أكد رئيس الوفد البرلماني الجزائري، رئيس المجموعة البرلمانية للصداقة والاخوة الجزائر - الصحراء الغربية، ميلود تسوح، اليوم الجمعة، بالعاصمة الألمانية برلين، على ضرورة التعامل مع التصعيد غير المسبوق الذي تشهده الأراضي الصحراوية المحتلة، بمزيد من الجدية والمسؤولية، محذرا من بقاء هذه القضية دون حل، ما يرهن مستقبل الامن والسلم في القارة والمنطقة ككل.
وأبرز ميلود تسوح في مداخلته، خلال الاجتماع البرلماني بمقر البرلمان الالماني (البندستاغ)، على هامش الندوة الاوروبية الـ 46 للدعم والتضامن مع الشعب الصحراوي، أن هذا الاجتماع "يأتي في وقت تمر فيه القضية الصحراوية مع الاسف الشديد بمرحلة تصعيد غير مسبوق، جراء عودة المواجهات العسكرية، اثر خرق سافر من المغرب، لاتفاق وقف إطلاق النار بعد ثلاث عقود من التهدئة وانطلاق المسار الأممي، مع تفاقم الانزلاقات الامنية والانسانية فضلا عن الانحرافات الصارخة عن القوانين والمواثيق الدولية، الامر الذي يلزم المجتمع الدولي بصفة عامة، ويفرض علينا كبرلمانيين ممثلين لشعوبنا بصفة خاصة،الاستجابة السريعة للوضع والتعامل معه بمزيد من الجدية والمسؤولية".
ونبه في هذا الاطار إلى أن "السياق العالمي المضطرب، الذي تهيمن عليه النزاعات والحروب وحالات الطوارئ المختلفة ولد حالة تأهب واسعة لدى المجتمع الدولي، لابد من استغلالها للفت العناية مجددا نحو قضية تعد هي الأخرى حالة مستعجلة، باعتبارها أطول نزاع في افريقيا وآخر مستعمراتها"، مؤكدا أن " بقاءها دون حل يرهن مستقبل الامن والسلم في القارة والمنطقة ككل".
كما أبرز في السياق " الاهوال التي يكابدها الشعب الصحراوي في الأراضي المحتلة من تعذيب وتقتيل وتهجير وخروقات لأبسط حقوق الانسان، ناهيك عن الاستغلال غير قانوني للثروات والنهب المنظم للموارد الذي يعتبر حق التصرف بها ملك أصيل للشعب الصحراوي دون سواه حسب الاعراف والقوانين ذات الصلة".
ولهذا فالأولوية بالنسبة للبرلمانيين، يضيف، "يجب أن تكون في بحث أفضل الآليات التي من شأنها اعطاء دفع حقيقي للحركة التضامنية مع قضية الشعب الصحراوي، وتجسيدها الفعلي للمساهمة في تعجيل اتمام مسار تمكينه من ممارسة حقه في تقرير المصير".
وذكر رئيس الوفد البرلماني الجزائري، انه انطلاقا من هذه القناعة وحرصا على إضفاء الطابع البرلماني للحركة التضامنية الدولية، و اضطلاعا من البرلمانيين بدورهم الحقيقي في تمثيل الشعوب وايصال صوتها، تبلور مشروع تأسيس الشبكة البرلمانية الدولية للتضامن مع الشعب الصحراوي في العام 2017.
ضرورة الإسراع في بعث الشبكة البرلمانية لدعم الشعب الصحراوي
وأكد ميلود تسوح، أن أول تحدي ينبغي العمل على تجاوزه هو "اطلاق وبعث تنسيقيات برلمانية قارية، ولاسيما على المستويين الافريقي والامريكي اللاتيني، والتي كان قد تم الاتفاق عليها من بين الخطوات الاستباقية لإطلاق الشبكة البرلمانية، والتي سيكون دورها مد قنوات تواصل سريعة ودائمة بين البرلمانيين في مختلف القارات".
وأردف قائلا "إن تتويج هذه المبادرة سيكون -من دون شك- عاملا ايجابيا في اعلاء صوت القضية الصحراوية العادلة، وسيساهم في الحد من صدى حملات التشويه والتضليل التي تطالها وهو ما لا يجب اغفاله"، معتبرا البرلمانيين " خير الناطقين باسم الحق ودفاعهم عن القضية في اطار شبكة موحدة ومحددة الاهداف سيمنحها الانتشار الذي نرجوه نحن، ويحتاجه الصحراويون أكثر من أي وقت مضى".
كما لفت إلى أن "الالحاح على ضرورة الاسراع في بعث الشبكة البرلمانية لدعم الشعب الصحراوي يحفزه الايمان بقدرة الدبلوماسية البرلمانية في التفاوض والحوار والتأثير، كونها تتمتع بالمرونة وبهامش من الحرية، خلافا للدبلوماسية الرسمية، التي تخضع أساسا لاعتبارات سياسية واقتصادية، فضلا عن كونها إحدى الوسائل الفاعلة في عالم اليوم المؤهلة لتقريب وجهات النظر، وإيجاد الحلول السلمية للأزمات".
وأضاف ان "كل هذه المقاصد تتطلب منا التحرك وفق خطوات عملية، انطلاقا من استغلال مختلف المحافل البرلمانية الدولية والجهوية لمجابهة التعتيم الممنهج على الحقائق المزرية على الارض والمآسي، التي يكابدها الشعب الصحراوي، ولتحسيس مختلف هذه الهيئات، وتذكيرها بمسؤولياتها اتجاهه، وتحديدا ما تعلق بتوفير الحماية له ولثرواته وكذا إيجاد آليات كفيلة بمراقبة أوضاع حقوق الإنسان التي تزداد سوءا".
