أكد وزير الدولة, وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية, السيد أحمد عطاف, أن اللائحة الاخيرة لمجلس الأمن الأممي فكت الارتباط الذي أراده المغرب بين ما يسمى "الحكم الذاتي" وممارسة حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير, طبقا للشرعية الدولية ولميثاق الأمم المتحدة.
وقال السيد عطاف, في حوار مع قناة "الجزائر الدولية", أن المغرب كان يطلب بأن ينظم في اطار "الحكم الذاتي" ممارسة حق تقرير المصير, الا أنه ومن خلال اللائحة الاخيرة لمجلس الامن "تم فك هذا الارتباط بين الحكم الذاتي وممارسة حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير وأصبح الاخير طبقا للشرعية الدولية و للقانون الدولي و لميثاق الأمم المتحدة وطبقا للائحة 1415 المنظمة لممارسة حق الشعوب في تقرير مصيرها".
وبخصوص ركائز المفاوضات, أوضح السيد عطاف أن اللائحة الاممية حددت ضمنيا طرفي النزاع وبالتالي فان "اللبس الذي كان يريد تاريخيا المغرب إدخاله بأن النزاع هو نزاع مغربي-جزائري, أصبح غير وارد نهائيا فيما يخص هذه اللائحة".
وفي رده عن سؤال حول الافاق المستقبلية للمسار السياسي لحل القضية الصحراوية على ضوء القرار الاممي الأخير, قال وزير الدولة أن للجزائر ثلاث قناعات تتمثل في أن إطار الأمم المتحدة يجب أن يبقى الإطار الذي تتم تحت قبته معالجة القضية الصحراوية والبحث عن حل سياسي لهذه القضية, الى جانب أن للشعب الصحراوي وعلى غرار كل الشعوب الأخرى, المشروعية والأحقية في ممارسة حقه في تقرير مصيره وهو ما وفرته اللائحة الاممية.
وبخصوص القناعة الثالثة للجزائر, أكد السيد عطاف على أنه "لا بد من مفاوضات بين المغرب و جبهة البوليساريو", مستطردا بالقول : "أظن جازما ومخلصا أن هذه القناعات الجزائرية قد تم التكفل بها وتعكسها اللائحة الأخيرة التي تبناها مجلس الأمن".
من جانب أخر, كشف السيد عطاف أن المغرب أراد خلال جلسة مجلس الامن ليوم الجمعة الماضي حول القضية الصحراوية, فرض مشروع "الحكم الذاتي" - كما يسمى - كإطار وحيد وحصري للبحث عن حل للقضية الصحراوية, إلا أنه لم ينجح في ذلك وأن اللائحة النهائية تتحدث عن "الحكم الذاتي" لكن مع البدائل الأخرى, لا سيما البديل المطروح من قبل الصحراويين.
و أضاف السيد عطاف أن المملكة المغربية أرادت هذه المرة, في جلسة مجلس الامن الدولي اغتنام هذه الفرصة للقيام ب"مرور بالقوة" فيما يخص قضية الصحراء الغربية, لتمرير أهدافها التاريخية المعروفة والمتمثلة في القضاء على بعثة +المينورسو+ "سواء من خلال تفكيكها وحلها أو من خلال تغيير جذري لعهدتها", وفي "فرض مشروع +الحكم الذاتي+- كما يسمى- كإطار وحيد وحصري للبحث عن حل للقضية الصحراوية" وأيضا في القضاء نهائيا على فكرة تقرير المصير للشعب الصحراوي.
وفي هذا السياق, قال وزير الدولة : "ما يقوي ارتياحنا هو ملاحظة هامة ولافتة لمسعد بولس, مستشار الرئيس الامريكي في لقاء تلفزيوني منذ يومين, حيث ركز فيه وقال أن الحكم الذاتي لم يعد الإطار الوحيد لحل القضية الصحراوية و إنما المجال مفتوح للبدائل".
كما أشار السيد عطاف الى أن "السيد مسعد بولس قال أن الاتفاق يجب أن يتم بين طرفي النزاع وهو ما تنص عليه أيضا اللائحة الاممية وما نتفق معه نحن أيضا". إلى جانب ذلك -يضيف وزير الدولة- فقد تحدث المستشار الامريكي عن حق تقرير المصير للشعب الصحراوي وضرورة استشارة هذا الاخير والتي تتم عن طريق التصويت.
وقال السيد عطاف أنه أكد, في كل لقاءاته مع المسؤولين الامريكيين وعلى رأسهم مسعد بولس, "على أن حل القضية الصحراوية لا يمكن أن يتأتى الا عبر طرفي النزاع, المملكة المغربية وجبهة البوليساريو".
الى جانب ذلك, أشار السيد عطاف الى أن "الولايات المتحدة لها موقفها الوطني المعروف من قضية الصحراء الغربية, لكن اليوم هي تريد أن تلعب دور الوسيط, و الوسيط يجب أن يتخلى عن موقفه الوطني وأن يبحث عن الحل الذي يرضي الطرفين ويمكن أن يلتفا حوله".
