أجمع خبراء ومختصون في الشأن الطاقوي، هذا الأحد، على الأهمية البالغة للقمة السابعة لرؤساء وحكومات منتدى الدول المصدّرة للغاز (29 فيفري – 02 مارس 2024 بالجزائر)، في ظلّ سياق دولي يتسمّ بالتوتّرات الواقعة على المستوى العالمي، مؤكدين أنّ مخرجات قمة الجزائر للغاز ستكون مؤثرة على 3 مستويات.
برسم منتدى "إذاعة الجزائر الدولية" حول القمة السابعة للغاز بعد 46 يوماً من الآن، أكّد الخبير الدولي في الطاقة د. بغداد مندوش أنّ القمة تأتي في ظرف دولي خاص اتسمّ بتأثر بعض الدول في ظلّ الحرب الروسية الاوكرانية والعدوان الصهيوني على قطاع غزة.
ولفت مندوش إلى أنّ "الدول الغربية كانت تستورد 45 بالمئة من احتياجاتها للغاز من روسيا، وبعد الحرب أصبحت أوروبا تبحث عن بديل وشركاء جدد، والجزائر إحدى البلدان التي لعبت دوراً هاماً في تزويد أوروبا بالغاز في 2023، فأصبحت تصدّر ضعف الكمية المعتادة لفرنسا، وعادت إلى المرتبة الاولى كمُصدّر لإسبانيا، إضافة إلى ايطاليا التي صدّرت لها 27 مليار متر مكعب بزيادة بلغت 4 مليارات متر مكعب".
في السياق ذاته، نوّه مندوش بأهمية الاستكشافات الجديدة بمنطقة توات وشمال رقان وحاسي بركين وغيرها من الاستكشافات التي ستزوّد الانتاج والتخزين الجزائري في عام 2024 والسنوات المقبلة .
وشدّد مندوش على الدور المحوري الذي ستلعبه الجزائر خلال هذه القمة من حيث لمّ شمل كل البلدان الأعضاء، نظراً للدور الاستراتجي الذي يلعبه الغاز على الصعيد العالمي، مضيفاً: "كل المعطيات التي تقدّمها الوكالة أو المجلة العالمية للطاقة من 2024 الى غاية 2050، تؤكد أنّ الطلب على الغاز سيزداد بنسبة 2 بالمئة سنوياً، وفي عام 2050 ستبلغ زيادة الطلب ما بين 22 إلى 25 بالمئة".
في سياق موصول، أبرز المتحدث ذاته، أهمية تصنيف الغاز في ندوة الأمم المتحدة (2022 بشرم الشيخ)، كطاقة نظيفة، خاصةً من خلال اعتماد الجزائر على التقنيات الحديثة التي تعمل على فصل أكسيد الكربون عن الغاز، وبالتالي التماشي مع الطاقات الجديدة والمتجددة .
من جانبه، تطرّق الخبير الطاقوي المعتمد من طرف المعهد الأمريكي للبترول، الأستاذ رمضان سعيدون إلى الضغوطات التي تتعرّض لها الدول المصدّرة للغاز وحتى الدول المستوردة بسبب ارتباط "البترول والغاز" بالتحولات الجيو سياسية التي تؤثر على منطق العرض والطلب" .
وأردف: "المنتدى جاء في وقت حساس بالنظر إلى الأحداث الواقعة في سوق الغاز والنفط بصفة عامة، فمنذ بداية 2020 كان هناك حدث عكسي بالنسبة للدول المصدّرة والمنتجة للغاز لما كانت هناك جائحة كورونا، حيث تراجع الطلب وانكمش الاقتصاد العالمي، وبعد ذلك كان هناك الحدث العكسي الثاني بالنسبة للدول المستهلكة للغاز على خلفية التحولات الجيوسياسية في شرق أوروبا، ما أدى إلى حدوث ضغط على الدول المنتجة للغاز بما فيها الجزائر، من حيث ازدياد الطلب وارتفاع أسعار الغاز".
وأضاف سعيدون: "التحول الجيوسياسي الآخر حاصل في قطاع غزة جرّاء العدوان المتواصل من قبل قوات الاحتلال، وكما هو معلوم احتياطي الغاز ببحر غزة معتبر جداً، لذلك يعمل الاحتلال من خلال حربه للاستيلاء على تلك المقدّرات بالشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية ."
وأكّد أنّ هذه التحولات الجيوسياسية ألقت بظلالها على سوق الغاز، ما جعل الطلب العالمي على الغاز ينمو هذه السنة، بواقع 1.6 بالمئة في السوق العالمية، وهذه التحولات في سوق الطلب والعرض – بحسب المتحدث – ستلقي بظلالها على المنتدى وقراراته الهامة المرتقبة.
وأبرز سعيدون أنّ مخرجات قمة الجزائر ستؤثر ليس فقط على أسعار الغاز العالمية، بل من خلال كيفية إضافة كميات إلى السوق العالمية وتحديات أخرى تكمن في التحكم بالتكنولوجيات والتقنيات الحديثة في حقول الغاز، كما أنّ القمة ستشهد ورشات برؤى مستقبلية .
دبلوماسية الجزائر الطاقوية في الواجهة
تطرّق الخبير الاقتصادي محفوظ كاوبي إلى الدبلوماسية الطاقوية الجزائر ودورها المحوري في هذا المجال، مؤكداً أنّه سيترتب عن التحولات الحاصلة، إعادة النظر في مجموعة العلاقات المرتبطة ما بين الفواعل الأساسية على مستوى الاقتصاد العالمي .
ولاحظ كاوبي أنّ: "الطاقة تعد عنصراً أساسياً في فكّ عمليات النمو، وانطلاقاً من تصريح مديرة صندوق النقد الدولي في اليوم الذي تلا بداية العدوان الصهيوني على قطاع غزة، حيث قالت بصريح العبارة إنّ الاقتصاد العالمي في حالة مخاض جد صعبة، ولا يحتاج إلى سحابة اخرى تضاف إلى الحرب الأوكرانية وهي تعني عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، خصوصاً وأنّ 65 بالمئة من احتياطي الغاز العالمي تتركّز في روسيا ومنطقة الشرق الأوسط".