في جنح الظلام، ومن رحم الأزمات المتعاقبة التي شهدتها البلاد، اختطفت الزمرة غير الشرعية في مالي الحكم واستفردت به، لتتحول إلى أداة طيّعة لتنفيذ أجندات مشبوهة لا ناقة للماليين فيها ولا جمل.
حتى وقت قريب، كان الشعب المالي يعلّق آمالًا كبيرة على مستقبل مشرق يحفظ للبلاد الممزقة كرامتها، قبل أن تُنسف هذه التطلعات وتُرفَس من قِبل المستفردين بالحكم في باماكو، بقيادة "أسيمي غويتا"، الذين عمدوا إلى تنفيذ أجندات تتقاطع بشكل فاضح مع خطط الجماعات الإرهابية.
وفي خضم النكبات التي يتجرّعها الشعب المالي، تبرز رغبة جامحة في الهروب من واقع بلد مختطَف من قِبل "زمرة مالي"، التي تُستخدم كأداة للتخريب في منطقة الساحل، بعدما اتخذت من التصعيد المكشوف واختلاق الأزمات مع الجوار وسيلة للتغطية على إخفاقاتها المتتالية داخليًا، سواء على الصعيد الاقتصادي أو السياسي.
دور وظيفي…
يؤكد المحلل السياسي وأستاذ الإعلام والاتصال، عبد الحكيم بوغرارة، في تصريح لـ"ملتيميديا الإذاعة الجزائرية"، أن الطغمة الانقلابية في مالي تؤدي دورًا وظيفيًا لصالح قوى أجنبية تستهدف الجزائر، حيث تحاول إلصاق كل فشلها الداخلي بها، من خلال التهجم عليها واستعدائها.
وأشار بوغرارة إلى أن هذه الطغمة، التي تفتقر للشرعية الشعبية، لم تُجرِ أي انتخابات منذ خمس سنوات، وبالتالي لا تملك حق تمثيل الشعب المالي. ومع استمرار التحذيرات الجزائرية بشأن انتهاك الأجواء، قررت الجزائر اللجوء إلى الردع العسكري، بما يتماشى مع مقتضيات الدستور والاتفاقيات الدولية، وعلى رأسها اتفاقية شيكاغو لعام 1944، مشددًا على أن الجزائر دائمًا ما تؤكد التزامها بمبدأ حسن الجوار، وتعتبر السيادة الوطنية خطًا أحمر.
لوبيات تسعى للتشويش على الجزائر
من جهته، أشار أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتور رابح لعروسي، في تصريح خصّ به "ملتيميديا الإذاعة الجزائرية"، إلى أن الزمرة الانقلابية في مالي تسعى لتنفيذ أجندات أجنبية، بدفع من لوبيات وفواعل في المنطقة تعمل على التشويش على الجزائر، ومحاولة جرّها إلى متاهات لا مصلحة لها فيها.
وفي هذا السياق، ثمّن لعروسي قرار الجزائر بإغلاق مجالها الجوي مع مالي، معتبرًا إياه رد فعل طبيعيًا، كونه يتعلّق بالأمن القومي للبلاد. وأكد أن الجزائر وجّهت رسائل شديدة اللهجة إلى الانقلابيين ومن يقف وراءهم، للحد من محاولات زرع الفوضى في المنطقة.
كما أشار إلى أن ممارسات الزمرة الانقلابية لا تخدم أمن واستقرار المنطقة، بل تُفاقم الأوضاع، وتغذي النشاط الإرهابي، لاسيما في ظل انتشار السلاح، وتزايد الهجرة غير الشرعية، والاتجار بالبشر والممنوعات.
المصدر: ملتيميديا الإذاعة الجزائرية - عمار حمادي