الذكرى الـ 59 لبسط السيادة على الإذاعة والتلفزيون الجزائريين.. شعلة التحدي تنير دروب القادم

الرعيل الأول للإذاعة الجزائرية وعهد الإذاعة السرية
28/10/2021 - 23:18

أحيت عائلتا الإذاعة والتلفزيون الجزائريين، هذا الخميس، الذكرى الـ 59 لبسط السيادة على الإذاعة والتلفزيون الجزائريين، في موعد رامز يتزامن مع الثامن والعشرين أكتوبر من كل سنة، يلتقي فيه القائمون ليستحضروا ذاكرة المؤسستين اللتين رفع رعيلهما الأول، التحدي قبل نحو ستة عقود ليتشامخ صوت وصورة الجزائر في سماء الإعلام العالمي.

في مثل هذا اليوم، قرر عمال الإذاعة والتلفزيون استرجاع السيادة على وسيلتين إعلاميتين هامتين كانتا تحت السيطرة الفرنسية بالرغم من نيل الجزائر استقلالها قبل ذلك بثلاثة أشهر و23 يومًا، فقرّر المجاهد والإعلامي محمد عيسى مسعودي وثلّة من العمال الجزائريين رفع العلم الجزائري فوق مبنى الاذاعة والتلفزيون يوم 28 أكتوبر 1962، وكان ردّ المستخدمين الفرنسيين وقف بثّ البرامج، لكن عزيمة وإرادة العدد القليل من التقنيين والإعلاميين والإذاعيين الجزائريين، مكّنت من إعادة تشغيل البث الإذاعي والتلفزي، وبث البرامج والأخبار التي تبرز السيادة الجزائرية.

الـ 28 أكتوبر 1962 منعرج حاسم برهن من خلاله الجيل الأول من الإعلاميين والتقنيين على مكانة الجزائر المستقلة، وقدرات أبنائها في رفع التحدي وضمان البث الإذاعي والتلفزيوني، حتى يبقى صوت الجزائر الحرة المستقلة حاضرًا ومسموعًا، على نحو أسّس لإعلام وطني رافق ولا يزال يرافق مختلف التحولات في الجزائر.

ويمثّل 28 أكتوبر حدثًا تاريخيًا هامًا يحيل على الإنجاز العظيم الذي توّج باسترجاع السيادة على قطاع السمعي البصري، وترسيخًا لمسار نبيل انطبع بعطاءات الاذاعة السرية التي وُلدت من رحم الثورة الجزائرية المباركة، وسجّلت حضورها بقوة منذ السادس عشر ديسمبر 1956 بأمر من قيادة الاتصالات آنذاك والمجاهد الراحل عبد الحفيظ بوصوف، وظلّت الإذاعة السرية منبرًا لإيصال صوت الجزائر الحرة المكافحة لكل أنحاء العالم وإبراز حق الشعب الجزائري في الظفر بالحرية والاستقلال.

واستطاعت الإذاعة السرية بفضل عامليها والسياسة الحكيمة لقادة الثورة التحريرية أن تكون سلاحًا مجديًا في يد الثوار تضاهي فعاليته الأسلحة الحربية، فعبر أمواجها الأثيرية ساهمت في تحقيق حلم المجاهدين في الدفاع عن القضية الوطنية، وبعث الثقة في نفوس الجزائريين والرد على الدعاية الفرنسية المغرضة التي مفادها أنّ الجزائر فرنسية، كاشفة حقيقة الاستعمار الفرنسي وهمجيته، ومخططات المحتل القديم للتركيز على ما كان يسميها "إيجابيات" و"قيمًا ثقافية"، وإبراز "الهيمنة" على المجتمع الجزائري، مشوّهًا نضاله السياسي ورصيده الحضاري.

ومنذ ذلك التاريخ الذي كانت تملك الجزائر قناة إذاعية واحدة وقناة تلفزيونية واحدة لا يتعدى بثها 100 كلم في الوسط وفي قسنطينة ووهران، قطع كل من الإذاعة والتلفزيون الجزائريين خطوات جبارة في مجال إنشاء القنوات وتطوير البث، وحقّقا نقلة نوعية من حيث نوعية وكمية البرامج التي تقدم للمستمع والمشاهد الجزائري، واليوم وبعد 59 عامًا، تملك الإذاعة الجزائرية 55 قناة والتلفزيون الجزائري ثماني قنوات، تضمن تغطية كامل التراب الوطني، تقرّب المسافات من خلال إعلام جواري هادف موضوعي يجسّد فيه مبدأ الحق في الإعلام، ناهيك عما تحقّق على صعيدي تطوير الوسائل التقنية وتدريب الصحفيين والإعلاميين والتقنيين.

إنّ ذكرى استرجاع السيادة على الإذاعة والتلفزيون، لا تعدّ مجرد وقفة عابرة وإنما موعدًا نابضًا متجددًا لاستذكار واستقراء أدوار وأشواط المؤسستين، وتعميق التفكير في عصرنة إعلام ثقيل قادر على مواكبة التحولات الجارية في البلاد والتطورات الحاصلة في عالم اليوم، خاصة في منظومة السمعي البصري المتميّزة بالديناميكية والفعالية وسرعة المعالجة والنقل وقوة التأثير، والسعي لكسب رهانات كثيرة تتصدرها حتمية مواكبة التكنولوجيات الحديثة وتعزيز العمل الإعلامي الجواري والخدمة العمومية في نقل انشغالات المواطنين أمام التطورات التي يعرفها المشهد الجزائري قبل أقل من شهر عن الانتخابات المحلية المقررة في 27 نوفمبر الداخل.