يتواصل العدوان الصهيوني على قطاع غزة والضفة الغربية في يومه التاسع والعشرين على التوالي, حيث كثفت قوات الاحتلال من غاراتها وقصفها المدفعي على معظم أنحاء قطاع غزة, وسط قلق دولي شديد إزاء التصعيد غير المسبوق في المنطقة والاستهداف العمدي للمرافق الطبية على غرار المستشفيات وسيارات الاسعاف.
وفي آخر حصيلة مؤقتة لها, سجلت وزارة الصحة الفلسطينية اليوم السبت, استشهاد 9572 فلسطيني و اصابة اكثر من 26 ألف آخرين بجروح متفاوتة الخطورة, ناهيك عن فقدان حوالي 1950 مواطنا, بينهم ما لا يقل عن 1050 طفلا, تم الابلاغ عنهم منذ بدء العدوان, وقد يكونون محاصرين أو شهداء تحت الأنقاض في انتظار أن يتم انتشالهم, وفق الوزارة.
كما طالت يد الاحتلال, قافلة سيارات الإسعاف التي تقوم بإجلاء المرضى من مستشفى الشفاء في مدينة غزة نحو معبر رفح, حيث تعرضت للقصف الصهيوني ثلاث مرات أمس الجمعة, ما أدى إلى استشهاد أكثر من 15 مواطنا وإصابة العشرات وتدمير عدد من المركبات.
وعلى خلفية الاعتداء المتعمد على سيارات الاسعاف, أعرب مدير منظمة الصحة العالمية, تيدروس أدهانوم, عن صدمته الشديدة إزاء همجية قوات الاحتلال, مجددا دعوته إلى ضرورة حماية المرضى والعاملين الصحيين والمرافق وسيارات الإسعاف في جميع الأوقات, وداعيا إلى وقف إطلاق النار "فورا".
بدوره, أعرب الأمين العام للأمم المتحدة, أنطونيو غوتيريش, اليوم السبت عن فزعه إزاء الهجوم على قافلة إسعاف بالقرب من مستشفى "الشفاء" في قطاع غزة, وقال - في بيان صحفي - "إن صور الجثث المتناثرة في الشارع خارج المستشفى
مروعة".
و أضاف أن "المدنيين في غزة بمن فيهم الأطفال والنساء يحاصرون منذ ما يقرب الشهر ويحرمون من المساعدات, ويقتلون ويقصفون", مشددا على ضرورة وقف ذلك.
من جهتها, أدانت منظمة التعاون الإسلامي الجريمة البشعة التي ارتكبها الاحتلال الصهيوني باستهداف سيارات الإسعاف, داعية في بيان صحفي, المجتمع الدولي إلى "التدخل العاجل من أجل وقف هذا العدوان الغاشم الذي يستهدف المدنيين النازحين والمستشفيات والمدارس والمباني ودور العبادة".
وجددت المنظمة التأكيد على ضرورة فتح ممرات انسانية لإيصال المساعدات الإنسانية والطبية إلى قطاع غزة.
اعتداءات صهيونية متكررة ومتعمدة على المرافق الصحية
لم تسلم المرافق الصحية ولا حتى الكوادر الطبية من القصف العنيف بقطاع غزة, حيث سجلت وزارة الصحة الفلسطينية 130 اعتداء على القطاع الصحي, سقط على اثرها 150 شهيد من الكوادر الصحية, و43 من الدفاع المدني, وجرح أكثر من 120, بينما تضررت 50 سيارة إسعاف بينها 28 تعطلت عن العمل بشكل كامل.
كما تم إغلاق 16 من أصل 35 مستشفى في قطاع غزة, و51 من أصل 72 مركز رعاية صحية أولية بسبب الأضرار الناجمة عن القصف أو نقص الوقود, ومطالب من 24 مستشفى بالإخلاء في شمال قطاع غزة (السعة الإجمالية لهذه المشافي 2000 سرير), على غرار مستشفيي القدس والاندونيسي اللذين تعرضا للقصف والغارات, نجمت عنها تدميراجزاء كثيرة منهما ووقوع عدد كبير من الشهداء والجرحى.
من جهتها, أعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني تقليص عدد مركبات الإسعاف التي تشغلها, كما واجهت جميع الوكالات الإنسانية وموظفوها قيودا كبيرة في تقديم المساعدات الإنسانية, حيث لا يمكن للشركاء في المجال الإنساني الوصول بأمان إلى الأشخاص المحتاجين والمستودعات التي يتم تخزين إمدادات المساعدات فيها.
الى ذلك, أكدت وزارة الصحة الفلسطينية أن نحو 15 مرفقا صحيا و 51 عيادة صحة أولية تعرضت للتدمير الكامل او الجزئي, كما أوقف 55% من شركاء القطاع الصحي عملياتهم جراء الأضرار الكبيرة في البنية التحتية.
فيما أدى العدوان المستمر - تضيف الوزارة - إلى نزوح معظم الكوادر الصحية, ما أجبر المستشفيات على العمل بأقل من ثلث الاحتياج اللازم لعلاج العدد الكبير من الجرحى.
ونوهت ان المستشفيات المتبقية تعاني من نقص حاد في الوقود, ما قد ينتج عنه تقنين صارم واستخدام جد محدود لمولدات الكهرباء, و احتمال توقف حاضنات حديثي الولادة, لافتة إلى وجود 350 ألف مريض من المصابين بالأمراض غير المعدية, و 1000 مريض بحاجة إلى غسيل الكلى, حيث إن 80% من آلات الغسيل موجودة في مشافي شمال غزة اين يصعب الوصول اليها.
وفي ذات السياق, حذرت وزيرة الصحة الفلسطينية, مي الكيلة, من كارثة إنسانية قد تحدث خلال الساعات القليلة القادمة جراء توقف مولدات الكهرباء الرئيسية بسبب نفاد الوقود في مجمع "الشفاء" الطبي في مدينة غزة, مؤكدة أن المولدات الثانوية التي تم تشغيلها لا تكفي إلا لتشغيل ثلاثة أقسام رئيسية حساسة ولساعات فقط, شأنه شأن المستشفى الاندونيسي الرئيسي الذي توقف عن العمل بسبب نقص الوقود.
للإشارة, فإن مستشفى "الشفاء" يعد من اكبر المستشفيات في غزة ويعالج آلاف المرضى, كما يستضيف آلاف النازحين الباحثين عن ملاذ آمن من القصف الصهيوني المكثف على القطاع.