الجزائر تطرح 4 مطالب لتصحيح الظلم التاريخي ضد إفريقيا في مجلس الأمن

12/08/2024 - 17:25

أعلن الأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، لوناس مقرمان، اليوم الاثنين، عن طرح الجزائر أربعة مطالب لتصحيح الظلم التاريخي ضد إفريقيا في مجلس الأمن الأممي.  

أتى ذلك في كلمة ألقاها، مقرمان، برسم النقاش المفتوح رفيع المستوى لمجلس الأمن في نيويورك حول "تصحيح الظلم التاريخي ضد إفريقيا بفعل غياب التمثيل الفعال لها في مجلس الأمن".

وأوعز مقرمان: "المطلوب أولاً، هو تصحيح الظلم التاريخي الذي تعاني منه القارة الإفريقية، باعتبارها الغائب الوحيد في فئة الأعضاء الدائمين والأقل تمثيلاً في فئة الأعضاء غير الدائمين. لذلك، تطالب إفريقيا بحقها في الحصول على مقعدين دائمين بالإضافة إلى مقعدين غير دائمين في مجلس الأمن، مع جميع الامتيازات المرتبطة بهذه المقاعد".

وأضاف: "المطلوب ثانياً، هو عملية إصلاح تعيد للمجلس فعاليته وقدرته على التحرك في وجه التهديدات المتنامية للسلام والأمن الدوليين، وبالتالي ضرورة بلورة تصور يمكن هذه الهيئة الأممية من النأي بنفسها عن التجاذب والاستقطاب، والتركيز أكثر على دورها ومسؤولياتها وفقاً لميثاق الأمم المتحدة".

وشدّد مقرمان على أنّ "المطلوب ثالثاً، هو إصلاح لا يقتصر على تحقيق مجلس يكون أكثر تمثيلاً للدول النامية، وعلى رأسها إفريقيا، بل يتعدى ذلك ليشمل جميع المسائل المتعلقة بأساليب عمل المجلس واستعمال حق النقض (الفيتو) والتفاعل بين المجلس والهيئات الأممية. فمجرد توسيع العضوية لا يضمن الفعالية المطلوبة ما لم يتم تحسين القواعد التي تحكم عمل المجلس. فالتمثيل دون الفعالية لا يكفي، والفعالية والنجاعة المطلوبة دون التمثيل المناسب لا تحقق الهدف".

وذهب الأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية إلى أنّ المطلوب رابعاً وأخيراً، هو "أن يظهر الأعضاء الدائمين في المجلس دعماً صريحاً والتزاماً واضحاً بمسار الإصلاح من خلال الاستجابة الفعلية لتطلعات إفريقيا المشروعة، كما يُنتظر منهم المشاركة البناءة في المفاوضات الحكومية الدولية والعمل بجد للتوصل إلى توافق في الآراء بشأن إصلاح المجلس، مع ضرورة الالتزام بالجمعية العامة للأمم المتحدة والمفاوضات الحكومية كإطار جامع لمعالجة ملف إصلاح مجلس الأمن، ورفض أي محاولة لتقويض مصداقية هذا الإطار لصالح مبادرات أو خطط موازية".

وأبرز، مقرمان، تمنيات رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، الخالصة بنجاح نقاش مجلس الأمن، وكله ثقة بأنّ هذا الاجتماع المفتوح الذي يُعقد بمبادرة من جمهورية سيراليون، منسق لجنة العشرة المعنية بإصلاح مجلس الأمن، سيسهم في تنوير أعضاء المجلس حول مرتكزات وأهداف الموقف الإفريقي المشترك حول هذا الملف.

العودة إلى المسار السليم ولغة الحوار والحلول التوافقية

ركّز مقرمان في كلمته على أنّ اجتماع مجلس الأمن يُعقد في سياق دولي وإقليمي مثقل بالتحديات والمخاطر التي تهدد السلام والأمن الدوليين، سياق سمته البارزة تجدّد حالة الاستقطاب بين القوى العالمية، وتآكل هيبة القانون الدولي وعودة أسلوب الانتقائية في تحديد الأولويات الأممية، والازدواجية في المعايير، وتصاعد خيار اللجوء لاستعمال القوة كوسيلة لحل الخلافات.

وأشار إلى أنّ الذي تقدّم، يحدث في ظلّ الأزمة الحادة التي ألمَّت بمنظومة الأمن الجماعي ووسط الشلل شبه التام الذي يطال مجلس الأمن الأممي وإخفاقاته المتكررة في وضع حد، أو حتى كبح، سياسات الأمر الواقع والإجراءات الأحادية الجانب، وتغليب مصلحة القوي على الضعيف وتوفير الحماية والغطاء السياسي لتصرفات الظالم المشينة على حساب حقوق المظلوم المشروعة.

وأمام هذا الوضع المتأزم، تقف المجموعة الدولية موقف المتفرج أمام تتابع الأزمات وتفاقمها بشكل غير مسبوق، ممّا يعرقل فرص التعامل الفعّال معها، ويهدد إمكانيات إيجاد حلول تتناسب مع متطلبات تحقيق الأمن والاستقرار العالميين.

