أبرز خبراء اقتصاديون أهمية انضمام الجزائر إلى معاهدة الصداقة والتعاون لرابطة دول جنوب شرق اسيا (اسيان)، معتبرين إياها خطوة جديدة نحو تنويع الشركاء الدوليين ، من شأنها فتح افاق واعدة للشراكة الاقتصادية مع دول المنظمة.
واعتبر الخبراء في تصريحات لوكالة الانباء الجزائرية أن التحديات الاقتصادية والسياسية التي يشهدها العالم، تستدعي الانخراط في فضاءات متعددة الأطراف على غرار هذه المنظمة التي تتمتع دولها بإمكانيات نمو عالية.
وفي هذا الإطار، اعتبر الخبير في الشؤون الجيوسياسية والعلاقات الدولية، أرسلان شيخاوي، أن انضمام الجزائر إلى المعاهدة يأتي تكريسا لسياستها "المتجذرة" الرامية إلى تنويع الشركاء وفق مقاربة تقوم على المنفعة المتبادلة.
كما يمثل هذا الانضمام تأكيدا جديدا على تمسك الجزائر بمبدئها الأساسي المتمثل في عدم الانحياز، ويعكس ارتباطها بالتحول نحو التعددية القطبية التي تبرز في خضم بناء نظام جيوسياسي جديد، يضيف الخبير.
علاوة على ذلك، يعتبر الانضمام لمعاهدة دول "اسيان" دليلا على الثقة و المكانة التي تحظى بها الجزائر، بالنظر إلى أهميتها الاقتصادية والاستراتيجية لا سيما في ظل وجود مؤشرات مالية متينة، يضيف السيد شيخاوي الذي لفت إلى أن هذه الخطوة تعكس أيضا "بروز الجزائر بشكل أوضح على الساحة الدولية، بفضل دبلوماسيتها النشطة والفعالة، التي تجمع بين المبدأ والمصلحة، ما يتيح لها ترسيخ مكانتها ضمن المنظومة الدولية".
من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي، عبد القادر سليماني، أن هذا التقارب مع دول جنوب شرق اسيا من شأنه أن يعزز العلاقات التجارية مع هذه الدول التي تبدي اهتماما متزايدا بالمنتجات الجزائرية خارج قطاع المحروقات.
وأوضح السيد سليماني أن الجزائر تسعى بالمقابل الى الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة واستقطاب المزيد من الاستثمارات، خاصة في قطاعات الصناعة والطاقة والزراعة، مشيرا إلى أن الجزائر يمكن أن تشكل قاعدة استراتيجية لدخول منتجات دول هذه المنظمة إلى السوق الإفريقية.
وباعتبار أن "آسيان" تعد اليوم خامس أكبر اقتصاد عالمي بناتج داخلي يفوق 6ر3 تريليون دولار، فإن ذلك يفتح افاقا واسعة لبناء شراكات اقتصادية قوية ومتكافئة، يضيف الخبير الذي أبرز أن انضمام الجزائر للمعاهدة يدخل ضمن رؤية شاملة لتوسيع الشراكات خارج الدوائر التقليدية، في إطار توجه براغماتي يرتكز على المصالح المتبادلة.
وفي السياق ذاته، اعتبر الخبير الاقتصادي، إسحاق خرشي، أن انضمام الجزائر إلى معاهدة الصداقة والتعاون لدول "اسيان"، من شأنه "تعزيز وتطوير دبلوماسية اقتصادية استباقية"، تقوم على مبادئ التعددية والانفتاح مبرزا أن هذا الانضمام هو بمثابة منصة لتوسيع فرص التعاون الاقتصادي مع كتل ناشئة تعد من بين الأكثر ديناميكية في العالم.
وأضاف الخبير أن هذا التقارب يمثل أيضا مدخلا لتعزيز تدفقات الاستثمار نحو الجزائر، خاصة في قطاعات الطاقات المتجددة، الزراعة الذكية، الصناعات التحويلية والتكنولوجيا الحديثة، ما يساهم في تنويع الشركاء وتقليص الاعتماد على الأسواق التقليدية، لافتا إلى أن هذه الخطوة قد تمهد لانخراط الجزائر في مبادرات كبرى أخرى.
يذكر أن وزير الدولة، وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية، أحمد عطاف، وقع أمس الأربعاء بالعاصمة الماليزية كوالالمبور، على وثيقة انضمام الجزائر إلى معاهدة الصداقة والتعاون لرابطة دول جنوب شرق اسيا وذلك خلال اليوم الأول من أشغال الدورة ال58 لاجتماع وزراء خارجية دول الرابطة.