شهدت العهدة الأولى لرئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، عودة قوية للدبلوماسية الجزائرية في مختلف المحافل الدولية، على نحو عزّز مكانة الجزائر في العالم، بفضل الأداء الدبلوماسي الهام الذي هندسه رئيس الجمهورية، بما أسهم في تعميق مبادئ الدبلوماسية الجزائرية التي برزت كفاعل قوي في حلّ الأزمات ونشر السلم والأمن الدوليين.
ومن بين المحطات الفارقة، كان الخطاب القوي الذي ألقاه رئيس الجمهورية، في الدورة الـ 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة، وأكّد فيه التزام الجزائر بمبادئها الثابتة في نصرة القضايا العادلة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية وحقّ الشعب الصحراوي في تقرير مصيره.
وفي خطوة تاريخية، صادقت غالبية دول العالم في العاشر ماي 2024، على عضوية فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأتى ذلك ثمرة لدعم الجزائر المتواصل في كل اجتماعات مجلس الأمن الدولي، وجهودها الدؤوبة لإنهاء العدوان الصهيوني الهمجي على غزة والضفة، وشجبها المستمرّ للاعتداءات الصهيونية الدموية وانتهاكاتها المفضوحة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وكانت مشاركة رئيس الجمهورية في قمة السبع بباري الإيطالية، منعطفاً شدّ أنظار المتابعين وطنياً ودولياً، وتميّز حضور الرئيس تبون بنشاط مكثف أجرى خلاله سلسلة لقاءات ومحادثات مع كبار قادة ورؤساء دول العالم ومسؤولي منظمات دولية وإقليمية وقارية.
الشريك الموثوق والصوت المسموع
تعدّ مشاركة رئيس الجمهورية في مختلف المحافل الدولية دليلاً على الدور الاستراتيجي للجزائر، وتأكيداً لمبادئ الجزائر الثابتة في الدفاع عن الشعوب المضطهدة وحقّها في تقرير مصائرها، وأتى هذا الدور المؤثر ليرسّخ تموقع الجزائر كشريك موثوق وصوت مسموع.
إجمالاً، تعتبر الفترة ما بين عامي 2019 و2024، عنواناً كبيراً لعودة الجزائر القوية إقليميًا ودوليًا، حيث كان للجزائر حضورها الفاعل في حلحلة معضلات الصحراء الغربية وليبيا واليمن ومالي ومنطقة الساحل وغيرها من بؤر التوتر، والتأكيد على مواقفها الثابتة اتجاه المقاربات السلمية في حلّ هذه الأزمات.
وشهدت القمة العربية الـ 31 التي احتضنتها الجزائر (الفاتح والثاني نوفمبر 2022)، تحقيق نتائج استثنائية بفعل الرؤية التي طرحتها الجزائر، والجهود السياسية والدبلوماسية التي بذلتها في سبيل إنجاحها،والحرص الذي ظلّت الجزائر توليه لإعادة العمل العربي المشترك، إلى الواجهة.
وتميّزت قمة الجزائر عن باقي القمم العربية، في النتائج المتمخضة عن اجتماع رؤساء الدول والحكومات العربية، وفي الرؤية الجديدة لدور الجامعة العربية، وفي تفعيل الارادة العربية المشتركة للردّ على التهديدات المتنامية داخل وخارج المنطقة العربية، وفي تفعيل عوامل القوة للوطن العربي، في معادلة التوازنات الاقليمية والدولية،لمرحلة ما بعد الأحادية الأمريكية، لصالح عالم متعدد الأقطاب.
وكان تنظيم قمة الجامعة العربية في الجزائر، نقلة مفصلية وتاريخية بكل المقاييس، تمّ فيها لمّ الشمل لمقوّمات الوزن الإقليمي العربي، وكان لإعلان الجزائر، دفعاً قوياً نحو رؤية عربية جديدة،للذات وللعالم ولكيفية إعادة ترتيب وتفعيل موازين القوة لعالم يتغير بسرعة ولا يلتفت إلى الجمود والضعف.
وجرى تتويج تلك القمة، بتكريس إعلان الجزائر لخمسة اتجاهات عربية كبرى، تصدّرها تأسيس لجنة وزارية عربية مفتوحة العضوية برئاسة الجزائر، للتحرك على المستوى الدولي لمساندة جهود فلسطين في نيل المزيد من الاعترافات والحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة وعقد مؤتمر دولي للسلام، وتوفير الحماية الشعب الفلسطيني.
وفي مقاربته للقضية الفلسطينية، ركّز إعلان الجزائر على مركزيتها، بجانب تشديده على الدعم المطلق لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، بما فيها حقه في الحرية وتقرير المصير وتجسيد دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة على حدود الرابع جوان 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وحق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 لعام 1948.
وبتاريخ السادس جوان 2023، تمكّنت الجزائر من العودة بقوة إلى الساحة العالمية من بوّابة مجلس الأمن الدولي الذي انتخبت فيه عضواً غير دائم للفترة ما بين سنتي 2024 و2025، في إنجاز دبلوماسي يؤكد مصداقيتها ومكانتها المرموقة وعلى عقيدتها الدبلوماسية في العالم.
ولعلّ الثقة التي اكتسبتها الجزائر، دليل على أنّها أصبحت قوة استراتيجية وإقليمية من شأنها الإسهام بقسط كبير في تحقيق السلم والأمن الدوليين، والأكيد، أنّ القادم سيشهد المزيد من أدوار الجزائر الفاعلة في النظام العالمي الجديد، وسيعطيها العديد من الإحرازات الهامة.
ملتيميديا الإذاعة الجزائرية – نهال ساحد