أكد أحمد مقراني، المدير العام لضبط النشاطات وتنظيمها بوزارة التجارة الداخلية وضبط السوق الوطنية، أن المخطط الوطني الذي اعتمدته الوزارة بالتنسيق مع مختلف القطاعات المعنية أسهم بشكل فعال في استقرار السوق الوطنية خلال شهر رمضان المبارك. وأوضح مقراني، ضمن برنامج "ضيف الصباح" على القناة الأولى، أن هذا المخطط اعتمد على عدة محاور أساسية، منها ضبط تموين السوق بالمواد الغذائية والفلاحية، تنظيم الأسواق الجوارية، وتعزيز عمليات الرقابة لضمان استقرار الأسعار وحماية القدرة الشرائية للمواطنين.
تقييم الوضع خلال رمضان
وأشار مقراني إلى أن التقييم العام للوضعية خلال شهر رمضان يؤكد نجاح الإجراءات المتخذة، حيث لمس المواطنون وفرة في السلع الغذائية وانخفاضًا ملحوظًا في مظاهر الاستياء بسبب الأسعار أو قلة المعروض. كما أكد أن المخطط الوطني تم تطبيقه بدقة، مستفيدًا من التنسيق المحكم بين مختلف المتدخلين، بما في ذلك القطاع الفلاحي، الصناعي، والمتعاملين الاقتصاديين، إلى جانب الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين.
كما نوه إلى أن الأسواق الجوارية التي تم فتحها لعبت دورًا حيويًا في استقرار الأسعار، حيث بلغ عددها 622 سوقًا عبر مختلف ولايات الوطن، مما سمح بعرض السلع مباشرة للمستهلك بأسعار مدروسة، خاصة بفضل التزام التجار بتطبيق تخفيضات تتراوح بين 13% و35% خلال الفترة الممتدة من منتصف فبراير وحتى نهاية رمضان.
تعزيز الرقابة ومحاربة المضاربة
وعن جهود الرقابة، أوضح المسؤول ذاته أن فرق التفتيش قامت بأكثر من 25 ألف تدخل خلال 24 يومًا، أسفرت عن تسجيل 34,529 مخالفة، ورفع 33,680 محضر متابعة قضائية، بالإضافة إلى حجز 64,744 طنًا من المنتجات الغذائية والفلاحية بقيمة تفوق 108 مليار سنتيم. كما كشف أن مبلغ عدم الفوترة المسجل بلغ 2.46 مليار دينار، وتم اقتراح غلق 1037 محلًا تجاريًا لمخالفتها القوانين المعمول بها.
وفيما يتعلق بمحاربة المضاربة، سجلت المصالح المختصة 3,522 تدخلًا، تم على إثرها تحرير سبع محاضر متابعة قضائية وحجز 912 طنًا من السلع المضاربة بقيمة تجاوزت 14 مليار دينار.
إصلاحات جديدة لضبط السوق بعد رمضان
أما بخصوص الإجراءات بعد شهر رمضان، أشار مقراني إلى أن الوزارة تعمل حاليًا على إعداد قانون ضبط السوق الوطنية وحماية القدرة الشرائية، وهو مشروع يتم إعداده بناءً على توجيهات رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، وسيتم إثراؤه بمشاركة مختلف الفاعلين في القطاع، بما في ذلك الاتحاد العام للتجار والحرفيين، جمعيات الباترونا، وجمعيات حماية المستهلك.
رغم هذه الجهود، أقر المسؤول بوجود اختلالات في سلسلة التوزيع، حيث لا تزال بعض المنتجات تشهد ارتفاعًا غير مبرر في الأسعار، مثل البطاطا التي ارتفعت إلى 180 دينارًا رغم توفرها بكميات كبيرة. وأكد أن الوزارة اتخذت إجراءات صارمة لتصحيح هذه الاختلالات، من خلال الإفراج الفوري عن المخزونات الاستراتيجية وإحالة المضاربين إلى العدالة.
التجارة الإلكترونية في الجزائر: تطور مستمر يستدعي التأطير
أكد أحمد مقراني أن حجم التجارة الإلكترونية في الجزائر يشهد توسعًا مستمرًا، ما يستوجب تدخل السلطات لضبطه وتأطيره، مشيرًا إلى أن القانون الصادر عام 2018 لم يكن كافيًا للتعامل مع التحولات السريعة في هذا المجال. وأوضح أنه تم إعادة النظر في هيكلة وزارة التجارة، حيث تم إدراج مديريتين فرعيتين جديدتين، إحداهما مختصة بضبط وتأطير التجارة الإلكترونية، والأخرى مكلفة بمراقبة هذا النشاط الذي لم يكن متكفلًا به في السابق.
وأضاف أن التقييم القطاعي أظهر أن هناك ممارسات غير خاضعة للتنظيم، وأخرى ألحقت الضرر بالقدرة الشرائية للمواطن عبر استخدام أساليب احتيالية. ولهذا السبب، تعمل الوزارة على مراجعة قانون التجارة الإلكترونية، الذي يوجد حاليًا في مراحله الأخيرة قبل اعتماده رسميًا، ليشمل جميع الجوانب المتعلقة بهذه التجارة. كما سيتم تفعيل مديرية فرعية خاصة بالرقابة الإلكترونية لضمان مراقبة صارمة لكل المواقع والشركات التي تمارس هذا النشاط.
إطلاق تطبيق رقمي لمراقبة مداومة العيد
في إطار التحول الرقمي الذي تبنته الوزارة، أعلن مقراني عن إطلاق تطبيق إلكتروني جديد مخصص لمتابعة مداومة التجار خلال فترة العيد، يهدف إلى تمكين المواطنين من الاطلاع على قوائم التجار المسخرين في كل بلدية، والتأكد من مدى التزامهم بالمداومة.
وأوضح أن 54000 تاجر قد تم تسخيرهم لضمان توفير الخدمات الأساسية خلال العيد، من بينهم 6829 مخبزة و29811 محلًا للمواد الغذائية والخضر والفواكه، بالإضافة إلى 1990 تاجرًا في مختلف الخدمات. كما تم تسخير 2627 عون مراقبة لمتابعة تنفيذ البرنامج وضبط أي تجاوزات.
وأشار إلى أن التطبيق الرقمي يسمح للمواطنين بالإبلاغ عن أي تاجر لا يلتزم بالمداومة، حيث يمكنهم عبر التطبيق إرسال إشعار فوري للأعوان المكلفين بالمراقبة، مما يعزز الدور الرقابي للمستهلك ويساعد على تحسين الخدمات.
وفي ختام حديثه، وجه أحمد مقراني دعوة إلى التجار للالتزام بمداومة العيد، مشيرًا إلى أن أسواق الجملة للخضر والفواكه ستواصل العمل خلال فترة العيد بقرار من وزير التجارة، وذلك لضمان استقرار الأسعار وتوفير المنتجات للمستهلكين. كما دعا المواطنين إلى تفهم تضحيات التجار والتقدير لمجهوداتهم خلال هذه المناسبة الدينية، متمنيًا للجميع عيدًا سعيدًا ومليئًا بالفرح.
تقرير : عمار شريتي