ولفت إلى أن "هناك واقعية تؤكد أن الولايات المتحدة أصبحت تفرق بين موقفها الوطني و موقفها كوسيط في هذه العملية من خلال استعدادها للعمل مع الأمم المتحدة وتحت قبة هذه المنظمة التي لها عقيدة في ممارسات وضوابط تحكم تصرفها في معالجة القضايا الاستعمارية".
ومن هذا المنطلق, قال وزير الدولة: "نحن نأمل في أن نرى في المستقبل القريب العودة الى هذه المراجع الدولية فيما يخص حق الشعوب في تقرير مصيرها", موضحا أنه "عندما نتكلم عن حق تقرير المصير والعقيدة الاممية والممارسة اليوم في جدول أعمال المنظمة هناك 17 كيانا تسمى أراضي لا تتمتع بسيادتها وكل هذه الحالات يعترف لها بحق تقرير المصير فلا يعقل ولا يمكن أن تقصى من هذه القائمة القضية الصحراوية بمفردها وتحرم من حقها في تقرير المصير كسائر الشعوب الاخرى".
وأكد السيد عطاف بأن "هناك قناعة في الأمم المتحدة وبالخصوص داخل مجلس الأمن بأن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره هو حجر الزاوية", مذكرا بأن 8 دول قدمت تعديلات على المشروع الأخير, وكلها ألتفت حول حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير. كما أن اللائحة التي صدرت عن مجلس الأمن تشير في بنودها العملية, مرتين لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره دون ربطه بالحكم الذاتي.
و قال أن "حق تقرير المصير ركن أساسي من أركان ميثاق الأمم المتحدة وركيزة من ركائز الدبلوماسية الجزائرية", مذكرا بأن "القضية الجزائرية في الأمم المتحدة هي التي أدت إلى صدور القرار 1415, الذي يرسي الإطار الكامل لممارسة حق تقرير المصير".
وبالعودة إلى عدم مشاركة الجزائر في التصويت على قرار مجلس الأمن, صرح وزير الدولة بأن "الجزائر كانت على وشك التصويت لصالح القرار", لكن "لم يتم حذف بند صغير يتعلق ب +السيادة المغربية+ الذي ورد في الديباجة. كنا قد طلبنا, قبل يوم من التصويت, بحذفه لنتمكن من التصويت لصالح النص".
وأوضح قائلا: "من الناحية الفنية, هذا هو ما دفع الجزائر إلى الامتناع عن التصويت", مردفا بأن هذه الإشارة قد حذفت من النص.وشدد السيد عطاف على أن "الجزائر تولي أهمية بالغة لضمان توافق هذه العملية برمتها -التي تقودها الأمم المتحدة بشأن استكمال إنهاء الاستعمار في الصحراء الغربية- تماما مع قرار الأمم المتحدة".
وردا على سؤال حول اعتماد البرلمان الفرنسي على قرار يلغي اتفاقية 1968, قال السيد عطاف إنها "مسألة فرنسية بحتة" بين الجمعية الوطنية والحكومة الفرنسية, مضيفا أنها "مسألة داخلية لا تعنينا حاليا".
وأضاف أن هذه المسألة "قد تهمنا إذا تحولت إلى قضية بين حكومتين, لأن اتفاقية عام 1968 هي اتفاقية بين الحكومات, اتفاقية دولية", موضحا أن الحكومة الفرنسية "لم تبلغ الجزائر بأي شيء في هذا الشأن (..) في جوهر الأمر, نحن لا نرد (..). على المستوى الحكومي, لم يصلنا شيء, ونأمل ألا يصلنا شيء".
وفيما يتعلق بالعلاقات الجزائر في افريقيا, أكد السيد عطاف أن "الجزائر لم تقصر يوما في واجباتها تجاه القارة", مضيفا أن رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون "يكن ودا كبيرا لأفريقيا. ولها مكانة خاصة لديه, وقد برهن على ذلك من خلال العديد من المبادرات المهمة التي كان لها الصدى البارز من جانب الحضور الدبلوماسي الجزائري في أفريقيا".
وتابع قائلا: "يشعر شركاؤنا أن الجزائر لديها رئيس يجسد هذا التقارب الأفريقي". وخلص السيد عطاف الى القول أن "رئيس الجمهورية رجل ميدان في المجالين السياسي والدبلوماسي, ويريد أن يرتكز التزام الجزائر تجاه أفريقيا على إنجازات ملموسة, كما تجلى في الفعاليات التي نظمناها مؤخرا, ولا سيما معرض التجارة البينية الأفريقية الذي حقق نجاحا باهرا لأفريقيا ولبلدنا".
الإذاعة الجزائرية











