شدّد ناصر الريس مستشار وزير العدل الفلسطيني، اليوم الثلاثاء، أنّ ندوة "العدالة للشعب الفلسطيني" التي ستحتضنها الجزائر هذا الخميس، ستكون حاسمة في مسار مقاضاة الكيان.
لدى حلوله ضيفاً على برنامج "ضيف الصباح" للقناة الأولى للإذاعة الجزائرية، أبرز الريس أنّ ندوة الجزائر ستضع الفاعلين في الخطوة رقم 1 للآليات العملية، مسجّلاً أنّ وقاحة دولة الاحتلال وتصريحات النازيين الصهاينة، وفّرت مادة قانونية في غاية الأهمية تتعلق بالأدّلة على التهجير القسري للفلسطينيين، وتحدي الكيان للعالم والتدمير المُمنهج.
وأوضح الريس أنّ الندوة ستضع خارطة طريق لتحقيق المساءلة عن الجرائم المقترفة، وستشكّل مادة للتوجه على صعيد المحكمة الجنائية الدولية، وعلى صعيد الدول التي فتحت قضاءها للنظر في جرائم الحرب ضدّ الإنسانية.
وأشار الريس إلى أنّ "ندوة الجزائر ستهتمّ بمحور التوثيق للإجرام الصهيوني، وتحديد الملفات الأكثر قوة التي سيتمّ التحرّك بها، والتي يصعب على الاحتلال الصهيوني التنصّل منها، وحتى لا نزيد مضاعفة حالة الإحباط لدى الفلسطينيين".
استثمار كل الآليات القانونية المتاحة
أحال مستشار وزير العدل الفلسطيني على إمكانية استثمار "الآليات القانونية المتاحة لدى المحكمة الجنائية الدولية والقضاء الداخلي لعدّة دول، فضلاً عن الدول الأطراف في اتفاقية جنيف، وهي جميعاً مُلزمة بفتح قضاءها للنظر في الانتهاكات الصهيونية الجسيمة وجرائم الحرب المرتكبة بحقّ الفلسطينيين، كما أشار الريس إلى إمكانية استخدام محكمة العدل الدولية في جريمة الإبادة على وجه التحديد".
وبمقابل أسفه لكون المحكمة الجنائية الدولية هي "محكمة للفقراء والأفارقة"، أوعز المسؤول الفلسطيني: "نحن نريد أن نكسر هذه الحلقة، لأنّ القضاء يجب أن يكون قضاءً أممياً ودولياً، وأن يتعامل مع الجميع بالدرجة نفسها، وأن لا يميّز بين ضحايا العالم الثالث والعالم الغربي، لكن الولايات المتحدة ستقوم بخطوات سياسية لإجهاض كل محاولة جادة لمساءلة الكيان، من خلال اتفاقيات سياسية مع بعض الدول، والتأثير على الجنائية الدولية، والضغوط على القضاة والمدعّي العام، لأنّ الولايات المتحدة هي دولة جرائم الحرب فهي ارتكبت الكثير من جرائم الحرب والفظاعات في العراق وأفغانستان وغيرها كثير"، مردفاً: "لعلّ مساءلة الكيان ستنعكس على مساءلة الأمريكان".
وصمّم الريس: "سنحاول استخدام الجنائية الدولية رغم كل التحديات التي ستواجهنا، وسنمشي في خطوط موازية باستخدم آليات أخرى، بحيث إذا ما أخفقنا في الجنائية الدولية، أو تأخرت أو تمّ التسويف، أن نحقق نتائج بآليات أخرى سواء من خلال القضاء الداخلي للدول، أو قضاء الدول الأطراف في اتفاقية جنيف، أو من خلال محكمة العدل الدولية في جريمة الإبادة".
ولفت الريس إلى محاولة إشراك كل المنظمات الحقوقية لإسناد هذا التحرك، بما في ذلك الرأي العام الدولي لأنّ ذلك سيشكّل ضغطاً على الحكومات، وحتى تقوم المحكمة الجنائية الدولية بواجبها، حتى وإن كان المفروض تحرّك المدعّي العام من تلقاء نفسه لمواجهة جرائم الحرب، مضيفاً أنّ هناك تمييز، فأكثر من أربعين دولة تدخلت بشأن حرب أوكرانيا وتمّ فتح تحقيق وإصدار مذكرة، لذا نريد أن تقوم المحكمة بالتعامل مع العدوان على غزة، مثلما فعلت في الشأن الأوكراني.
ولاحظ الريس أنّ هناك دول عدّلت قوانينها بتجريم كل من يلاحق أو يمسّ الكيان، رغم كل ما ارتكبه الأخير من "إفقاد سكان غزة لمقومات بقاءهم من تدمير لشبكات الكهرباء والمياه والاتصالات هي جريمة إبادة سنوثّقها بالتصريحات الرسمية الصادرة عن قادة الاحتلال، وذهاب أحدهم إلى حدّ المطالبة باستخدام النووي، وتوقيع رجال الدين و1200 طبيب صهيوني على مذكرة تطالب جيش الكيان بتكثيف هجماته على غزة وتدمير قطاعه الصحي، والدعوات لعدم التعامل مع أطفال فلسطين على أنهم أطفال، هي كلها تؤكد وجود سياسة ممنهجة لارتكاب هذه الجريمة".
وأضاف ضيف الصباح: "الصورة تنقلب الآن على صعيد الرأي العام الدولي الذي صار ينظر إلى الكيان "دولة إجرام" لا على أنّه (ضحية)، ما يشكّل منعرجاً حقيقياً يقود إلى محاكمة الصهاينة، وهناك تنسيق فلسطيني مع مجموعة كبيرة من المنظمات الحكومية وغير الحكومية، مشيراً إلى تحركات حقوقية في أمريكا اللاتينية لتزويد الفلسطينيين بالرأي القانوني الذي يدعم توجّههم في مساءلة وملاحقة مجرمي الكيان".
استقلال فلسطين مرتبط بالجزائر
ركّز الخبير القانوني الفلسطيني على أنّ استقلال فلسطين مرتبط بالجزائر، وإعلان قيام دولة فلسطين في الجزائر عام 1988، خطوة تسجّل للجزائر، مثلما يسجّل للجزائر أيضاً دورها في تفعيل المساءلة القانونية والقضائية لمجرمي الحرب الصهيونية.
وثمّن الرئيس وجود استيراتجية تتبناها الجزائر وفلسطين وأحرار العالم، على نحو سيسمح بتحديد الخطوات والآليات الممكنة التي تضمن عدم إفلات الكيان من العقاب، وهي خطوة في غاية الأهمية تضع حداً لوضع ظلّ مستمراً منذ العام 1948، محيلاً على وجود مدٍّ من الحقوقيين بأوروبا سيمكنهم المساعدة في تجسيد مقاضاة الكيان، بعدما بدأ الرأي العام الأوروبي والعالمي يرى بأمّ العين ما ترتكبه دولة الاحتلال.