قانون الصحافة المكتوبة والالكترونية ... مشروع يرمي إلى الاستجابة لتطلعات مهنيي القطاع

قانون الصحافة
20/12/2022 - 17:56

يرمي مشروع قانون الصحافة المكتوبة والالكترونية الذي سيعرض لاحقًا على نواب المجلس الشعبي الوطني للمناقشة والإثراء، إلى تعزيز الحرية والاحترافية في الممارسات الإعلامية, وهذا استجابة لتطلعات مهنيي قطاع الإعلام واقتراحاتهم المنبثقة عن المشاورات التي أجريت معهم.

يهدف هذا المشروع الذي يندرج في إطار تجسيد توجيهات رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون ، إلى ترقية جودة الخدمة الإعلامية وتعزيز الاحترافية في الممارسات الإعلامية من خلال إخضاع إنشاء النشريات الدورية أو الصحف الالكترونية لحيازة مدير النشر لشهادة جامعية إلى جانب الكفاءة والخبرة الفعلية وكذا ضمان التعددية الإعلامية ومنع التأثير المالي والسياسي أو الإيديولوجي لنفس المالك والسهر على ولوج المواطن إلى المعلومة عبر كامل التراب الوطني.

وسيساهم من خلال أحكامه الجديدة في تعزيز حرية الصحافة المكتوبة والصحافة الإلكترونية وحماية مهنيي وسائل الإعلام, كما يسعى إلى الاستجابة لتطلعات مهنيي القطاع من خلال الأخذ بعين الاعتبار انشغالاتهم واقتراحاتهم المنبثقة عن المشاورات التي أجريت معهم لاسيما ما يتعلق بتبسيط الإجراءات الإدارية عند إنشاء النشرية الدورية أو الصحف الالكترونية.

وفي هذا السياق, يقترح المشروع إخضاع النشرية الدورية والصحف الالكترونية لنظام التصريح, وهذا تكريسا لأحكام المادة 54 من دستور سنة 2020, كما يحدد مهام سلطة ضبط الصحافة المكتوبة والصحافة الالكترونية المنشأة بموجب القانون العضوي المتعلق بالإعلام في مجال ضبط نشاط الصحافة المكتوبة والصحافة الالكترونية.

وفي حالة الإخلال بأحكام هذا النص, يمكن لسلطة ضبط الصحافة المكتوبة والصحافة الالكترونية إخطار الجهات القضائية المختصة قصد التوقيف المؤقت أو التوقيف النهائي لنشاط النشريات الدورية والصحف الالكترونية مع منحها إمكانية التدخل تلقائيا لأعذار المخالفين.

وتضمن المشروع أيضا تكريس مبدأ تعددية الآراء والفكر ومنع تمركز النشريات الدورية والصحف الالكترونية, وذلك بتحديد عدد النشريات والصحف الالكترونية المسموح امتلاكها أو مراقبتها من كل شخص طبيعي يتمتع بالجنسية الجزائرية أو معنوي خاضع للقانون الجزائري بنشرية واحدة  أو صحيفة الكترونية واحدة للإعلام العام.

واستجابة للمبدأ نفسه, تم التأكيد على عدم إمكانية المساهمة في الرأسمالي الاجتماعي لأكثر من نشرية دورية أو صحيفة الكترونية للإعلام العام، مع إخضاع إصدار النشريات لتصريح يوقعه مدير النشر مرفق بملف يودع لدى الوزارة المكلفة بالاتصال مقابل وصل إيداع يعد بمثابة الموافقة على الصدور, وهو غير قابل للتنازل بأي شكل من الأشكال, وتقوم الوزارة بإرسال نسخة منه والوثائق المرفقة به إلى سلطة ضبط الصحافة المكتوبة والصحافة الالكترونية.

ويتضمن التصريح المنصوص عليه في نص المشروع, عنوان النشرية, موضوعها ودورية ومكان صدورها, إلى جانب الطبيعة القانونية للمؤسسة الناشرة ومكونات رأسمال المؤسسة الناشرة ومصدره, كما يشترط على مدير النشر حيازة الجنسية الجزائرية فقط وشهادة جامعية أو شهادة معترف بمعادلتها وخبرة لا تقل عن 15 سنة مثبتة لدى صندوق الضمان الاجتماعي, كما لا يجب أن يكون محكوما عليه في قضايا فساد أو متابع فيها أو مرتكبا لأفعال مخلة بالشرف.

