أكد الخبير في العلاقات الجيوسياسية والدولية، البروفيسور إدريس عطية، أن القضية الفلسطينية تسيطر اليوم على أجندة الأمم المتحدة بشكل لم يسبق له مثيل منذ ثمانية عقود، معتبراً أن موجة الاعترافات الدولية بدولة فلسطين، حتى من قبل حلفاء الكيان الصهيوني التقليديين، تمثل "خرقاً في المظلة الأمريكية" التي طالما وفرت له الحماية.
وشدد عطية على أن هذه التحولات تشكل مكسباً دبلوماسياً تاريخياً يضع حداً لمحاولات تصفية القضية التي لم تزدها إلا شرعية ومشروعية، واصفاً الكيان الصهيوني بـ"الوحش الكاسر" الذي يتمرد على كافة القوانين والقرارات الدولية.
البروفيسور إدريس عطية وخلال استضافته في برنامج "ضيف الصباح" على أمواج القناة الأولى للإذاعة الجزائرية، قدم تحليلاً معمقاً لأشغال الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة، مسلطاً الضوء على أبرز التحديات التي تواجه السلم والأمن الدوليين، وفي مقدمتها العدوان على غزة والتحديات الأمنية المتصاعدة في إفريقيا.
الدور الجزائري: صوت العقل ومنطق الدولة
أبرز البروفيسور عطية أن الدبلوماسية الجزائرية تواصل تادية دورها كممثل "صوت العقل والمنطق" داخل المحافل الدولية، مشيراً إلى أن خطاب الجزائر، الذي قدمه وزير الخارجية أحمد عطاف، يعكس سياسة خارجية هادئة ووازنة لكنها "صارمة جداً" في مبادئها.
وأوضح أن الجزائر لا تكتفي بالتشخيص، بل تقدم رؤية استشرافية وتحذر من استراتيجية الكيان الصهيوني التي تسعى لجر المنطقة إلى حرب إقليمية مدمرة، وهو ما يفسر موقفها الثابت الداعي إلى ضرورة إيقاف هذه الحرب فوراً.
إفريقيا في قلب التهديدات الهجينة
وفي تشخيصه للوضع في القارة الإفريقية، حذر عطية من أن التهديدات الأمنية لم تعد تقليدية، بل أصبحت "هجينة ومركبة"، حيث شهدت الهجمات الإرهابية زيادة بنسبة 400% في العقد الماضي. وأشار إلى أن التحالف المدنس بين شبكات الجريمة المنظمة، والإرهاب، ومخططات إغراق المنطقة بالمخدرات، يخلق فراغاً أمنياً وسياسياً تستغله قوى خارجية. وفي هذا السياق، أكد أن المقاربة الجزائرية التي تجمع بين الأمن والتنمية، وتدعو إلى "أفرقة الحلول"، هي السبيل الوحيد لبناء سلم مستدام في القارة.
دعوة لإصلاح أممي وتجاوز الخطابات التقليدية
ختم الأستاذ ادريس عطية تحليله بالتأكيد على أن تراجع الثقة في النظام العالمي الحالي وفشل الحلول التقليدية يستدعيان ضرورة "تعجيل إصلاح هيئة الأمم المتحدة"، خاصة مجلس الأمن الذي عطّلت فيه آلية "الفيتو" حقوق الفلسطينيين لعقود. ودعا إلى تجاوز "خطابات التنديد" المتكررة والانتقال إلى تفعيل آليات متابعة ومحاسبة حقيقية، مؤكداً أن المعركة الجديدة اليوم هي "معركة الواقع" لإنزال قرارات الشرعية الدولية على الأرض.