ولاحظ مقرمان: "عانت قارتنا الإفريقية بشكل كبير من هذا الواقع المؤلم والمتأزم الذي يفرض نفسه بقوة خصوصاً في منطقة الساحل الصحراوي، حيث أخذت التحديات الأمنية والتنموية والإنسانية أبعاداً خطيرة ومقلقة للغاية. يأتي ذلك في ظلّ تصاعد التدخلات الخارجية وتعارض مصالحها، وتفاقم ظاهرة الإرهاب والجريمة المنظمة، بالإضافة إلى انتشار بؤر التوتر وتجدد ظاهرة التغييرات غير الدستورية في الحكومات، مما أعاد إلى الأذهان فترة تاريخية كنا نظن أنها قد ولّت بلا عودة".

وبناءً على ما سلف، ركّز مقرمان على أنّ "التطورات تدفعنا إلى مواصلة العمل وتنسيق جهودنا لدفع الدول الإفريقية التي تعيش اضطرابات مرحلية، إلى العودة إلى المسار السياسي السليم وإلى تغليب لغة الحوار والحلول التوافقية التي لا تقصي أحدا، لتحقيق الأمن والاستقرار الذين تتطلع شعوب المنطقة إلى تجسيدهما".

معاناة الشعبين الصحراوي والفلسطيني

في السياق نفسه، ذكّر مقرمان بـ "المعاناة المستمرة التي يعيشها شعب الصحراء الغربية، المستعمَر منذ أكثر من خمسين عامًا، والذي ينتظر بصبر اعتراف المجتمع الدولي بحقه الثابت وغير القابل للتصرف في تقرير مصيره وإنهاء استغلال موارده الطبيعية بشكل غير قانوني، ووقف ممارسات الاحتلال التي تنتهك حقوقه المشروعة".  

وتابع مقرمان: "يتطلع هذا الشعب المكافح إلى تفعيل قرارات مجلس الأمن بشأن هذه القضية المطروحة على أجندته وإلى اتخاذه خطوات ملموسة وهادفة لدفع عملية التسوية في إطار العقيدة الراسخة للأمم المتحدة في مجال تصفية الاستعمار ووفقًا للمعايير المتفق عليها التي حددها مجلس الأمن الأممي".

ولفت الدبلوماسي الجزائري إلى "ما يعيشه أشقاؤنا في فلسطين من مأساة حقيقية تتفاقم يوماً بعد يوم  وحرب الإبادة التي تشنها سلطة الاحتلال على الشعب الفلسطيني منذ أكثر من عشرة أشهر على التوالي بسبب عجز مجلس الأمن عن ردع المحتل الإسرائيلي عن جرائمه وكَفِّ انتهاكاته لقواعد القانون الدولي التي بات الاحتلال الاستيطاني لا يعبأ بها، ولا يحسب أدنى حساب لما تقره، ويضرب عرض الحائط بكل ما تفرضه من التزامات".

حتمية إنتاج واقع جديد

سجّل مقرمان أنّ "جلّ هذه التطورات التي تفرض واقعاً جديداً يجب علينا التعامل معه بروح المسؤولية والحزم والصرامة انطلاقاً من منظومة القيم والمبادئ والمثل التي نسترشد بها، قد أعادت إلى واجهة النقاش الدولي موضوعَ إصلاح مجلس الأمن، وتفرض على المجموعة الدولية ضرورة إحاطة هذا الملف بالعناية اللازمة، وهو الأمر الذي يزيد من قناعتنا بحاجة المجلس اليوم للصوت الإفريقي، صوت الحكمة، وصوت الالتزام، وصوت المسؤولية".

من هذا المنطلق، أحال المسؤول الجزائري إلى "ارتكاز الموقف الإفريقي في مفاوضات إصلاح مجلس الأمن على المبادئ التي تم تحديدها في "توافق إزولويني" و"إعلان سرت"، حيث يُعتبران الإطار المرجعي الأساسي والوحيد. وقد تمّ تعزيز هذا الطرح من خلال التوافقات التي أُدرجت في البيان الختامي للقمة الخامسة للجنة العشر التي انعقدت في أويالا بغينيا الاستوائية في نوفمبر 2023، فضلاً عن نتائج الاجتماع الحادي عشر لوزراء خارجية اللجنة ذاتها، الذي استضافته الجزائر في شهر جوان الماضي، والتي يمكن تلخيصها في النقاط التالية.

الصوت الصادق في خدمة مصالح وتطلعات إفريقيا

أبرز مقرمان، تمسك الجزائر الدائم والتزامها الثابت بالموقف الإفريقي المشترك تحت قيادة منسق مجموعة العشرة، رئيس جمهورية سيراليون جوليوس مادا بيو.

وفي إطار هذه المقاربة، ومن موقعها كعضو غير دائم في مجلس الأمن، أضاف مقرمان: "تؤكد الجزائر التزامها بأن تكون صوتاً صادقاً في خدمة مصالح إفريقيا وتطلعاتها، وأنها ستظل وفية بالتزاماتها وحريصة على الدفع في اتجاه تصحيح الظلم التاريخي الذي تعرّضت له قارتنا فيما يتعلق بمسألة التمثيل الإقليمي غير العادل في مجلس الأمن.

وبالروح والعزيمة نفسهما، ستواصل الجزائر بذل أقصى جهدها للحفاظ على مصداقية هذه الهيئة الأممية وضمان فعاليتها وقدرتها على الاستجابة السريعة لمواجهة التهديدات المتزايدة للسلم والأمن الدوليين.

ملتيميديا الإذاعة الجزائرية

تحميل تطبيق الاذاعة الجزائرية
ios