وبخصوص الدورية الأجنبية, فإنها تستدعي ترخيصا مسبقا من المصالح المؤهلة للوزارة ويخضع إصدار أو استيراد النشريات الدورية الموجهة للتوزيع المجاني إلى ترخيص مسبق من الوزارة المكلفة بالخارجية.

أما بالنسبة لنشاط الصحافة الإلكترونية, فتنص المادة 31 من مشروع القانون على الشروط الواجب توفرها في مدير النشر, منها حيازة الجنسية الجزائرية وشهادة جامعية أو شهادة معترف بمعادلتها وخبرة لا تقل عن 5 سنوات مثبتة, كما لا يجب أن يكون محكوما عليه في قضايا فساد أو متابع فيها أو مرتكبا لأفعال مخلة بالشرف.

وبخصوص سلطة ضبط الصحافة المكتوبة والصحافة الإلكترونية, فإنها تتولى السهر على شفافية القواعد الاقتصادية لتسيير النشريات الدورية والصحف الالكترونية, السهر على جودة الرسائل الإعلامية وكذا ترقية الثقافة الوطنية وإبرازها بجميع أشكالها, احترام المعايير التشريعية والتنظيمية المطبقة في مجال الاشهار ووضع كل الآليات للتحقق ومراقبة المعلومات المقدمة، لاسيما في مجال التمويل.

وتتشكل السلطة من 9 أعضاء بمن فيهم الرئيس, يعينهم رئيس الجمهورية باقتراح من الوزير الأول لعهدة مدتها 5 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة, ويتم اختيارهم من بين الكفاءات والشخصيات والباحثين ذوي خبرة فعلية في المجال التقني, القانوني والاقتصادي والصحفي معترف بمؤلفاتهم وأبحاثهم وإسهاماتهم في تطوير الصحافة, وتلزمهم المادة 47 بالامتناع عن اتخاذ أي موقف علني حول المسائل التي تداولت بشأنها السلطة.

وتناول مشروع القانون أيضا الأحكام الجزائية في حال الإخلال بالمضمون, حيث تنص المواد 74, 75 و76 على معاقبة كل شخص يصدر نشرية دورية أو ينشئ صحيفة الكترونية دون القيام بإجراءات التصريح, و كل مؤسسة ناشرة لم تصرح بأي تعديل للعناصر المكونة للتصريح بغرامة من مائتين إلى خمسمائة ألف دج.

وفي ذات السياق, تنص المادة 77 على معاقبة مؤسسة الطبع التي تطبع نشريات دورية والمستضيف الذي يستضيف صحيفة الكترونية في غياب التصريح بغرامة من مائة إلى خمسمائة ألف دج.

وتلزم المادة 80 من هذا المشروع النشريات الدورية والصحف الإلكترونية الموجودة في حالة نشاط , بالامتثال لأحكام هذا القانون في أجل 6 أشهر ابتداء من تاريخ إصداره, كما تنص المادة 81 على تولي الوزارة المكلفة بالاتصال مهام السلطة وصلاحياتها إلى حين تنصيبها.

إطار تشريعي يعزز ضمانات حرية التعبير ويتطابق مع مبادئ الدستور

يهدف إعداد القانون العضوي الجديد  المتعلق بالإعلام، إلى وضع إطار تشريعي يعزز ضمانات حرية التعبير ويستجيب لتطلعات المواطن في مجال الإعلام وكذا إضفاء طابع مبتكر يتطابق مع المبادئ المنصوص عليها في الدستور.

وفي عرض الأسباب، أوضح نص مشروع القانون أنّ "إعداد قانون عضوي جديد تمليه ضرورة تجسيد المبادئ الأساسية المنصوص عليها في دستور 2020 في ميدان الإعلام و وضع إطار تشريعي يعزز ضمانات حرية التعبير ويستجيب لتطلعات المواطن في مجال الإعلام".

ويلبي القانون الجديد الذي ورد في 55 مادة "حاجة القطاع في تنظيم المهنة مع الأخذ بعين الاعتبار متطلبات مهام الخدمة العمومية والصالح العام" ويترجم "رغبة السلطات العمومية في إضفاء على هذا التعديل طابع مبتكر يتطابق مع المبادئ المنصوص عليها في الدستور ويواكب التغيرات الناجمة عن التطور التكنولوجي ويتماشى والمقاييس الدولية".

ويساهم من خلال الأحكام الجديدة التي يتضمنها في "تعزيز حرية الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية والإلكترونية وكذا بروز صحافة متجذرة في الواقع الوطني واعية بالرهانات وملتزمة بالآداب وأخلاقيات المهنة".

