أكد وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، رمطان لعمامرة، اليوم الأحد بالجزائر العاصمة، استكمال كافة التحضيرات لانعقاد القمة العربية شهر نوفمبر المقبل بالجزائر، مشددا على حرص رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون ورغبته في أن تكون "قمة جامعة وشاملة".
وكشف السيد لعمامرة خلال ندوة صحفية على هامش احياء اليوم الوطني للدبلوماسية، عن استكمال التحضيرات اللوجستية والتنظيمية والجوهرية المؤدية الى الانعقاد الفعلي للقمة، مشيرا الى أن الجزائر قامت في هذا الشأن بمشاورات موسعة مع الدول العربية وأطراف اخرى، بدء من جامعة الدول العربية.
وذكر الوزير أن الامين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، سيحل من جديد، بعد أيام، بالجزائر، في سياق التشاور الذي ينظم مع البلد المضيف، ومن المؤكد ان اللقاءات التي ستجرى معه، يضيف "ستكون خاتمة فعلية للمسار التحضيري، ونكون قد وضعنا كافة الترتيبات التي تساهم من قريب او بعيد في إنجاح القمة".
ولفت رئيس الدبلوماسية الجزائرية الى أن الرئيس تبون أبى الا أن يوجه رسائل دعوة شخصية لقادة الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية، وأن الرسالة الاخيرة ستسلم غدا الاثنين لرئيس جمهورية جزر القمر.
وفي السياق، أشار الى أن مبعوثي الرئيس تبون اكدوا حرصه على أن "تكون هذه القمة جامعة وشاملة، مثلما صرح به الرئيس أكثر من مرة، و اكد على رغبته في ان يشارك كل القادة الذين أبدوا استعدادهم لاتخاذ القرارات التي يتطلبها الظرف العربي والتحديات".
و ابرز لعمامرة أنه "علينا كجامعة عربية ودول عربية تجمعنا مصالح ومقومات وقيم حضارية ودينية مشتركة، ان ننظر الى المستقبل نظرة الجسم الواحد الذي يتماسك ويتداعى كله عندما يتضرر جزء منه جراء الأوضاع الدولية المتقلبة"، معربا عن يقينه بأن "القادة سيغتنمون الفرصة للحديث بمنتهى الصراحة، وصولا الى نتائج تستجيب لإرادة شعوبنا في وجود عربي قوي ومصالح مشتركة".
ووصف وزير الخارجية جدول أعمال القمة ب"الواسع والكبير والطموح، الذي يرتكز أساسا على ما يرتئيه رؤساء الدول فعله في خضم محيط دولي متقلب، وما تتطلب المصالح العربية ان يتخذ من تدابير توافقية لفرض وجودنا في عهد ما بعد جائحة كورونا وما بعد أزمة أوكرانيا".
و أردف أنه يشمل أيضا "كافة المسائل السياسية والاقتصادية المتعلقة بالدول وبالشعوب العربية وبحياة المواطن، وما يرقى الى مستوى التفكير في مستقبل أفضل، مرتكزين على دور المجتمع المدني، مثلما برهنا على ذلك من خلال منتدى وهران لتواصل الأجيال، دعما للعمل العربي المشترك".
كما ستكون القضية الفلسطينية ضمن جدول الأعمال، حيث ذكر لعمامرة إدراج "الاوضاع الفلسطينية ودعم المؤسسات والديمقراطية الفلسطينية وجمع الشمل الفلسطيني، وجعل القيادة الفلسطينية تتحدث دون منازع باسم المصير الفلسطيني الواحد ونيابة عن الشعب الفلسطيني وكافة التنظيمات والتشكيلات السياسية والفعاليات من المجتمع المدني والشخصيات الفلسطينية المستقلة".
وحول اجتماع الفصائل الفلسطينية لتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية، المرتقب انعقاده بالجزائر، اوضح لعمامرة انه "جزء لا يتجزأ من شروط نجاح القمة. فإذا توحد الأشقاء الفلسطينيون فإن ذلك سيكون قاعدة قوية لدعم وحدة العالم العربي في نصرة القضية الفلسطينية، وابتكار وسائل عمل متجددة ومرتبطة بالمعطيات الجديدة في الساحة المشرقية والدولية، لنتمكن من رفع نجاعة الكلمة العربية الموحدة ودور الدول العربية في المحافل الدولية".
وتابع بهذا الصدد أن الوفود الفلسطينية ستصل تباعا الى الجزائر، مؤكدا أن "هناك قبول كامل لدعوة الرئيس عبد المجيد تبون لكافة الفعاليات الفلسطينية"، مذكرا بالعمل التحضيري الدقيق الذي قامت به الجزائر، حيث اصبحت "المبادرة الجزائرية مقبولة فلسطينيا ومدعومة عربيا".
