يواصل الاحتلال الصهيوني منذ 7 أكتوبر الماضي، "سياسة الأرض المحروقة" بحق الأسرى الفلسطينيين، حيث تحولت سجون الاحتلال إلى زنازين للموت والتجويع والجرائم غير المسبوقة في انتهاك صارخ للقانون الدولي، في ظل صمت دولي رهيب، رغم توثيق الكثير من الجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية.
وحملت تصريحات العديد من الأسرى المفرج عنهم مؤخرا وكذلك محاميهم وعائلاتهم شهادات حية عن أبشع أساليب التعذيب والتنكيل بحق المعتقلين الفلسطينيين والتي تجاوزت الحرمان من أبسط الحقوق التي تكفلها المواثيق الدولية إلى سياسية "التجويع" وكسر الأطراف والتصفية الجسدية، حيث استشهد منذ 7 أكتوبر 2023 ما لا يقل عن 21 شهيدا تم الإعلان عنهم رسميا في ما يستمر الاحتلال في إخفاء هويات العشرات من معتقلي غزة، الذي استشهدوا في سجونه ومعسكراته.
وأكد الأسير الفلسطيني المحرر سامي أحمد حسين الخليل من مدينة نابلس، أن 7 أكتوبر الماضي شكل مرحلة انتقالية في تاريخ الحركة الأسيرة الفلسطينية في جميع النواحي وعلى كل الأصعدة، حيث تعرض الأسرى إلى إجراءات انتقامية غذتها سياسة الحكومة المتطرفة والمستوطنين المجرمين.
وأبرز أنه بعد "طوفان الأقصى"، اقتحمت قوات أمنية كبيرة مدججة بالسلاح السجون وقاموا بالتنكيل بالأسرى. كما صادروا كل شيء .
ويستذكر السجين المحرر الذي قضى 20 سنة في سجون الاحتلال، ما يتعرض له الأسرى من تعذيب وتجريد من الملابس بشكل كامل وتقييد للأيدي والأرجل، ليلا ونهارا وتعصيب للعينيين والحرمان من النوم والغذاء والعلاج و زيارة الأهل.
وأضاف أن إدارة السجن كانت تمنعهم الخروج من الغرفة المزدحمة التي تأوي 11 أسيرا، رغم أن طاقة الاستيعاب لا تتجاوز 4 أسرى فقط، لافتا إلى حرمانهم من البطانيات في عز البرد الذي تعرفه صحراء النقب.
والأخطر، بحسب المتحدث، أن "جلادي الاحتلال أصبحوا يكسرون أطراف الأسرى وينهالون عليهم بالعصي والهراوات إلى غاية الموت"، مستشهدا بما حدث للأسير الشهيد ثائر أبو عصب الذي قتله الاحتلال ضربا.
كما لفت المتحدث إلى أن الاحتلال يتعمد الدفع إلى انتشار الأمراض وسط الأسرى عن طريق منع دخول مواد التنظيف والحصول على الماء لمدة ساعة واحدة في اليوم، للاستحمام والشرب.
ولخص سامي أحمد حسين الخليل، الذي اعتقل في عام 2003 وأطلق سراحه في عام 2024 ما يحدث في سجون الاحتلال بالقول "ما يجري فاق ما حدث من جرائم بسجون النازية في أربعينات القرن الماضي"، في محاولة لخلق حالة من الردع عند الفلسطينيين، لثنيهم عن مقاومة الاحتلال.
من جهته، أكد المحامي علاء السكافي، مدير مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان بغزة، أن الاحتلال الصهيوني طور بعد 7 أكتوبر الماضي، أساليب التعذيب بحق المعتقلين وبطريقة غير مسبوقة، حيث تمت تصفية العديد من الأسرى جسديا في السجن وأثناء عملية الاعتقال أو النقل من منطقة إلى أخرى ومن سجن لأخر أو إلى معتقلات الجيش الصهيوني.
وأبرز في سياق ذي صلة، جريمة الإخفاء القصري للفلسطينيين في معتقلات ومراكز للجيش الصهيوني وهي مراكز وقواعد عسكرية غير معترف بها كسجون وغير معروفة لدى الجهات الرسمية والحقوقية، حيث يفقد فيها المعتقلون أي اتصال بالعالم الخارجي.
وأكد الحقوقي الفلسطيني أن الاحتلال قام وبدم بارد بإعدام العديد من المعتقلين وهم مكبلي الأيدي ومعصوبي الأعين، بحسب إفادات بعض الأسرى المفرج عنهم والتي وثقتها منظمة الضمير لحقوق الإنسان، مشيرا إلى أنه يتم إطلاق الكلاب البوليسية التي تنهش أجساد المعتقلين وهم مكبلي الأيدي، وهو ما تسبب في وفاة عدد منهم.
كما أشار إلى أن إدارة السجون ترفض تقديم العلاج للمصابين.
وفي حديثه عن حرب التجويع، أفاد الحقوقي الفلسطيني أنه يتم حرمان المعتقلين من الأكل والشرب، قائلا: "كل المفرج عنهم أجسادهم نحيلة ومصابون بسوء تغذية والأمراض جراء نقص الطعام، حيث يتم تقديم بضع شرائح من الخبز خلال وجبة واحدة أو وجبتين في اليوم".
وتوقف السيد علاء الاسكافي أيضا عند انتشار الأمراض الجلدية والأوبئة بين الأسرى، بسبب منع الاستحمام، ناهيك عن غياب الرعاية الطبية والإهمال المتعمد والممارسات الحاطة بالكرامة الانسانية.