ومن بين المحاور الرئيسية التي تم تحديدها في إطار مشروع القانون "إرساء النظام التصريحي" الذي يستند إلى "المبدأ المكرس في المادة 54 من الدستور  والذي يقضي بالتطبيق المبسط في مجال إنشاء النشريات الدورية بدل الاعتماد المعمول به حاليا".

وبخصوص إنشاء سلطة ضبط الصحافة المكتوبة والصحافة الإلكترونية، فهي تعد وفقا لنص مشروع  القانون "سلطة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية وبالاستقلال المالي والإداري تكلف بضبط نشاطات الصحافة المكتوبة والإلكترونية".

وفي هذا الإطار، ذكر مشروع النص القانوني أنه "بغية استبعاد أصحاب المال الفاسد من الاستثمار في قطاع الإعلام، فقد تم إلزام وسائل الإعلام بالتصريح بحيازة رأس مال وطني خالص وإثبات مصدر الأموال المستثمرة والأموال الضرورية لتسييرها أمام الوزارة المكلفة بالاتصال أو لدى السلطة الوطنية المستقلة لضبط السمعي البصري حسب نوعية النشاط".

وفي مجال السمعي البصري، تم تعديل القانون الأساسي لسلطة ضبط السمعي البصري من خلال منحها "الطابع الخاص مع إيكالها، إضافة للمهام المنوطة بها، مسؤولية ضبط ومراقبة خدمات الاتصال السمعي البصري عبر الانترنت، إلى جانب خدمات الاتصال السمعي البصري التقليدية".

وبخصوص تنظيم مهنة الصحفي، فقد تم  التأكيد على ضرورة "وضع قانون أساسي خاص يحدد شروط ممارسة المهنة والحقوق والواجبات المرتبطة بها، مع الإحالة إلى التنظيم لتحديد مختلف أصناف الصحفيين ومعاوني الصحافة والمهن المرتبطة بالنشاط الصحافي".

من جهة أخرى، يضمن مشروع هذا النص "الحق للصحفي في حرية التعبير في إطار احترام الدستور وأحكام هذا القانون العضوي والقوانين السارية المفعول"، بالإضافة إلى حمايته من "كل شكل من أشكال العنف أو الإهانة أثناء وبمناسبة أداء مهامه، وذلك قصد تمكينه من ممارستها بعيدا عن أي ضغط قد يتعرض له".

وينص مشروع القانون على أن الصحفي لديه "الحق في الوصول إلى مصدر المعلومات إلا عندما يتعلق الخبر بالمساس بسر الدفاع الوطني كما هو محدد في التشريع المعمول به، بأمن الدولة و السيادة الوطنية، بسرية التحقيق الابتدائي والقضائي، بالمصالح المشروعة للمؤسسات وبالحياة الخاصة للغير وحقوقهم".

وبموجب أحكام مشروع النص القانوني، ينشأ مجلس أعلى لآداب وأخلاقيات مهنة الصحفي يتشكل من 12 عضوا، 6 منهم يعينهم رئيس الجمهورية من بين الكفاءات والشخصيات والباحثين ذوي خبرة فعلية في المجال الصحفي وال6 الآخرين ينتخبون من بين الصحفيين والناشرين المنخرطين في المنظمات المهنية الوطنية المعتمدة.

ويلتزم الصحفي، خلال ممارسة نشاطه الصحفي، بالاحترام الصارم لقواعد آداب وأخلاقيات المهنة المنصوص عليها في ميثاق آداب وأخلاقيات المهنة الذي يعده ويصادق عليه المجلس الأعلى لآداب وأخلاقيات مهنة الصحفي.

ويجب عليه الامتناع على وجه الخصوص عن "نشر أو بث أخبار كاذبة أو مغرضة، تعريض الأشخاص للخطر، تمجيد الاستعمار أو الإساءة للذاكرة الوطنية والى رموز الثورة التحريرية، الإشادة، بصفة مباشرة أو غير مباشرة، بالعنصرية والإرهاب والتعصب والعنف"، بالإضافة إلى "نشر أو بث بصفة مباشرة أو غير مباشرة خطاب الكراهية والتمييز".

ودون الإخلال بالأحكام التشريعية السارية المفعول، ينص مشروع القانون على أن "كل خرق لقواعد آداب وأخلاقيات مهنة الصحافة يعرض مرتكبيه إلى عقوبات تأديبية يحددها ويأمر بها المجلس الأعلى لآداب وأخلاقيات مهنة الصحفي".

تحميل تطبيق الاذاعة الجزائرية
ios