تحيى الجزائر اليوم الذكرى السنوية الـ 63 لأحداث مظاهرات الـ 11 ديسمبر 1960 في أجواء من الترحم والخشوع على شهداء هذه المظاهرات السلمية الذين سقطوا بالمئات في مدن البلاد للمطالبة بالحق في تقرير المصير وإسقاط المناورات والمشاريع السياسية للجنرال ديغول من أجل مصادرة الحق في الاستقلال والبقاء تحت نفوذ المعمرين والقادة العسكريين الفرنسيين المجرمين في حق الجزائر المكافحة وشعبها.
وقد جاءت هذه المظاهرات لتعزيز خيار الاستقلال وموقف الحكومة الجزائرية المؤقتة في المفاوضات والتأكيد على أن حزب جبهة التحرير الوطني هو الممثل الوحيد للشعب الجزائري وذلك بعد إخفاق الجولة الأخيرة من المفاوضات التي جرت قرب باريس ما بين أواخر شهري ماي وجوان 1960 واقترح خلالها الفرنسيون استسلام جيش التحرير الوطني وفصل الصحراء عن الجنوب.
وقد شكلت هذه المظاهرات التي فاجأت الجنرال ديغول عشية زيارته للجزائر وغلاة المستوطنين المجرمين والقادة العسكريين نهاية حلم "الجزائر فرنسية " وخصوصا بسرعة انتشارها في المدن الرئيسية ومنها العاصمة وأظهرت بأن الثورة الجزائرية تسندها حاضنة شعبية كبيرة داخل المدن وليس فقط بالأرياف والجبال وأن الشعب كله يساند فكرة التحرر من نير الاستعمار.
وبرأي الكثير من المؤرخين فان هذه المظاهرات بدأت عشية العاشر من ديسمبر ولكنها بلغت أوجها في اليوم الحادي عشر واستمرت إلى غاية الـ 16 من ديسمبر وحمل خلالها المتظاهرون الرايات الوطنية وطالبوا بالحق في الاستقلال وهتفوا بحياة الثورة وبضرورة العودة إلى المفاوضات.
وقد سارعت قوات الجيش الاستعماري وشرطة الاحتلال والمستوطنون إلى الاعتداء على المتظاهرين بإطلاق الرصاص الحي بطريقة عشوائية ونجم عنها سقوط المئات واعتقال الآلاف منهم بطريقة وحشية وغير إنسانية.
نصر دبلوماسي
وكانت هذه المظاهرات لقيت صدى كبيرا على الساحة الدولية وتعاطفا عالميا لا نظير له وسارعت الأمم المتحدة في دورتها الـ 15 المنعقدة في ال 20 من ديسمبر من نفس السنة إلى المصادقة على لائحة تنص بلا لبس على حق الشعب الجزائري في تقرير المصير بكل حرية ودون تأخير.
وقد زاد هذا الانتصار الدبلوماسي الذي تحقق للقضية الجزائرية في نيويورك في عزلة فرنسا الاستعمارية وعجلت بسقوط جميع الخيارات والمناورات السياسية المطروحة لوأد فكرة الاستقلال وعندها اقتنع ديغول بضرورة استئناف المفاوضات مع الحكومة الجزائرية المؤقتة وكانت عسيرة لكنها كللت في نهاية المطاف إلى إعلان وقف إطلاق النار في 19 مارس 1962 وإجراء الاستفتاء الخاص بتقرير المصير في الثالث جويلية وصوت خلاله الشعب الجزائري بالأغلبية غلى خيار الاستقلال وتم إعلانه رسميا في الخامس جويلية 1962.