شهدت الشوارع الفرنسية اليوم الخميس, احتجاجات عارمة شلت المدن ومعظم القطاعات الحيوية, حيث شارك فيها أزيد من مئات الآلاف من المتظاهرين للضغط على الحكومة والتعبير عن رفضهم لتوجهاتها التقشفية في الميزانية.
وتأتي هذه المظاهرات بعد ثمانية أيام من حركة "لنغلق كل شيء" التي شارك فيها أزيد من 200 ألف متظاهر, ودشنت مرحلة جديدة من الاحتجاجات ضد السياسات الاقتصادية في فرنسا, بعد تلك التي عرفتها البلاد في 2023 ضد قانون إصلاح
التقاعد.
وجندت السلطات الفرنسية أزيد من 80 ألف شرطي مدعوما بوسائل لوجستية وطائرات مسيرة وعربات مدرعة "للسيطرة على المتظاهرين", الذين خرجوا تلبية لنداء ثمانية نقابات وأحزاب المعارضة الفرنسية التي دعت إلى مواصلة التظاهر الذي انطلق في 10 سبتمبر الجاري, بهدف تحقيق مطالبها, وذلك بشل قطاعات حيوية أبرزها النقل, التعليم, المستشفيات, الطاقة, والنظافة.
وشارك في هذه الاحتجاجات الضخمة عمال من كافة القطاعات بما فيها الحيوية على غرار النقل والتعليم والصحة, حيث عرفت حركة النقل تذبذبا كبيرا طال جميع خطوط وسائل النقل عبر العديد من المدن الفرنسية, كما التحق عمال المدارس والجامعات بالحركة الاحتجاجية وأغلقت تقريبا جل المؤسسات التعليمية أبوابها.
أما فيما يتعلق بقطاع الصحة, فكانت البداية بإغلاق الغالبية الكبرى من الصيدليات التي احتج أصحابها على للتنديد بتقليص التخفيضات التجارية عن الأدوية الجنيسة, حيث أكدت نقابة الصيادلة إغلاق أزيد من 18 ألف صيدلية, فيما اكتفت العيادات بالخدمات الاستعجالية فقط.
ونجحت النقابات المشتركة هذا الخميس في إظهار قدراتها على التعبئة, فقد أعلن المنظمون, الذين كانوا يتوقعون بالفعل مشاركة كبيرة تتراوح بين 600 ألف و900 ألف شخص في فرنسا, من بينهم 100 ألف في باريس, أن عدد المشاركين بلغ "أزيد من مليون شخص" في مختلف أنحاء فرنسا.
وهي مشاركة تقارب تلك التي شهدتها الاحتجاجات ضد إصلاح نظام التقاعد سنة 2023, حين جمعت المظاهرات بانتظام نحو مليون مشارك, مع ذروة بلغت 1,4 مليون.
وبحلول الساعة الثالثة بعد الزوال, كانت السلطات الفرنسية قد أحصت ما بين 300 ألف و400 ألف متظاهر في عموم البلاد, أما في باريس, حيث انطلقت المظاهرة من ساحة الباستيل على الساعة الثانية بعد الزوال, فلن يعرف عدد المشاركين في
العاصمة إلا في نهاية اليوم.
وقدرت النقابة الرئيسية لقطاع التعليم الثانوي نسبة المضربين في المدارس الإعدادية والثانويات بـ 45%, مؤكدة أن "هذا الحضور القوي للعاملين في قطاع التعليم الثانوي يعكس غضبا عميقا إزاء ظروف الدخول المدرسي, وتراجع الأجور,
وتقويض المدرسة العمومية".
أما الأمينة العامة للكونفدرالية العامة للعمال, صوفي بينيه, فقد اعتبرت أن هذه التعبئة تمثل "نجاحا بالفعل", معربة عن ارتياحها لمشاركة آلاف المتظاهرين في مختلف أنحاء فرنسا.
وأشارت إلى تسجيل "آلاف وآلاف الإضرابات في أماكن العمل" مع إغلاق واسع للمدارس, ودور الحضانة, والمكتبات, فضلا عن توقف المصانع وقطاع النقل المتأثر بشدة بالإضرابات.
وذكرت في هذا السياق, بالمطالب الرئيسية للنقابات: "التخلي عن ميزانية بايرو" و"إلغاء إصلاح التقاعد", مؤكدة أنه "لن يكون هناك استقرار حكومي من دون عدالة اجتماعية".
لم تخل الاحتجاجات من مواجهات بين المتظاهرين و الشرطة في عدة مدن كليون و مونبولييه و مرسيليا و رين.