ألقى الاعلامي المهتم بالتراث الثقافي طاهر أحاد هذا الإثنين بالعاصمة، محاضرة تراثية تناول فيها بالتفصيل مظاهر إحياء مناسبة عاشوراء لدى الطوارق.
في تظاهرة ثقافية منظمة عشية إحياء ذكرى عاشوراء بادر إلى تنظيمها المتحف الوطني العمومي للفنون والتقاليد الشعبية قصر خداوج العميا بالقصبة السفلى، أشار احاد إلى العديد من العادات والتقاليد التي لازال سكان منطقة جانت من الطوارق محافظين عليها وفي مقدمتها تظاهرة "السبيبة" التي دأبوا على اقامتها كل سنة في مهرجان وطني باعتبارها إحدى الشعائر التقليدية الممارسة هناك.
وذكر أحاد أن أهالي الطوارق يتأهبون للاحتفال بالسبيبة منذ بزوغ فجر رأس السنة الهجرية وعلى مدار عشرة أيام في إطار مايسمى "تيمولاوين" باللهجة المحلية وتعني الدعوات إلى إحياء المناسبة التي تنطلق من أول محرم وتتواصل إلى غاية يوم عاشوراء أي يوم السبيبة في تقاليدهم .
ولفت أحاد إلى الخلفية الإصطلاحية لمناسبة السبيبة ، وهي مفهوم متشعب من حيث تأويلاته التي تعود جذورها إلى فترة عريقة جدا تعكس حضارة مجتمع محافظ اتخذ من الأشكال الفنية منارة تتوهج إشعاعا تراثيا تكون مرآة عاكسة للهوية الوطنية.
كما ذكر طاهر أحاد بأن تصنيف السبيبة كتراث عالمي غير مادي من طرف منظمة اليونيسكو سنة 2014، يدعو إلى ضرورة الحفاظ على استمرارية الاحتفاء بهذا المظهر المجتمعي وذلك يتطلب تكاثف جهود الجمعيات الثقافية الفاعلة في التراث والناشطين الثقافيين إضافة إلى السكان الأصليين إلى جانب جهود السلطات الوصية للحفاظ على هذا الإرث الحضاري من الاندثار.
وأشاد أحاد بتميز السبيبة من حيث الشكل بفضل التنوع الثقافي القائم على تباين الألبسة التقليدية التي يرتديها سكان جانت من الطوارق من شتى الشرائح العمرية ومن كلا الجنسين مايعكس تمسك المجتمع هناك بموروثهم الشعبي.
وقال أحاد إن اتقانه للهجة التارقية بكل تمظهراتها جعله يفهم التجليات الثقافية لساكنة الجنوب ، الذين يستعينون بالأشكال التعبيرية الشفهية الممثلة في الحكم والأمثال الشعبية وفن القول حتى يتسنى لهم التواصل في سياق احتفالي.
وبالحديث عن الجانب الترفيهي للسبيبة، فإن المناسبة تتخللها منافسات في إلقاء الأشعار القديمة والمحاكاة اللغوية التي يلقيها الأطفال بينما يهتم الشباب والكبار بإنتاج أشعار جديدة ونقلها للأجيال المتعاقبة حتى يستنى حفظها وحمايتها كما ينبغي.
وفيما يخص الطابع الفني للسبيبة ، فقد تحدث أحاد عن حضور الأهازيج والإيقاعات الموسيقية المستوحاة من الطبوع الفنية الصحراوية حيث تردد جملة من الأغاني تستقطب السائحين من شتى البقاع حتى يستمتعوا بالوصلات الطربية النابعة من عمق الجنوب وبالتالي اكتشاف الفن كأحد المقومات السياحية للمنطقة.
وذهب الطاهر أحاد إلى الناحية الدينية للعادات والتقاليد التي يحافظ عليها الطوارق، من خلال الاجتهاد في الصيام والقيام والاكثار من مقامات ذكر الله ،وتقوية أواصر صلة الأرحام واللمات الأسرية باعتبارها تحمل في طياتها أبعادا تاريخية رمزية.
وتناول الاعلامي أحاد أهم الأطباق التقليدية التي يتم إعدادها خصيصا على غرار الكسكس ، وطبق "تاقلة" أي وهو نوع من الخبز التقليدي الذي يتم تحضيره تحت الرمل على شكل فرن طبيعي يضاف إليه مرق بالخضر ولحم الخروف أو الإبل ، إضافة إلى طبق الفتات الذي يشبه إلى حد كبير طبق الشخشوخة، ناهيك عن عصير التمر المعروف باللهجة المحلية ب "إيغلي" ، وكذا طبق العصيدة الذي يضاف إليه دهن الماعز.
ودعا أحاد إلى ضرورة توثيق إحياء عادة السبيبة سمعيا وبصريا باستعمال التكنولوجيا الحديثة للإعلام والاتصال ، مستدلا بإعداد فيديوهات تبث عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي حتى تتسع دائرة ونطاق الترويج لهذا الموروث الثقافي الشعبي عبر الأجيال .