأممهم.

ويتيح اليوم العالمي للطفل للبشرية جمعاء، الدفاع عن حقوق الطفل الأساسية والمتعلقة بالحياة والتعليم والصحة والمستوى المعيشي، وترجمتها إلى نقاشات وأفعال لبناء عالم أفضل للأطفال.

واقع مناقض تمامًا 

الواقع في بعض مناطق العالم يناقض تماماً الهدف المنشود، حيث أكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) أنّ الأطفال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يواجهون ارتفاعاً جديداً في أعمال العنف، مشيرة إلى أنّ عام 2022 شهد مقتل نحو 580 طفلاً بسبب النزاعات والعنف في عدّة دول بالمنطقة، بمعدل يزيد عن 10 أطفال كل أسبوع، كما أصيب عدد أكبر بكثير من هذا الرقم.

وفي تقرير لها، قالت اليونيسيف "إنّ الأطفال في المنطقة لا زالوا يعانون من الآثار المدمرة للنزاعات التي طال أمدها، والعنف المجتمعي، والذخائر المتفجرة ومخلّفات الحرب، والاضطرابات السياسية والاجتماعية الموجودة في العديد من الدول، بما في ذلك سوريا والأراضي الفلسطينية المحتلة واليمن وليبيا والعراق والسودان".

وأعربت المنظمة عن أسفها لاستمرار أن يدفع الأطفال ثمناً باهظاً للعنف خلال النزاعات، وشدّدت على ضرورة التزام الدول الأعضاء في اتفاقية حقوق الطفل، بحماية الأطفال في حالات النزاع والعنف وضمان حقهم في الحياة وحرية التعبير.  

ضحايا أكبر استهداف همجي في التاريخ 

يأتي الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الطفل هذا العام تحت شعار " لكل طفل، كل الحقوق" في وقت يتعرض فيه أطفال فلسطين عامة وفي غزة بشكل خاص لاستهداف شرس و ممنهج من قبل آلة الدمار الصهيونية التي لم تتواني في استخدام القوة المفرطة إزاء هؤلاء الأطفال العزل.

ويواجه الأطفال في الضفة الغربية والقدس وغزة، أنواعاً مختلفة من الانتهاكات لحقوقهم من طرف الاحتلال والتي لا تتوقف، بدءاً من الاعتقال  والقتل ومرورا بالحرمان من الدراسة و التعليم بفعل الحواجز والمعابر ونقاط التفتيش وتدمير المدارس والحرمان من أبسط مقوّمات الحياة منها الغذاء والماء والدواء والحق في التطبيب، و هو ما يحدث في غزة منذ السابع أكتوبر الأخير، وذلك في إطار سياسة ممنهجة يتبّعها الكيان الصهيوني للقضاء على الإنسان والوجود الفلسطينيين.

وفضحت الصور التي تناقلتها وسائل الإعلام الدولية و المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي مدى الفظائع و الشراسة التي يتعرض لها أطفال غزة الذين لم يسلم منهم حتى الرضع و الخدج، حيث أصبحوا مركز استهداف مباشر من قبل قوات الاحتلال.
اغتيال الطفولة في غزة.

وأثرّت تلك الاعتداءات المتعددة الأشكال والأساليب على الصحة النفسية والجسدية لهؤلاء الأطفال، وقيدت حرياتهم و"اغتالت طفولة مئات الأطفال الفلسطينيين جرحاً و قتلاً    واعتقالا و قضت على براءة أجيال كاملة جراء الحصار والعدوان المتكرر"، بحسب ما ذكرت بيانات وإحصاءات فلسطينية رسمية وحقوقية.

وفي السياق، صرّح مدير "برنامج المساءلة في الحركة العالمية للدفاع عن أطفال فلسطين"، عائد أبو قطيش: "إنّ أطفال غزة يواجهون صنوفاً عدة من الانتهاكات الصهيونية الخطيرة التي تنال من حقوقهم الأساسية كأطفال، وليس فقط الحق في الحياة، حيث يفتقر أطفال غزة للبيئة الآمنة نتيجة سنوات الحصار المتواصلة منذ نحو 17 عاماً، والتي تخللتها الكثير من جولات العدوان الصهيونية"، مشيراً إلى أنّ "سياسات الاحتلال العدائية شوهت حتى البيئة التي يفرض أن تكون آمنة كي ينشأ الطفل نشأة سليمة، يتمتع بها بكافة حقوقه".

بدورها، أكدت الناشطة الحقوقية في المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، مها الحسيني أنّ "الأطفال في غزة يعيشون صدمة مركبة وممتدة يزداد وقعها وآثارها خلال وبعد كل عدوان على القطاع"، ولعل صدمة العدوان الحالي والمستمر لليوم الـ44 "هو الأشرس من نوعه، وعليه يتوقع أن تكون آثاره "أشدّ وقعاً" على أطفال غزة، بحسب المنظمات الدولية المعنية بشؤون الطفولة.

سياسة الإفلات من العقاب

أكدت "جمعية الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال"، أنّ التحقيقات والأدلة التي جمعتها تشير بانتظام إلى أنّ "قوات الاحتلال تستخدم القوة المميتة ضد الأطفال الفلسطينيين في ظروف ترقى إلى القتل خارج نطاق القضاء أو القتل العمد، مستغلة سياسة عدم المساءلة والإفلات من العقاب التي تتمتع بها".

وكان استهداف قوات الاحتلال لمدرسة "الفاخورة" التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) شمالي قطاع غزة السبت اعتبر بمثابة " دليل آخر على استهداف مباشر للمدنيين وخاصة الأطفال في غزة بشكل متعمد وبلا رحمة" ، حيث استشهد أكثر من 6400 طفلاً فلسطينياً في غزة، بحسب المتحدث الإقليمي باسم "اليونيسف" سليم عويس، الذي أشار إلى أنّ "الأطفال يدفعون أغلى الأثمان" جرّاء العدوان الصهيوني المتواصل على القطاع  منذ السابع أكتوبر المنصرم الذي لم يسثن من القصف المستشفيات التي تأوي الأطفال.

ولفت المتحدث إلى أنّ نصف أطفال غزة كانوا يحتاجون للرعاية النفسية قبل العدوان الصهيوني الحالي تبعا لاعتداءات الكيان السابقة"، مشيراً إلى أنّ "الحل الفوري يكمن في حماية الأطفال من الصدمات النفسية بفعل العدوان".