شدّد السيد رئيس الجمهورية، ليلة السبت، على أنّ ما تحققه الجزائر اقتصادياً، يشكّل معجزة بكل المقاييس، واعداً الجزائريين برفع الأجور بـ 47 % بنهاية عام 2024.
في لقائه الدوري مع ممثلي وسائل الإعلام الوطنية، أبرز رئيس الجمهورية أنّ ما تحققه الجزائر منذ أعوام قليلة، يتجاوز ما جسدته دول في أربعين سنة، مركّزاً على أنّه لأول مرة منذ استقلال الجزائر، "صرنا ننتج الزيت وسنفعل أيضاً مع السكر".
ونوّه رئيس الجمهورية: "حقّقنا الكثير من الأمور على الرغم من أنها لم تكن محل طلب من أي كان، وهذا انطلاقاً من حرصنا على إعادة تقسيم ثروات البلاد بين المواطنين بالإنصاف".
وأضاف أنّ الدولة تعمل على إعادة بناء اقتصاد عصري يستجيب لحاجيات المواطنين ويعزّز استقلال الجزائر، مسجّلاً أنّ مجلس ضبط الواردات سيعنى بالتحكم في الواردات قياسا بالإنتاج الوطني، على نحو يضمن الحفاظ على استقلالية الوطن وتلافي أي ذهاب إلى البنك الدولي.
وفي مقابل كشفه عن استعداد السلطات لمنح قروض تصل 90 بالمائة من قيمة الاستثمارات المنتجة، جدّد رئيس الجمهورية التزامه بتوسيع شبكة السكك الحديدية لأنها فعّالة اقتصادياً وضامنة للتنمية والحيوية.
تحصين اجتماعي أكبر
أعلن رئيس الجمهورية عن تمسكه بمبدأ الوصول إلى رفع الأجور بنسبة تتراوح ما بين 47 و50 بالمائة بنهاية 2024، ملاحظاً أنّ مزاعم دعاة الشرّ عن انفجار اجتماعي في الجزائر انتهت بانفجارها عندهم.
وجدّد رئيس الجمهورية التزامه بالدفاع عن الطبقة الوسطى التي تعتبر "ركيزة البلاد"، وركّز على ضرورة تلبية انشغالاتها، مبرزاً أنّ الدولة تعمل على تلبية المطالب الاجتماعية لمواطنيها بإمكانياتها الخاصة، بعيداً عن التنبؤات السيئة كانت تسعى إلى ضرب استقرار الجزائر
وقال: "مشاكلنا نأخذها بعين الاعتبار ونعمل على حلّها بإمكانياتنا الخاصة، ودعاة الشرّ الذين يكنّون كرهاً للجزائر كانوا يتنبؤون بانفجار الوضع في الجزائر بسبب ملف السكن ومشكل البطالة لكن انفجر الوضع عندهم، وبقيت بلادنا مستقرة".
وأشار رئيس الجمهورية إلى الجهود التي قامت بها الدولة لفائدة مواطنيها، على غرار استحداث منحة البطالة وتلبية طلبات السكن بمختلف الصيغ، كما دعا الجزائريين إلى الدفاع عن الوحدة الوطنية وعدم الانخراط في المخططات التي تسعى إلى إلحاق الضرر بهم وبوطنهم.
وأكد رئيس الجمهورية أنّ الدولة أصبحت قوية من أجل "الدفاع عن المواطن وليس للتسلط عليه"، متوعداً "كل من تسول له نفسه المساس بالقدرة الشرائية للمواطن"، وعبّر في هذا المجال عن رضاه إزاء الإجراءات المتخذة لحماية القدرة الشرائية للجزائريين، غير أنها تبقى – على حد تعبيره – "غير كافية".
وذكّر بالإجراءات التي تمّ اتخاذها منذ سنة 2021 لفائدة العمال وذوي الدخل الضعيف، مبرزاً أنّ الجزائر حققت قفزة نوعية في مجال التنمية والحفاظ على الطابع الاجتماعي للدولة.
بقايا العصابة لا تزال تحاول خلق البلبلة
أكد رئيس الجمهورية أنّ بقايا العصابة لا زالت تحاول خلق البلبلة وعدم الاستقرار داخل المجتمع من خلال المضاربة المقصودة في الأسعار.
وعبّر رئيس الجمهورية عن يقينه بأنّ "العصابة اليوم تمتلك أموالا طائلة لا تعد ولا تحصى وقد حاولت شراء الذمم".
وأضاف قائلاً: "لا أستبعد وجود أناس يقف من ورائهم أفراد هذه العصابة وهم يحاولون خلق جو من عدم الاستقرار في البلاد من خلال المضاربة في أسعار المواد الغذائية والمساس بالقدرة الشرائية للمواطن".
في هذا السياق، شدّد على ضرورة أخلقة الحياة العامة للمجتمع، وهو ما تمّ عبر مراجعة كل القوانين ومعاقبة كل من يمس بالثوابت الوطنية.
