عُرض الفيلم الروائي الطويل "على خطى مخيمات التجميع" أمس بالجزائر العاصمة وهو فيلم وثائقي مؤثر لسعيد عولمي يحكي حياة الجزائريين المعتقلين في مراكز التجميع خلال حرب التحرير الوطني.
ويتطرق هذا الفيلم الروائي الطويل الذي تبلغ مدته 74 دقيقة والذي استضافته قاعة السينما "الخيام" التي تحتضن أسبوع الفيلم الوثائقي (12-17 مارس) إلى ما عاشه المعتقلون في هذه المخيمات من خلال الذكريات المؤلمة خلف الأسلاك الشائكة.
ففي الأوراسي وفي الولجة (خنشلة) ومسدور (البويرة) أو حتى في سيدي بلعباسي ما يزال سكان مراكز إعادة التجميع القسر هذه يتذكرون آثار الإقامة الجهنمية بعد أن أجبروا على مغادرة قراهم "للتجمع" في هذه المساحات الضيقة محرومين من إمكانية العيش الطبيعي والحياة الكريمة.
كما تشهد النسوة اللاتي عانين من سوء التغذية وسوء المعاملة والتشريد على الإذلال الذي تعرضن لهي لا سيما القيود المفروضة عليهن.
ولا يزال شهود آخرون يتذكرون الابتزاز الذي مارسه جيش المستعمر في مراكز تجميع السكان المدنيين لفصلهم عن المجاهدين من خلال كسر قيود الدعم القادم من القرويين.
كما وصف هؤلاء الشهود الظروف المعيشية "غير الإنسانية" والرعب والفظائع التي تعرض لها هؤلاء السكان الذين عانوا من التشريد من قراهم بهدف خلق مناطق آمنة للقوات الاستعمارية.
و يحيي هذا الفيلم الوثائقي المدعم بشهادات باحثين ومؤرخين رسمييني جزءً مؤلمًا من ذاكرة الجزائريين بحيث يعطي المخرج الكلمة للمجاهد والسياسي رضا مالكي والمؤرخ الفرنسي بنيامين ستورا ومحامي جبهة التحرير الوطني والمناضل جاك فيرجيس وكذا الأكاديمي مصطفى خياطي وغيرهم.
وفي هذا الصدد يرى رئيس الحكومة الأسبق رضا مالك أن "مخيمات التجميع هذه قد أنشئت بهدف عزل المجاهدين عن السكان" وهو نفس الطرح الذي قدمته المؤرخة الفرنسية سيلفي تينو التي أوضحت أن سبب لجوء السلطات الاستعمارية إلى الغلق على المدنيين هو "حرمان المقاتلين من المؤن التي تصلهم من القرويين".
من جهته أشار الوزير الأول الفرنسي الأسبق ميشيل روكاري الذي كتب أيضًا تقريرًا عن مراكز التجميع في الجزائري إلى "تسجيل معدل وفيات كبير بين الأطفال أثناء الاعتقال".
وكتب في تقريره المسرب إلى الصحافة والذي كان له تأثير كبير على الرأي العام الدولي أن "الأطفال يموتون من الجفاف وسوء التغذية والأمراض التي تزيد في تفاقمها الظروف المعيشية غير الإنسانية داخل المخيمات".
كما جمع الفيلم الوثائقي أيضا شهادة مصور الحربي مارك غارانجي المعروف بصوره الجزائرية لحساب الجيش الاستعماري.
فبعد ما يقارب نصف قرني تنقل المصور إلى مسدور بمرتفعات البويرة لأجل مقابلة الرجال والنساء الذين صورهم في مخيمات التجميع خلال حرب التحرير الوطني.
ووجد غارانجي وكله عاطفة جياشة أربعة من الرجال والنساء ما زالوا على قيد الحياة من بين هؤلاء الأشخاص الذين تم تصويرهم بين عامي 1960 و1962.
ويتواصل اليوم الخميس أسبوع الفيلم الوثائقي الذي ينظمه المركز الجزائري لتطوير السينما بعرض فيلم "إنريكو ماتي والثورة الجزائرية" لعلي عياد وفيلم "في منصورة فرقتنا" لمريم دوروتي قلو.