مزيان : المصادقة على قانون تجريم الإستعمار لحظة تاريخية حاسمة للجزائر المنتصرة

مزيان : المصادقة على قانون تجريم الإستعمار لحظة تاريخية حاسمة للجزائر المنتصرة

25/12/2025 - 12:19

وصف أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بالمدرسة العليا للأساتذة، البروفيسور مزيان سعيدي، اليوم الخميس، المصادقة على مشروع قانون تجريم الاستعمار، وللمرة الأولى، من طرف نواب المجلس الشعبي الوطني، بأنها خطوة تاريخية هامة سطّر معالمها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، ورسالة قوية من أبناء الاستقلال وأحفاد الشهداء.

وأوضح مزيان، في تصريحات هذا الخميس، في برنامج " ضيف الصباح" بالقناة الإذاعية الأولى، أن المصادقة بالإجماع على قانون تجريم الاستعمار الفرنسي تندرج ضمن الثوابت الوطنية، لضمان تحقيق مسار يرمي إلى تثبيت المرجعيات التاريخية للدولة الجزائرية وصون وحماية الذاكرة الجماعية، ويصب في الاتجاه الذي رسمته الجزائر المنتصرة، مذكّرًا بجهود رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، في سبيل الدفاع عن الذاكرة الوطنية لصالح العدالة التاريخية وصونها من كل محاولات الطمس والتشويه.

الرمزية التاريخية والسياسية لمشروع قانون تجريم الاستعمار

اعتبر مزيان أن مشروع قانون تجريم الاستعمار في الجزائر يحمل رمزية تاريخية وسياسية عميقة، إذ يمثل تتويجًا لنضال طويل لتثبيت حقيقة الذاكرة الوطنية وتصنيف جرائم فرنسا الاستعمارية كجرائم ضد الإنسانية، وتجاوز مرحلة التسامح إلى المطالبة بالاعتراف والاعتذار والتعويض، ما يعزز السيادة الوطنية ويصحح الرواية التاريخية لصالح الضحايا. وأكد أن الاستعمار كان "جريمة دولة" لا تسقط بالتقادم، ويضمن للأجيال القادمة أن الجزائر لن تنسى ماضيها، ويؤسس لعلاقات مستقبلية تقوم على احترام التاريخ والاعتراف بالحقائق.

كما شدد أستاذ التاريخ المعاصر على أن قضية الذاكرة التاريخية تمثل ركيزة أساسية لإعادة تأسيس العلاقات مع فرنسا، وأن أي تقدم بين البلدين لا يمكن أن يتم دون احترام التاريخ والاعتراف بالحقائق، باعتبار أن القضية لا تقبل التنازل أو المساومة، ولن تُمحى بمرور الزمن، استنادًا إلى جوهر التاريخ المعاصر للثورة التحريرية المظفرة.

صون الذاكرة الوطنية وضمان حق الشعب الجزائري في توثيق تاريخه

أوضح مزيان أن مشروع قانون تجريم الاستعمار الفرنسي يُعد خطوة هامة في إظهار الحقيقة التاريخية وصون الذاكرة الوطنية من كل محاولات الطمس والتزييف، مضيفًا أن تجريم الاستعمار تعبير عن إرادة قوية تعزز تمسك الدولة الجزائرية بحقها المشروع في الدفاع عن تاريخها وذاكرتها، ووفائها لتضحيات الملايين من الشهداء الذين صنعوا بدمائهم الزكية ملحمة كبرى لجزائر اليوم التي ينعم أبناؤها بالحرية والاستقلال.

وأضاف أن هذا التوجه ينسجم مع مبادئ العدالة والقانون الدولي والقيم الإنسانية، معبرًا عن رفض الجزائر القاطع لأي محاولة لتبرير الجرائم الاستعمارية أو التقليل من فضاعتها أو القفز على المسؤولية التاريخية والقانونية.

عمل جماعي لمقاضاة فرنسا على جرائمها الاستعمارية وفق أحكام القانون الدولي الجنائي

أكد مزيان أن الاستعمار الفرنسي في الجزائر اقترف جرائم لا تُغتفر، وخلّف آثارًا مادية ومعنوية بالغة لا يزال بعضها قائمًا إلى اليوم، مشيرًا إلى أن عدم ترك تلك الأفعال اللاإنسانية واللاأخلاقية دون مساءلة يقتضي اللجوء إلى مبادئ القانون الدولي الجنائي لمحاكمة الانتهاكات الاستعمارية الفرنسية المرتكبة في الجزائر، وجبر ضرر الضحايا أمام المحكمة الجنائية الدولية، وتفعيل خطوات استرداد الحقوق باعتبارها حقًا تاريخيًا مشروعًا، وتكريسًا لممارسة السيادة الوطنية وفق بيان أول نوفمبر وتضحيات الشهداء وجوهر الثورة التحريرية.

وضع آليات حقيقية للمطالبة بالاعتراف والاعتذار

اعتبر مزيان أن قانون تجريم الاستعمار فعل سيادي بامتياز ورسالة واضحة المعالم إلى الداخل والخارج، مفادها أن الذاكرة الجماعية الجزائرية غير قابلة للنقاش أو المساومة، مؤكدًا ضرورة تعويض شامل ومنصف عن كافة الأضرار المادية والمعنوية التي خلفها الاستيطان الفرنسي في الجزائر.

وأضاف أن القانون يمثل حقًا ثابتًا للدولة والشعب الجزائريين معًا، وأنه يتعين على فرنسا الاعتراف والاعتذار رسميًا عن ماضيها الاستعماري، وتنظيف مواقع التفجيرات النووية والتجارب الكيماوية والألغام المزروعة، فضلًا عن إعادة "أموال الخزينة التي تم السطو عليها"، وكل الممتلكات المنهوبة، بما في ذلك الأرشيف الوطني.

إعلان الجزائر عن تجريم الاستعمار تحقيقًا للعدالة الاجتماعية للشعوب الإفريقية

أكد مزيان أن الجزائر كانت، في مختلف المحافل الدولية، تطالب بإحقاق العدالة التاريخية للشعوب الإفريقية، خاصة وأنها كانت سببًا في استقلال أكثر من 12 بلدًا إفريقيًا سنة 1960، وهي في خضم ثورتها التحريرية، مبرزًا حقيقة الاستعمار الفرنسي الاستيطاني بكل أبعاده، باعتباره مشروعًا سعى إلى ضم وطن غيره إلى وطنه غزوًا وعدوانًا، ومحاولة محو أمة بكامل مقوماتها وأنظمتها ومؤسساتها وهويتها وثقافتها ودينها.

وأضاف أن ذلك المشروع الاستعماري يُعد من أطول وأعنف المشاريع الاستعمارية في التاريخ الحديث، الأمر الذي يجعل من تجريم الاستعمار الفرنسي وتصنيفه كجرائم ضد الإنسانية ضرورة تاريخية اليوم.

وفي هذا الصدد، أكد ضيف برنامج " ضيف الصباح" بالقناة الإذاعية الأولى أن هذا المشروع يحظى بإجماع وطني، ويُذكّر بالعمل الذي قام به رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، في استرجاع الجماجم الجزائرية سنة 2020، وما يعكسه ذلك من اعتزاز الجزائريين بهويتهم، ويسهم في كتابة التاريخ الوطني وفق الثوابت الوطنية، والدفاع عن السيادة الوطنية.

رضا بوترفيف - ملتيميديا الإذاعة الجزائرية

المصدر
ملتيميديا الإذاعة الجزائرية