قدمت الجزائر خلال الجلسة العلنية التي جرت صباح اليوم بمقر محكمة العدل الدولية، عرضها الشفهي في إطار مشاركتها في الاجراء الاستشاري حولالتزامات قوة الاحتلال الاسرائيلي بخصوص وجود وأنشطةهيئة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والدول الاخرى في الأراضي الفلسطينية المحتلة وما يتصل بها.
حيث مثل الجزائر خلال هذه الجلسة فريق قانوني متكون من الخبيرة في مسائل حقوق الانسان ونائبة رئيس اللجنة الافريقية لحقوق الانسان والشعوب سابقا، السيدة مايا ساحلي فاضل، والخبيرة في القانون الدولي وعضو لجنة الاتحاد الافريقي للقانون الدولي السيدة سامية بوروبة، بمعيةسفيرة الجزائر بلاهاي السيدة سليمة عبد الحق.
ركز أعضاء الفريق القانوني خلال عرضهم على ثلاثة (03) نقاط أساسية، تتمثل في واجبات إسرائيل كقوة محتلة وكذا واجباتها بصفتها عضو في هيئة الأمم المتحدة، إزاء هذه الأخيرة ووكالاتها، عدم شرعية النصين القانونيين اللذان أصدرتهما قوة الاحتلال الإسرائيلي بتاريخ 28 أكتوبر 2024، بخصوص أنشطة وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وخرق قوة الاحتلال الإسرائيلي واخلالها بواجباتها ومسؤوليتها الدولية إزاء هيئة الأمم المتحدة ووكالاتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
بدأت الجزائر مرافعتها بالتركيز على الأهمية الحيوية والقصوى للدور الذي تلعبه وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين، حيث توفر هذه الأخيرة المساعدات الإنسانية وكذا الخدمات الصحية والتربوية لقرابة ستة ملايين فلسطيني مسجلين لدى مكاتبها. كما تساهم هذه الوكالة في تجسيد حق اللاجئين الفلسطينيين في تقرير مصيرهم من خلال تسهيل رجوعهم الى أراضيهم.
وشددت الجزائر على التضييق التعسفي الذي تمارسه قوة الاحتلال الإسرائيلي على هذه الوكالة، منذ سنين طويلة، لأجل منعها من أداء مهامها الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. كما أصدرت قوة الاحتلال الإسرائيلي نصين قانونيين بتاريخ 28 أكتوبر 2024، لأجل الاستمرار في تنفيذ سياستها التعسفية الممنهجة ضد هذه الوكالة، في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
حيث بينت الجزائر أن هاذين النصين القانونيين، اللذين اتخذتهما قوة الاحتلال الإسرائيلي بصفة تعسفية وأحادية، يشكلان خرقا صارخا لأحكام مختلف المواثيق الدولية لاسيما مبادئ وأحكام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني. وأفادت الجزائر أن غلق مكاتب الوكالة المذكورة والممارسات التعسفية ضد الموظفين الأمميين وقتل الكثير منهم، خلال العمليات العسكرية العنيفة التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ أكتوبر 2023 الى يومنا هذا على قطاع غزة، يعد سابقة خطيرة في تاريخ هيئة الأمم المتحدة وخرقا خطيرا لأحكام ميثاق هيئة الأمم المتحدة.
وتطرقت الجزائر الى التبعات القانونية الخطيرة لهاذين النصين القانونيين، حيث أنه وبعد دخول هاذين الأخيرين حيز التنفيذ، عرف قطاع غزة أزمة إنسانية غير مسبوقة، بسبب غلق المطاعم والمدارس والمراكز الصحية ومراكز الايواء التابعة للوكالة المذكورة. كما ذكرت الجزائر بأحكام اللائحة رقم 2730 التي أصدرها مجلس الأمن للأمم المتحدة سنة 2024 والتي ندد من خلالها بالرفض التعسفي وغير القانوني لقوة الاحتلال الإسرائيلي لإدخال المساعدات لسكان قطاع غزة.
وأفادت الجزائر أن هاذين النصين يشكلان أيضا اخلالا بالواجبات الدولية لقوة الاحتلال الإسرائيلي وكذا الواجبات الدولية لهذه الأخيرة بصفتها عضو في هيئة الأمم المتحدة.
