تحيي الجزائر هذا الجمعة الذكرى المزدوجة لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين وتأميم المحروقات في ظل خطوات عملاقة تمكنت من تحقيقها في ظرف قياسي وشملت دعم الحقوق الأساسية للعمال وتحسين أوضاعهم الاجتماعية والمهنية، إلى جانب تعزيز الأمن الطاقوي والتموقع بقوة في السوق العالمية.
وقد ظلت المركزية النقابية قلعة حصينة للوحدة الوطنية والروح النضالية، وذلك منذ تأسيسها سنة 1956 إبان الثورة التحريرية المجيدة من طرف رجال طلائعيين قادوا نضالا طويلا على جبهتي الحرية والحقوق النقابية وبقيت أسماؤهم خالدة في وجدان الأمة الجزائرية، بدءا بالشهيد عيسات إيدير و وصولا إلى الشهيد عبد الحق بن حمودة.
وعلى أساس تكريس هذه التضحيات دستوريا وتثمين الدور المحوري للطبقة العاملة، تعيش الجزائر اليوم استقرارا على مستوى الجبهة الاجتماعية في ظل الانخراط الواسع لكل فئات المجتمع في مسعى رص الصفوف وتقوية الجبهة الداخلية.
وكان من أسباب هذا الاستقرار العناية الخاصة التي توليها الدولة لتحسين القدرة الشرائية لكافة المواطنين ميدانيا وبعيدا عن الشعارات والإصغاء للانشغالات الأساسية لعالم الشغل، بحثا عن أنجع المقاربات لتعزيز المكاسب التي تحققت ووفاء للالتزامات بالسهر على حماية حقوق العمال والحفاظ على مكاسبهم المهنية والاجتماعية، مثلما أكد عليه رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، في مناسبات سابقة.
وقد تجسدت هذه المكاسب من خلال عدة تدابير أقرها رئيس الجمهورية، على غرار إعادة تثمين الأجور ومعاشات التقاعد وتأسيس منحة البطالة وكذا الزيادة في الرواتب على مدى سنتي 2023 و 2024 بداية من شهر مارس المقبل، بالإضافة إلى إعادة النظر في القوانين الأساسية والنظم المؤطرة لأهم القطاعات.
وقد تعزز الاستقرار الاجتماعي بالطفرة النوعية التي كرسها دستور 2020 وما تبعه من نصوص تطبيقية في حماية الحريات وضمان الحقوق الأساسية للعمال والمستخدمين وكفالة حقهم النقابي، تماشيا مع مقومات المرحلة الجديدة التي تعيشها الجزائر، والتي تقتضي إعادة النظر في جملة من الممارسات في مختلف القطاعات من منطلق تنظيم الحقوق بعيدا عن التجاذبات الحزبية والسياسية.
ومن مقومات هذه المرحة الجديدة أيضا، الجهود الكبيرة التي يقوم بها عمال قطاع الطاقة، والتي أدت إلى مضاعفة الإنتاج الوطني من المواد النفطية بثلاث مرات منذ القرار التاريخي بتأميم المحروقات الذي أعلن عنه الرئيس الراحل هواري بومدين سنة 1971 بمقر الاتحاد العام للعمال الجزائريين، حيث تعزز موقع الجزائر ودورها في السوق البترولية والغازية على المستويين الإقليمي والدولي.
وقد اكتسبت الجزائر قدرات هائلة من حيث إنتاج الطاقة، حيث أصبحت تتوفر على منشآت صناعية كبيرة في مجالات تكرير النفط والصناعات البتروكيماوية والنقل بالأنابيب وكذا التصدير وحققت من جهة أخرى قفزة نوعية ومستويات من بين الأعلى في المنطقة وفي العالم بالنسبة لتوفير مصادر الطاقة للساكنة.
وقامت الجزائر لأول مرة في تاريخها وبقرار من رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، بإنشاء وزارة للانتقال الطاقوي والطاقات المتجددة بغية بعث ديناميكية قوية لتجسيد هدف الانتقال الطاقوي.
كما تطمح الجزائر إلى الاضطلاع بدور رئيسي على المستوى الإقليمي في إنتاج طاقة الهيدروجين بالاستفادة من إمكانياتها الهائلة من الطاقة الشمسية ومواردها الهامة من الغاز الطبيعي ومنشآتها للتوزيع وكذا قدراتها الكبرى في البحث والتطوير.
وتنتظر قطاع المحروقات آفاق واعدة خلال السنة الجارية، مثلما صرح به مؤخرا وزير الطاقة والمناجم، السيد محمد عرقاب، معلنا أن مجمع سوناطراك سطر برنامجا كبيرا يتعلق بالاكتشافات والاستغلال والإنتاج ودعم الصادرات، حيث ينوي استثمار 40 مليار دولار في هذه المجالات قبل سنة 2026.
وتعد سوناطراك -مثلما كان قد أكد عليه رئيس الجمهورية- "من الأدوات القوية التي تسمح للجزائر بممارسة سيادتها الوطنية".