مخطط لضمان الأمن المائي لـ 15 سنة على الأقل
بالتزامن، لفت رئيس الجمهورية إلى مخطط لضمان الأمن المائي عبر سلسلة مشاريع جارٍ إنجازها تتعلق بمحطات تحلية مياه البحر، بما سيكفل ضمان انتظام التزويد بالمياه الشروب لمدة 15 سنة على الأقل.
وتابع رئيس الجمهورية: "توفير الماء الشروب سيبقى "أولوية أولويات" السلطات العمومية"، مضيفاً أنّ مشاريع تحلية المياه الجاري انجازها حالياً تشكّل الحل الوحيد لضمان التموين العادي بالماء الشروب بشمال البلاد، في حين سيتم اللجوء في مناطق الجنوب إلى إنجاز مشاريع جديدة للتحويلات المائية الكبرى.
وشرح: "لو نضطر، سنلجأ بالنسبة للجنوب إلى انجاز مشاريع تحويل المياه من تيميمون إلى بشار على غرار مشروع تحويل المياه من عين صالح إلى تمنراست"، مؤكداً أنّ "الإمكانيات متوفرة لذلك سواء بالنسبة للتقنيين أو الموارد المائية"، في إحالة على ما تكتنزه الجزائر من المياه الجوفية.
ولاحظ رئيس الجمهورية أنّ شح المياه صار في السنوات الأخيرة إشكالية "عالمية" نتيجة التغيرات المناخية، مؤكداً أنه من الممكن مستقبلاً إطلاق مشاريع تحويل المياه من توات و قورارة وعين صالح لتزويد المناطق الجنوبية المجاورة.
الجزائر صارت الأولى إفريقياً والثالثة عربياً في تحلية مياه البحر
أكّد رئيس الجمهورية إلى أنّ الجزائر صارت في ظرف قصير "الأولى إفريقياً، والثالثة عربياً بعد العربية السعودية والإمارات، في مجال تحلية مياه البحر"، وأكد أنّ مشاريع محطات تحلية مياه البحر الحالية عبر خمس ولايات، ستسمح بتوفير ما مجموعه 1.4 مليار متر مكعب، مشيراً إلى أنّ الهدف هو رفع القدرات الإنتاجية إلى 2.5 مليار متر مكعب من المياه المحلاّة من أجل القضاء تماماً على مشكلة شح المياه.
وبخصوص تموين مدينة وهران وضواحيها بمياه الشرب، طمأن رئيس الجمهورية بأنّ محطة تحلية الباهية التي يتم انجازها في الوقت الحالي "ستحلّ مشاكل المياه الشروب بعاصمة الغرب، مدافعاً على أهمية التوزيع العادل لمياه الشرب على المستوى المحلي.
توسيع استغلال المياه المعالجة في الصناعة والفلاحة
أكد رئيس الجمهورية أنّه وجّه تعليمات مؤخراً إلى وزارة الفلاحة والتنمية الريفية لوضع رزنامة تكفل رفع نسبة استعمال المياه المعالجة في الري، مشيراً إلى أنّ استعمال هذا النوع من المياه في الجزائر "لم يتعدّ نسبة الـ 10 بالمائة".
أدلة تدين "أيادي الإجرام" في حرائق الغابات
أكد رئيس الجمهورية وجود أيادٍ إجرامية في الحرائق التي اندلعت في عدة ولايات نهاية جويلية الفارط، ووصف الأمر بـ "المؤكد"، مضيفاً: "هناك شهادات قدّمها مواطنون، لكن في العادة نحن نواجه المشاكل دون أن نلخصها في الفاعل، لذا يتعين التعامل مع هذا النوع من المسائل بذكاء"، مذكّرا بوجود عدة متهمين أمام العدالة التي ستفصل في هذه القضايا.
وكشف رئيس الجمهورية: "اطلعت على صور للعشرات من العجلات المطاطية المستعملة التي تم العثور عليها مخزّنة في غابة معزولة بولاية تيزي وزو"، مستطرداً: "رغم كل ما يقال، فإنّ التجربة الأليمة التي مرّت بها الجزائر في أوت 2021 بعد اندلاع حرائق الغابات بعدة ولايات، مكنتها من تقليص عدد الضحايا وآجال إخماد النيران، وهو ما يعدّ أمراً غير سار بالنسبة لأولئك الذين كانوا يتوقعون آلاماً جديدة للجزائريين".
وبشأن عمليات الإطفاء، أوعز رئيس الجمهورية: "حاولنا قدر المستطاع اقتناء طائرات كبرى لإخماد الحرائق، غير أنّ هذا النوع من العتاد غير متوفر في السوق الدولية، كما بحثنا عن إمكانية تحويل عدد من طائرات النقل العسكري إلى طائرات مكافحة الحرائق".
وأشار إلى أنّ الجزائر قامت باقتناء ست طائرات، استلمت إلى غاية الآن طائرة واحدة منها"، كما أنها "قامت باستئجار 6 طائرات أخرى من دولة الشيلي وهو العتاد الذي استلمته الجزائر قبل اندلاع الحرائق الأخيرة".
