الإذاعة الجزائرية
قدّم الفيلم الوثائقي "الشهيد إبراهيم بن يطو" (12 ديسمبر 1929 – 1961)، ليلة السبت، شهادات نادرة عن مسار واحدٍ من أبطال الثورة التحريرية الذين واجهوا آلة الاحتلال الفرنسي بكل بسالة وشجاعة في الولاية الثالثة.
برسم العرض الشرفي الأول للفيلم المذكور الذي أخرجه عبد الحميد أكتوف، قدّم الوثائقي (52 دقيقة) في سردية مصوّرة، بورتريهاً مطوّلاً لإبراهيم بن يطو الذي نشأ في أسرة محافظة وبسيطة بمنطقة عين الحجل في ولاية المسيلة، وتربى البطل يتيماً مثل الكثير من أطفال الجزائر، وتلقى تعليمه الأول في الكتاتيب ليضطر بعدها إلى العمل لمساعدة أسرته.
وبدأت تتشكل عند الشاب بن يطو قناعةً بضرورة تحرير الوطن من المستعمر الفرنسي، وتوسّعت تجربته الحياتية بعد سفره إلى فرنسا سنة 1953 بحثاً عن فرص أكبر للعمل وهناك انخرط في العمل السري الوطني، قبل أن يُكتشف أمره فتعرّض إلى التعذيب والاستنطاق، وحال عودته إلى أرض الوطن بدأ مسيرته الثورية وخاض مواجهات مباشرة مع العدو في مناطق بوسعادة ومسيلة وسور الغزلان وغيرها.
وبتصميم وبسالة، ظلّ الرجل الثائر يتنقّل من مكان إلى آخر متغلباً على الإصابات، وبرز بقيادته عدّة معارك بينها معركة نشبت على حدود ولاية بسكرة في قرية" أمدوكال" سنة 1957، وهو ما جعله يتقلد مناصب مسؤولية متتالية فعُيّن مسؤولاً على منطقة جبل "المحارقة" و"جبل امساعد"، وبقي فيهما متنقلاً حتى استشهد في إحدى المعارك سنة 1961.
وأفاد أكتوف أنّه تغلّب على غياب المادة الأرشيفية الكافية الخاصة بالشهيد بن يطو، باستخراج شهادات حية ممن عايشوا واحتكوا بالشهيد على غرار أقارب البطل، فضلاً عن كوكبة من المؤرخين والمجاهدين.
وأجمع متدخلو الوثائقي على قيمة الرجل الذي كان مميزاً من حيث الانضباط والقوة البدنية والذكاء ومعرفته الواسعة بجغرافية المنطقة، وقدرته على الرماية وصناعة القنابل اليدوية واستعمال البارود في المعارك وعلاقته الطيبة مع رفقاء الكفاح والتزامه العميق بالقضية الوطنية، لدرجة تنازله عن الزواج ومفارقته والدته وأهله.
الوثائقي الذي احتضنته قاعة سينماتيك العاصمة، يندرج ضمن عروض ستينية الاستقلال، وجرى إنتاجه عن سيناريو كتبه مراد حمداني، وانتهج المخرج وهو أيضاً مدير التصوير طريقة السرد التسلسلي المتصاعد للتعريف بشخصية الشهيد إبراهيم بن يطو، كما أثّث العمل بعض المادة الأرشيفية لتدعيم الجانب التاريخي، وأقحم مشاهد تمثيلية.
