تربط الجزائر بالهند علاقات صداقة تاريخية راسخة تؤسس للارتقاء بمستوى التعاون الثنائي إلى آفاق أوسع من خلال إضفاء ديناميكية جديدة تدعم التوجه نحو شراكة اقتصادية واعدة بين البلدين.
وفي هذا الصدد, تكتسي زيارة الدولة التي تشرع فيها رئيسة جمهورية الهند, السيدة دروبادي مورمو, اليوم الأحد إلى الجزائر, أهمية بالغة بالنظر للزخم التاريخي الذي ساهم في توطيد العلاقات وفي تطابق وجهات النظر بين البلدين إزاء العديد من القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك في ظل وجود إرادة مشتركة في بعث ديناميكية جديدة للتعاون الاقتصادي.
وتبرز أهمية الزيارة أيضا في كونها الأولى من نوعها لمسؤول هندي رفيع المستوى إلى الجزائر منذ سنوات, حيث سبقتها زيارة نائب الرئيس الهندي السابق محمد حميد أنصاري إلى الجزائر سنة 2016, تلتها زيارة وزير الدولة الهندي للشؤون الخارجية, شري مورليداران سنة 2021.
وقد تأسست العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في شهر جويلية سنة 1962, حيث يجمع البلدين تاريخ نضالي مشترك في الكفاح ضد الاستعمار, كما أنهما من الدول المؤسسة لحركة عدم الانحياز, ومنذ ذلك الحين تطورت العلاقات بين الجزائر والهند في مجالات مختلفة وتم تعزيز وتعميق آليات الحوار والتشاور, سيما بعد تنصيب المجموعة البرلمانية للصداقة بين البلدين سنة 2020.
ويتقاسم البلدان وجهات النظر حول العديد من المسائل الدولية, على غرار مكافحة الإرهاب والتطرف والعمل سويا من أجل استتباب الأمن والاستقرار في العالم.
وتولي الهند أهمية كبيرة لتعميق التعاون مع الجزائر في إطار نظرة متجددة تقودها السيدة دروبادي مورمو التي انتخبت رئيسة للبلاد سنة 2022, وهي تتوافق مع توجه الجزائر الجديدة بقيادة رئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون, من خلال العمل على تنويع الشراكة الاستراتيجية عبر العالم.
وفي هذا الإطار, كان رئيس وزراء جمهورية الهند, السيد ناريندرا مودي, قد أكد في رسالة تهنئة بعث بها مؤخرا إلى رئيس الجمهورية بمناسبة إعادة انتخابه لعهدة ثانية, على صلابة علاقات الصداقة التقليدية بين البلدين, أساسها "الثقة المتبادلة والإرادة الصادقة وتشارك وجهات النظر في مسائل إقليمية ودولية".
وشدد على أن بلاده "تولي أهمية كبيرة لتوسيع وتعميق التعاون مع الجزائر بما يخدم المنفعة المشتركة للشعبين".
وفي سياق ذي صلة, أبرزت السفيرة الجديدة لجمهورية الهند بالجزائر, السيدة سواتي فيجاي كولكارني, التي سلمت أوراق اعتمادها إلى رئيس الجمهورية قبل أيام, تطلع بلادها إلى "العمل بقوة مع الجزائر في مختلف المجالات".
وقبل فترة, اتفق البلدان على تعزيز الترسانة القانونية التي تضبط التعاون الثنائي من خلال إجراء محادثات تفضي إلى التوقيع على اتفاق حول عدم ازدواجية الضريبة واتفاقية تعاون جمركي واتفاق حول ترقية الاستثمارات وحمايتها من كلا الطرفين, مع تكثيف اللقاءات بين المتعاملين الاقتصاديين للبلدين.
ويبقى حجم التبادل التجاري بين البلدين دون مستوى العلاقات السياسية الممتازة, حيث تراوح خلال السنوات الماضية عند عتبة 2 مليار دولار, بالرغم من الإمكانيات الضخمة التي يوفرها مناخ الأعمال في البلدين ومؤشراتهما الاقتصادية الايجابية خلال السنوات الماضية.
وتتمثل أبرز المجالات للتعاون بين البلدين في قطاع البنى التحتية والصناعات الثقيلة والصناعة الميكانيكية والمحروقات والكهرباء والمناجم والسكك الحديدية, بالإضافة إلى الصناعة الصيدلانية والنسيج والفلاحة وقطاع البتروكيمياء وإنتاج الأسمدة وتحويل الفوسفات والحديد, إلى جانب مجال تحلية مياه البحر وتكنولوجيات الإعلام والاتصال.
ويسعى البلدان بنظرة استشرافية واعدة إلى تحقيق نسب نمو معتبرة خلال الخماسي المقبل, إذ تطمح الجزائر إلى تعزيز اقتصادها باعتلاء قمة هرم الاقتصادات الإفريقية من خلال تحقيق ناتج محلي يناهز 400 مليار دولار في آفاق 2027.
من جهتها, تطمح الهند إلى أن تصبح ثالث أكبر اقتصاد في العالم بحلول العام 2027 في ظل مواصلة اقتصادها في تحقيق نمو بنسبة 7 بالمائة للعام الثالث على التوالي.