كما ابرز ما يمكن ان تقدمه هذه الشبكة البرلمانية من دعم ومؤازرة على المستوى المعنوي لتحفيز البرلمانيين للدفاع عن القضية الصحراوية، وخاصة أولئك الذين تتبنى حكوماتهم مواقف سلبية أو غير واضحة اتجاهها.
وأكد في هذا الإطار على أن " النشاطات الداخلية والخارجية المتعلقة بالدبلوماسية البرلمانية على مستوى البرلمانات الوطنية، بإمكانها ان تشكل أرضية صلبة للدفاع عن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره من خلال مداخلات البرلمانيين في مختلف النشاطات، أو عبر التوصيات والتقارير التي يرفعونها لحكوماتهم في اطار ممارسة مهامهم، وأيضا اثر مشاركتهم في أشغال مختلف الفعاليات البرلمانية الدولية الجهوية، أو تلك التي قد تبادر بها الشبكة في هذا الإطار".
كما أكد في الاخير على ان "الالتزام بالقضايا العادلة هو من باب الانسانية والدفاع عن قيمها"، داعيا جميع النواب والبرلمانيين "إلى الانخراط وبجدية في هدا المسعى"، كما أعرب عن يقينه "في الاستجابة لهذا النداء حتى نعطي صوت أقوى لهذا الشعب المضطهد".
الجزائر تحتضن الاجتماع المقبل للشبكة البرلمانية الدولية لدعم الصحراء الغربية
وقرر المشاركون في المؤتمر البرلماني الدولي لدعم تقرير المصير بالصحراء الغربية المنعقد اليوم الجمعة بالعاصمة الألمانية برلين، عقد الإجتماع المقبل للشبكة البرلمانية الدولية لدعم تقرير المصير بالصحراء الغربية بالجزائر.
وذكر البيان الختامي للاجتماع البرلماني المنعقد بالتزامن مع أشغال الندوة الـ46 للتنسيقية الأوروبية لدعم الشعب الصحراوي والتضامن معه (إيكوكو)، اليوم الجمعة، أنه تقرر دعم وتقوية الشبكة البرلمانية الدولية للصحراء الغربية وعقد إجتماعها القادم في الجزائر،"نظير دعمها المستمر لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والإستقلال وحماية اللاجئين"، مناشدين باقي البرلمانات حول العالم للانضمام لدعم كفاحهم من أجل حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والإستقلال.
وأعرب المجتمعون خلال اللقاء عن "قلقلهم العميق" حيال عدم توصل الأمم المتحدة إلى غاية اليوم لتنظيم استفتاء تقرير المصير على الرغم من وجودها في الإقليم لأكثر من ثلاثين عاما مشددين على أن هذه "الأوضاع لا تضر بالشعب الصحراوي فحسب انما بمقاومة الشعوب الأخرى التي تقاتل ضد الاحتلال الأجنبي، بعد أن جعلت قانون القوة يسبق السلطة".
ولهذا الغرض طالب البرلمانيون من الأمم المتحدة أن"تتحمل مسؤولياتها دون مزيد من التأخير لتسوية النزاع في الصحراء الغربية من خلال تنظيم الاستفتاء الموعود منذ فترة طويلة، وتمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير بكل حرية".
كما أدان الإجتماع، من جهة أخرى،"انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي الصحراوية المحتلة التي ترتكب بشكل يومي ومنهجي من قبل قوة الإحتلال، على مرأى ومسمع من بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الإستفتاء في الصحراء الغربية دون أن تتمكن الأخيرة من التدخل" وهو الامر الذي يستدعي"تفويض بعثة المينورسو بمهمة مراقبة حالة حقوق الإنسان وحماية المدنيين الصحراويين العزل".
كما استنكر البرلمانيون بشدة "موقف الحكومة الإسبانية الجديد من قضية الصحراء الغربية" ودعوا إلى "ضرورة عودة مدريد للاحتكام إلى الشرعية الدولية، وتحمل مسؤوليتها التاريخية في استكمال تصفية استعمار الصحراء الغربية" داعين من جهة اخرى بعض الدول الاوروبية الى"وقف مناوراتها داخل مجلس الأمن بهدف تقويض عملية السلام وتعزيز الاحتلال الاستعماري للصحراء الغربية".
وإغتنم المجتمعون فرصة إنعقاد الأشغال بألمانيا لدعوة برلين للعمل على "تسريع عملية السلام في الصحراء الغربية ولعب دور إستباقي في وضع حد لهذا الإستعمار البغيض الذي يسعى البعض إلى تطبيعه، بل وإضفاء الشرعية عليه، دون مراعاة العواقب الخطيرة التي يمكن أن تنجم عن ذلك".
كما سجل المؤتمر البرلماني، ب"ارتياح" الانتصارات القانونية الأخيرة لصالح القضية الصحراوية على مستوى المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب او تلك المسجلة على مستوى محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي، والتي جاءت لتعزيز حكم المحكمة الدولية في لاهاي.
وبالمناسبة، طالب البرلمانيون من دول الاتحاد الأوروبي "الكف عن عقد المزيد من الصفقات والتبادلات التجارية مع الاحتلال المغربي لوضع حد لنهب المزيد من خيرات (الصحراء الغربية) والذي من شانه إضعاف الجهود المبذولة من أجل احلال السلام وتعزيز الاحتلال المغربي وبالتالي اطالة مأساة الشعب الصحراوي".
وفي الأخير نوه البيان الختامي ب"المقاومة البطولية" للشعب الصحراوي الذي يكافح من أجل انتزاع حقه غير القابل للتصرف في العيش في سلام وحرية وإستقلال في بلده.