وتطرقت الجزائر للحصار الممنهج والمتعمد الذي تفرضه قوة الاحتلال الإسرائيلي على سكان غزة منذ 2 مارس 2025، حيث قررت إيقاف دخول كل المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، مما نجم عنه وضعية إنسانية كارثية وغير مسبوقة لسكان القطاع، استخدمت خلالها التجويع كسلاح حرب. في هذا الإطار، شددت الجزائر على ضرورة احترام والتزام قوة الاحتلال بواجب التعاون مع هيئة الأمم المتحدة ووكالاتها، ومنحهم التسهيلات اللازمة لأجل تمكينهم من أداء مهامهم الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة لاسيما في قطاع غزة، وتوفير المستلزمات الضرورية والأساسية للمدنيين الفلسطينيين، طبقا لأحكام الفانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
كما شددت الجزائر على ضرورة احترام والتزام قوة الاحتلال الإسرائيلي بواجب احترام حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، لاسيما من خلال تسهيل وصول المساعدات الإنسانية اليه، عبر هيئة الأمم المتحدة ووكالاتها. وشددت الجزائر أيضا على ضرورة احترام والتزام قوة الاحتلال بصفتها عضو في هيئة الأمم المتحدة بواجب ضمان واحترام الامتيازات والحصانات الممنوحة بعنوان ميثاق هيئة الأمم المتحدة لموظفين الأمميين، حيث ذكرت الجزائر بالاتفاق الخاص بهذه الامتيازات الذي وقعت عليه قوة الاحتلال الإسرائيلي مع وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين سنة 1967.
في الختام، نددت الجزائر بغياب رد جماعي فعلي للمجموعة الدولية لوضع حد للممارسات غير القانونية لقوة الاحتلال الإسرائيلي ضد هيئة الأمم المتحدة ووكالاتها لاسيما وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين، في الأراضي الفلسطينية المحتلة، خاصة في قطاع غزة، وذلك بالرغم من مختلف النداءات التي وجهها كل من الأمين العام للأمم المتحدة والمفوض العام لهذه الوكالة، لدعمها، حيث أن توقيف عملها يهدد وجود الفلسطينيين في غزة وحقهم في الحياة ويشكل مساسا خطيرا لحقوقهم الأساسية لاسيما حق تقرير المصير.
كما طالبت الجزائر محكمة العدل الدولية ما يلي:
- التأكيد على اخلال وعدم احترام قوة الاحتلال الإسرائيلي لواجباتها القانونية والدولية إزاء هيئة الأمم المتحدة ووكالاتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لاسيما في قطاع غزة.
-الغاء النصين القانونيين المذكورين اللذان اتخذتهما قوة الاحتلال الإسرائيلي ضد الوكالة المذكورة، بالنظر لخرقهما وعدم توافقهما مع مختلف المواثيق الدولية، وكذا لوائح مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.
-إلزام قوة الاحتلال الإسرائيلي باحترام الامتيازات والحصانات الممنوحة للموظفين الأمميين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، طبقا لأحكام ميثاق هيئة الأمم المتحدة.
-إلزام قوة الاحتلال الإسرائيلي برفع الحصار والإجراءات التعسفية المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لاسيما في قطاع غزة.
وهذه ليست المرة الأولى التي تشارك فيها الجزائر في الإجراءات الاستشارية للمحكمة، فقد سبق لها أن تدخلت في فبراير 2004 بشأن قانونية بناء الجدار العازل في الأراضي الفلسطينية المحتلة وكذا في فيفري 2024 بخصوص التبعات القانونية للاحتلال الإسرائيلي المطول للأراضي الفلسطينية.
إن مشاركة الجزائر في هذا الاجراء الاستشاري يعد بمثابة تأكيد عن التزامها بالدفاع الدائم عن القضية الفلسطينية العادلة و دعمها الثابت للشعب الفلسطيني في نضاله من أجل ممارسة حقوقه الأساسية لاسيما الحق في الحياة، و حق تقرير المصير و إقامة دولة مستقلة ذات سيادة ضمن حدود عام 1967، و عاصمتها القدس الشريف.