الجزائر لها من المؤهلات لشغل مقعد عضو غير دائم في مجلس الأمن
وعلى صعيد آخر، أوضح السيد لعمامرة أن الدبلوماسية الجزائرية "أثبتت عبر التاريخ أنها دبلوماسية مسؤولة وتقوم بدور بناء في العلاقات الدولية، الأمر الذي يؤهلها لشغل، للمرة الرابعة منذ استقلالها، مقعد عضو غير دائم في مجلس الأمن".
ولفت بهذا الصدد، أن الحملة الجزائرية قد انطلقت، و أن الترشيح مزكى من قبل الاتحاد الافريقي والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والعديد من الدول، مضيفا أنه "لاشك في أن النتيجة ستكون ايجابية، وستتمكن الجزائر من أداء دورها كاملا غير منقوص في الأمم المتحدة".
وبخصوص العلاقات مع فرنسا، قال رئيس الدبلوماسية الجزائرية إن هناك "صفحة جديدة مع الشريك الفرنسي، برؤية جديدة انبثقت عن زيارة الرئيس ايمانويل ماكرون الى الجزائر منذ أسابيع، وتميزت بمحادثات مطولة ومعمقة مع الرئيس تبون"، مشيرا الى أن "التفاهم بينهما كان كاملا".
وأعرب لعمامرة عن ثقته في أن تنفذ الرؤية التي وضعها الرئيسان، وتبلورت في اعلان الجزائر على وجه الخصوص، لافتا الى أول اجتماع ما بعد لقاء تبون-ماكرون، في سياق اللجنة الحكومية رفيعة المستوى الجزائرية-الفرنسية، ل"ترجمة هذه التوافقات والروح والانطلاقة الجديدة الى اتفاقات، ورغبة وإرادة الجانب الجزائري في أن تفتح صفحة نوعية جديدة وتترجم العلاقات الجديدة في تعاملات تستجيب لما تعتبره الجزائر من الأساسيات".
كما لفت الى رغبة الجزائر في تنفيذ كل الأمور التي من شأنها جعل العلاقات الاقتصادية بين البلدين نموذجا لعلاقات "رابح/رابح"، بين دولة مصنعة واخرى لها من الامكانيات الاقتصادية الهائلة ما يؤهلها للعب دور مرموق في المنطقة، وكذا في العلاقة ما بين أوروبا وافريقيا، وأوروبا والعالم العربي "لاسيما على ضوء الدور الاستراتيجي الكبير الذي أصبحت المحروقات تؤديه في الساحات الدولية، وتجعل من الجزائر لاعبا اساسيا في المنطقة وعلى ساحة العلاقات الاقتصادية الدولية".
وبخصوص التغيرات غير الدستورية في منطقة الساحل، قال لعمامرة إن للاتحاد الافريقي "موقفا قويا ومبدئيا منها، حيث ينجر عنها تجميد أو تعليق مشاركة الدولة المعنية في اجتماعات الاتحاد الافريقي"، معربا عن التزام الجزائر بعقيدة هذا الأخير و"نعتبر أن اللااستقرار المؤسساتي في الساحل يعقد الأوضاع ويجعل من محاربة الارهاب في المنطقة تحدي أكبر حيث يقتضي التعاون بين دول المنطقة والمجموعة الدولية".
وأعرب رئيس الدبلوماسية الجزائرية عن أمله في معالجة الاسباب العميقة المتسببة في اللااستقرار وحالات التوتر في عدد من الدول الافريقية، وفي الجوار الساحلي، مؤكدا أن "الجزائر تعمل بثبات وثقة في النفس وفي الصداقات التي تجمعها مع الدول المجاورة للحيلولة دون حصول هذه الازمات التي تضر بحياة الشعوب، وتخلق قلاقل للعلاقات الطبيعية بين عدد من الدول المعنية".
وأمام هذا الوضع، يضيف الوزير، فإن "الجزائر رائدة الكفاح الإفريقي ضد الإرهاب، ورئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، هو المشرف على جهد الاتحاد الافريقي لمحاربة الارهاب والتطرف العنيف، وللجزائر ارتباطات بالعديد من الدول الإفريقية وتدعم الجهد الافريقي الوطني بكافة الوسائل، ومن بينها تلك التي يقدمها المركز الافريقي للدراسات و البحوث حول الإرهاب، الذي مقره بالجزائر العاصمة".