تتويج شهر علولة بجمع 1000 كتاب

عبد القادر علولة
31/03/2024 - 14:58

كشف مدير مسرح وهران الجهوي، مراد سنوسي، اليوم الأحد، عن تتويج شهر علولة المسرحي بجمع ما لا يقلّ عن ألف كتاب .

برسم الذكرى الـ 30 لرحيل الممثل والكاتب والمخرج "عبد القادر علولة" (8 جويلية 1939- 14 مارس 1994)، احتضن مسرح وهران شهراً تكريمياً لروح علولة، وأحصى مسرح وهران زهاء ألف كتاب خاص بالطفولة أهداه الجمهور الذي تابع العروض المسرحية المبرمجة.

وكان دخول الجمهور لمتابعة الأعمال المسرحية بتقديم كل شخص لكتاب مقابل تذكرة بغية فتح مكتبة بمركز الأطفال المصابين بالسرطان "الأمير عبد القادر" بوهران الذي كان يزوره كثيراً عرّاب مسرح الحلقة.

وسبق لمسرح وهران أن ساهم أيضاً بفتح مكتبة بمستشفى الأطفال بحي المنزه وتدعيم مكتبة أخرى ببلدية قديل.

وشارك في شهر علولة المسرحي نحو مائتي فنان من مختلف ولايات الوطن وثمانية مسارح جهوية إلى جانب المسرح الوطني للجزائر العاصمة و 16 جمعية تنشط في الفن الرابع، وتمّ تقديم 26 عرضاً مسرحياً استقطب أكثر من ألفي متفرج.

وشهدت التظاهرة إقامة معارض حول أعمال الراحل عبد القادر علولة والفن التشكيلي، فضلاً عن عرض شريط وثائقي حول المسيرة الفنية لهذا الفنان وإقامة ندوة ويوم دراسي حول أعماله المسرحية من تنشط مسرحيين وأساتذة جامعيين مختصين.

النبراس

ترك الفنان الراحل عبد القادر علولة الذي يعتبر من أهم صنّاع الحركة المسرحية على مستوى الوطن وأحد مؤسسي مسرح الحلقة رصيداً ثرياً من الأعمال المسرحية والمواقف الحياتية، وشكّلت ذكرى اغتياله الـ 30 مناسبة لاستذكار نبراس ركحي متجدد نهض بالبحث في مرايا المسرح الشعبي جزائريًا ومغاربيًا، الذي اغتالته آلة الإرهاب الغادر، تاركًا ورائه 30 سنة حافلة.

وفي مجالس فكرية هادرة بالمساجلات، جرى التنويه إلى أنّ صاحب ثلاثية "الأقوال"، "الأجواد" و"اللثام"، اكتسب منزلة جعلته على الدوام عنصرًا فاعلاً داخل العروض وخارجها، وكان "علولة" يعرف كيف يستضيف الآخرين ويدعوهم لتفعيل الإبداع المسرحي، منطلقًا في ذلك من إرادة ورغبة قوية في تغيير الواقع من حوله نحو ما هو أفضل.

وأبرز الأكاديمي لخضر منصوري، أنّ الذين كانوا يعملون مع علولة، كانوا يستشعرون قدرة الرجل على استقراء أفكارهم والتعاطي مع تناقضاتهم وقدراتهم وتجاربهم الخاصة، ممّا مكّن علولة من اختراق هذه التجارب، قبل تفننه في تشريحها إبداعيًا.

بدوره، ركّز الأستاذ عبد الكريم غريبي على أنّ علولة سعى لتغيير مشاهدي عروضه، حيث ظلّ يتنقل من المسارح إلى المقاهي والمصانع والجامعات، في سياق بحثه عن قالب جديد يجعله يرى الأشياء بكثير من التمعن، والبحث عن نماذج وشخوص وأسئلة لا تزال دون إجابات.

ويتفق باحثون على أنّ علولة أرسى فكرًا جديدًا في الحركة المسرحية العربية، وشدّدوا: "لدى علولة تراث قصصي ذو طبيعة مسرحية، يصدر عن خيال مسرحي، وفهم متميز لمطالب المشهد، والموقف، والشخصية، وسائر عناصر البناء المسرحي، غير أنه كتب بأسلوب الحكاية (وليس الحوار)، لأنّ أسلوب الحكي كان الأسلوب المستقر والممكن، ولأنّ الأذن العربية هي الطريق المدرب لالتقاط الجمال (وليس العين)، ولأن التمثيل لم يكن نشاطاً فنياً اجتماعياً يتعامل مع المستويات الأدبية الكتابية".

وينقل معاصرون لابن حاضرة وهران (400 كيلومتر غربي الجزائر)، قول علولة في إحدى أماسي التسعينات: "ما يحزنني كثيرًا هو الدم الذي يسيل، وما يفرحني هي بسمات الأطفال"، هكذا قال علولة ولم يكن يدري أنّ أيادي الغدر تتربص به وأنّ دوره في مسرحية "الدم" قد حان، ليترك أطفال السرطان الذين كان يزورهم أيتامًا، ودون تجسيد مشروعه المسرحي "العملاق" الذي كان ينوي كتابته.

يُشار إلى أنّ علولة درس الدراما وفنون العرض بباريس، قبل أن يشرع في ممارسة المسرح في خمسينات القرن الماضي، وهو فتى صغير، ولمع نجمه بعد استقلال الجزائر، حيث أسهم في تأسيس المسرح الوطني، وكان السبّاق رفقة مواطنه "كاكي" لإدخال شخصية "المدّاح" أو "القوّال" (الحكواتي) العلامة الأبرز لمسرح الحلقة، حيث يتوجه "القوّال" إلى الجماهير في جوٍ حداثي موشى بنظرة اجتماعية ناقدة وفكاهة لاذعة جعلت المتلقين يتجاوبون بحماس مع العروض، تبعا لاعتمادها على الارتجال والفرجة ضمن حيز شعبوي حميمي يغرف من تراث الشعر الملحون والأقوال المأثورة.

رابح هوادف – ملتيميديا الإذاعة الجزائرية