يجسد مشروع القانون المتعلق بقواعد المحاسبة العمومية والتسيير المالي، الذي تجري مناقشته في المجلس الشعبي الوطني، إصلاح المنظومة المحاسبية الوطنية للانتقال من محاسبة الصندوق نحو المحاسبة على أساس الحقوق المثبتة، استجابة للمعايير الدولية وهذا بغرض تحسين نجاعة و حوكمة الهيئات العمومية.
وسيسمح هذا الإصلاح بتحسين نوعية المعلومة الموجهة للمواطنين والمنتخبين والمسؤولين حول النشاط الإداري ورهانات ونتائج السياسات العمومية، من أجل تسيير عقلاني وفعال، وفق ما جاء في وثيقة عرض الاسباب المتعلقة بمشروع القانون الذي عرضه وزير المالية الثلاثاء على المجلس.
ومن شأن هذا الاصلاح، الذي يندرج ضمن إطار عصرنة نظام المالية العمومية،
استخراج قوائم مالية تعكس صورة صادقة عن الذمة والوضعية الماليتين والنتيجة عند إقفال السنة المالية.ويحدد مشروع القانون قواعد المحاسبة العمومية والتسيير المالي المطبقة على الميزانيات و العمليات المالية لكل من الدولة والجماعات المحلية و المؤسسات العمومية الادارية و المؤسسات العمومية للصحة و الاشخاص المعنوية الاخرى المكلفين بتنفيذ كل أو جزء من برنامج الدولة.
وتتمثل الغاية من المنظومة المحاسبية الجديدة في تحسين النجاعة من خلال الحوكمة الجيدة لاسيما في جودة التقديرات عبر التكفل بجزء من التكاليف المؤجلة خلال برمجة ميزانية الدولة وتنفيذها، وإقحام مسؤولية كل متدخل في دورة الإيرادات ودورة النفقات، انطلاقا من الاستحقاق إلى غاية التنفيذ، وكذلك ضمان شفافية أكبر من خلال تتبع عملية جمع الأموال و استعمالها وفق وثيقة عرض الاسباب المتعلقة بمشروع القانون.
ومن ضمن الاهداف المتوخاة من المنظومة الجديدة التي يكرسها مشروع قانون المحاسبة العمومية و التسيير المالي إنتاج معلومة ذات جودة تسمح بتسيير أحسن للديون والمستحقات والوصول الى تسيير امثل للخزينة.
ويرى مراد البسغي رئيس المنظمة الوطنية للمحاسبين، في تصريح لواج، ان الهدف من الانتقال من محاسبة الصندوق الى محاسبة الحقوق المثبتة هو "ترشيد النفقات وان الغاية في اطار محاسبة الحقوق المثبتة هي تنفيذ النفقات بشكل عقلاني وإعطاء مسؤولية أكبر للمسيرين الذين يسهرون على حركة الأموال".
وابرز ان الامر يتعلق كذلك ب "جعل حصيلة المؤسسة تعكس وضعيتها الحقيقية وترشيد النفقات و الاستعمال الأمثل للإمكانات المالية للدولة".
أوضح البسغي في ذات الصدد أنه "في محاسبة الصندوق لا يتم قياس النجاعة، كما
انها لا تسمح بالتأكد إن تمت النفقات بشكل عقلاني او لا. لكن مع النظام الجديد ستكون محاسبة الهيئات العمومية والجماعات المحلية و الوزارات و كذا المؤسسات العمومية ذات الطابع الاداري أكثر نجاعة"، لافتا الى أنه من خلال هذا الاصلاح فإن الجزائر تكرس المعايير الدولية في مجال المراجعة المالية للهيئات العمومية.=تقييم أفضل للمالية العمومية=
من جهة أخرى، دعا رئيس المنظمة الى "حماية افضل" للمحاسب في إطار توازن المسؤوليات بين كل من المراقب المالي و المحاسب و الآمر بالصرف.
و سيتمكن البرلمان، في اطار الانتقال من محاسبة الصندوق الى محاسبة الحقوق المثبتة، من الحصول على جميع المعلومات التي تساعده في تقييم وتقدير الوضعية المالية الحقيقية للدولة والتي تسمح بتوجيهه في اتخاذ القرار.
وتطبيقا لأحكام القانون العضوي 18-15 المتعلق بقوانين المالية يتضمن مشروع قانون المحاسبة أحكاما جديدة في مجال محاسبة الدولة والهيئات العمومية الأخرى من خلال تحديد مختلف الأصناف المتمثلة في المحاسبة الميزانياتية والمحاسبة العامة أو المحاسبة السنوية ومحاسبة تحليل التكاليف.
وينص مشروع القانون على مجموع المبادئ التي تحكم محاسبة الإيرادات والنفقات العمومية، إضافة إلى دور كل الفاعلين المتدخلين في تنفيذ الميزانية والعمليات المالية والمحاسبية للدولة والهيئات العمومية الأخرى.
وفيما يخص المحاسبة الميزانياتية التي تدعى ب "محاسبة الصندوق"، والتي تسجل حركة الأموال و تأثيرها على السيولة، فإن الإبقاء عليها يسمح بتتبع صارم لتنفيذ الإيرادات والنفقات العمومية للسنة الجارية، حسب مشروع القانون.
من جهة ثانية تسمح المحاسبة العامة بربط التكاليف والنواتج بالسنة المالية المتعلقة بها، وبالتالي تسجيل الحقوق والالتزامات بمجرد الإثبات الفعلي لها بغض النظر عن لحظة تحصيل الإيراد أو دفع النفقة. كما تسمح هذه المحاسبة بإعطاء نظرة عن الذمة المالية للدولة، وكذا حول ديونها ومستحقاتها.
وما فيما يتعلق بمحاسبة تحليل التكاليف، فإنها تمكن من حساب تكاليف الخدمات المقدمة والخدمات المنجزة بالإضافة إلى تحليل تكاليف مختلف الأنشطة المتخذة في إطار البرامج كما تسهل مراقبة مردودية المصالح وتشكل أداة للتحليل والمساعدة على اتخاذ القرار.
وضمن إطار إثراء المعلومة المحاسبية، فإن مشروع القانون يهدف إلى تحسين الوظيفة المحاسبية بإدراج محاسبة عامة ومحاسبة تحليلية للتكاليف ومحاسبة للميزانية، ضمن
نظام معلومات مدمج (المادة 82).