مراجعة قانون الأحزاب السياسية مستقبلاً
أعلن رئيس الجمهورية عن إخضاع قانون الأحزاب السياسية للمراجعة مستقبلاً، مشدّداً على أن القاسم المشترك بين كافة التشكيلات السياسية، على اختلاف توجهاتها، يتعين أن يكون "الوحدة الوطنية وبيان أول نوفمبر".
وأكد رئيس الجمهورية أنه سيتم مراجعة قانون الأحزاب السياسية، مشيراً إلى أنّ الأحزاب "حرة في تسطير برنامجها السياسي الخاص بها، غير أن القاسم المشترك الذي يجب أن يكون حاضرا هو الوحدة الوطنية وبيان أول نوفمبر الذي يدعو إلى بناء دولة ديمقراطية اجتماعية".
وأضاف أن "كل ما من شأنه تدعيم الجبهة الداخلية وكل ما له صلة بالخط الوطني مرحب به".
في هذا الصدد، دعا إلى "تجاوز الأساليب البالية" في النشاط الحزبي والتركيز على "العمل الفعال القائم على تجنيد المناضلين من الشارع الذي أصبح، بعد الحراك المبارك الأصيل، لا أحد بإمكانه تحويله عن مساره".
وفي الإطار ذاته، تطرق رئيس الجمهورية الى بعض نقاط الاختلاف مع عدد من الأحزاب التي قال إنه "ليس بإمكانه الاتفاق معها بشأنها"، مشيرا على سبيل المثال إلى دعوة بعض هذه التشكيلات السياسية إلى إطلاق سراح المتورطين في قضايا نهب المال العام وتهريبه إلى الخارج في حال تعاونهم لاسترجاعها، مشدّداً: "من سرق عليه دفع الثمن"، لأنّ "هذه الأمور، من الناحية الأخلاقية، لا تقاس بالمال فقط".
في سياق ذي صلة، لفت إلى أنّ التحريات التي تم إطلاقها في إطار تنظيم الانتخابات الأخيرة للمجالس المنتخبة، وعلى وجه الخصوص المجلس الشعبي الوطني، أبانت عن "محاولة العصابة تقديم 750 مترشحاً فاسداً لولوج البرلمان".
الناتج المحلي الخام قد يصل إلى 245 مليار دولار
أعلن رئيس الجمهورية عن إنشاء المحافظة السامية للرقمنة التي ستوضع على مستوى رئاسة الجمهورية، والتي ستقوم بهذا الدور الهام، مبرزاً أنّ رقمنة الاقتصاد بشكل كامل تسمح بتوفير جميع المعطيات الضرورية لاتخاذ القرار.
ولدى تطرقه إلى أهمية تنظيم الاقتصاد الجزائري، سجّل رئيس الجمهورية أنّ الاعتماد على الرقمنة سيمنح نظرة أكثر دقة على إمكانيات الاقتصاد الوطني، مشيراً إلى أنّ الجزائر لم ترد التصريح بأكثر من 225 مليار دولار كرقم رسمي للناتج المحلي الخام لسنة 2022، في حين أنه قد يتراوح في الواقع بين 240 أو 245 مليار دولار.
إلى ذلك، أكّد رئيس الجمهورية أنّ غالبية التزاماته الـ 54 أمام الشعب الجزائري تجسّدت على أرض الواقع، ويجري تنفيذ ما تبقى من هذه الالتزامات في إطار بناء الجزائر الجديدة، تعزيزاً لقوة الدولة للدفاع عن المواطن ومصالحه.
وحرص رئيس الجمهورية على إبراز الأشواط الكبيرة التي قطعتها الجزائر الجديدة في مختلف القطاعات، رغم بعض الانتقادات غير المؤسسة والمحاولات اليائسة للعودة إلى الماضي و"تلك فترة لن تعود أبدا" – مثلما قال –، مشدّداً على أنّ "الدولة أصبحت قوية للدفاع عن المواطن ومصالحه وليس للتسلط عليه".
المشاريع السكنية بمختلف الصيغ ستبقى مستمرة
طمأن رئيس الجمهورية بالقول إنّ المشاريع السكنية بمختلف الصيغ ستبقى مستمرّة وأنّ السكن سيظل من أولويات الدولة، غير أنه أكد أهمية "عدم التبذير" ومنح السكن لمن يستحقه.
برنامج جزائري صيني لمدّ شبكة سكك الحديد لنحو 6 آلاف كيلومتر
بخصوص ملف تطوير النقل بالسكك الحديدية، شدد رئيس الجمهورية على أنّ المسألة تشكّل "أحسن ضمانة للتنمية" في البلاد، لاسيما بالنسبة لمناطق الجنوب، مضيفاً أنّ الجزائر ستطلق برنامجاً مع شركاء صينيين لمدّ خطوط نقل بالسكك الحديدية بطول يقارب ستة آلاف كيلومتر.