بينما ترسّخ الجزائر شرعية المؤسسات الإفريقية ينعزل المغرب في اجتماعات مع حكومات غير معترف بها

بينما ترسّخ الجزائر شرعية المؤسسات الإفريقية ينعزل المغرب في اجتماعات مع حكومات غير معترف بها

أحمد عطاف
03/12/2025 - 21:20

لا يتوانى نظام المخزن في استخدام أساليب لا ترقى إلى ممارسات الدول، من أجل استفزاز الجزائر في كل مرة تقدم فيها على خطوة لخدمة القارة الإفريقية، ويحاول التشويش عليها بطرق ملتوية لا تمتلك التفويض القاري وتعمل خارج الأطر الدبلوماسية المتعارف عليها.

ولعل تنظيمه "المؤتمر الأول للضحايا الأفارقة للإرهاب" مؤخرا يكشف بوضوح تحركاته خارج أطر الشرعية القارية، في محاولة بائسة للانتقاص من أحداث قارية تستضيفها الجزائر حاليا.

وتم تنظيم الحدث المغربي في نفس توقيت الفعاليات الرسمية التي تستضيفها الجزائر، في محاولة واضحة لخلق توازن رمزي أو إعلامي، رغم الفارق الكبير في الشرعية والمستوى التمثيلي.

وتستضيف الجزائر حدثين قاريين محسومين بقرارات رسمية صادرة عن قمة رؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي، الأول بعنوان "المؤتمر الدولي حول جرائم الاستعمار في إفريقيا"، وقد تمت المصادقة عليه في قرار القمة 903 (فيفري 2025) بناء على مبادرة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، ويدخل ضمن تنفيذ شعار الاتحاد الإفريقي لسنة 2025 حول العدالة وجبر الضرر للأفارقة وذوي الأصول الإفريقية.

أما الحدث الثاني فيتعلق بالدورة الثانية عشرة لندوة وهران حول السلم والأمن في إفريقيا، وهي منصة مؤسسية راسخة منذ 2013، وتم إقرارها كآلية دائمة بموجب قرار الاتحاد الإفريقي 815/2022، وتعتبر الموعد السنوي الرئيسي للتنسيق بين أعضاء مجلس السلم والأمن (CPS) والأعضاء الأفارقة في مجلس الأمن (A3).

وشهدت فعالية الجزائر هذا العام قفزة نوعية في مستوى المشاركة، تمثلت لأول مرة منذ إنشاء مسار وهران في حضور رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، السيد محمد علي يوسف. وتحمل هذه المشاركة دلالات قوية أهمها:

اعتراف مباشر من أعلى هيئة تنفيذية للاتحاد الإفريقي بالأثر المتزايد لندوة وهران في هندسة قرارات السلم والأمن القارية.

تتويج لدور الجزائر كفاعل رئيسي داخل أجهزة الاتحاد، خصوصاً بعد انتخابها لعضوية مجلس السلم والأمن الإفريقي (2024–2026).

إشارة سياسية واضحة إلى مكانة مسار وهران كأحد أهم فضاءات التفكير واتخاذ القرار في القارة.

وشهدت الفعاليات حضورا رفيع المستوى تمثل في وزراء خارجية كل من: كوت ديفوار، بوتسوانا، توغو، رواندا، ناميبيا، أنغولا، الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية وتونس.

كما حضر نواب وزراء خارجية كل من: غانا، ليبيريا، الصومال، سيراليون، مصر وجنوب إفريقيا.

كما عرف حضور دولي رفيع متمثل في مفوض السلم والأمن للاتحاد الإفريقي، الأمين العام المساعد للأمم المتحدة لعمليات حفظ السلام، نائب الأمين العام للأمم المتحدة وممثل المنظمة لدى الاتحاد الإفريقي، المبعوث الأممي لإسكات البنادق والمبعوثة الخاصة البرتغالية لمنطقة الساحل.

هذه التركيبة تمثل إجماعا قاريا ودوليا حول الدور الذي تلعبه الجزائر، وتكشف حجم الثقل المؤسساتي لفعالياتها.

في المقابل، نظم المغرب في الرباط "المؤتمر الأول للضحايا الأفارقة للإرهاب"، برئاسة وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، إلى جانب مسؤول أممي بالنيابة.

وشارك في الفعالية الأمين العام المساعد بالنيابة في مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، وهي رتبة تمثيل مؤقتة لا تعكس حضورا رفيعا من قيادة الأمم المتحدة.

واقتصر الحضور على وزراء من دول تعيش وضعيات انقلابية يخضع حكامها لعقوبات صادرة عن الاتحاد الإفريقي، وهي مالي وبوركينا فاسو، أما غينيا الاستوائية فاقتصر تمثيلها في كاتبة الدولة المكلفة بالمنظمات الدولية وهو وضع يقلّل من الطابع التمثيلي القاري للحدث.

وعليه، يتضح أن ما يجري اليوم في الساحة الإفريقية يكشف بوضوح حجم الفارق بين دبلوماسية دولة تتحرك داخل الشرعية القارية والمؤسسات، ودبلوماسية أخرى تحاول لفت الانتباه بحركات موازية خارج التفويض.

كما يبرز حجم الهوة بين ما حققته الجزائر وما حاول المغرب عبثا أن يفعله دون سند أو شرعية، حيث اشتغلت الجزائر بالشرعية، بالمؤسسات، وبالقرارات القارية، وبحضور قاري ودولي ثقيل. أما المغرب فحاول المناورة خارج التفويض… فانتهى بعزلة سياسية، ليجد نفسه مجتمعاً مع حكومات انقلابية غير معترف بها.

كما منح الاتحاد الإفريقي الجزائر تفويضا في ملفات السلم والأمن، بينما كلف المغرب فقط بملف الهجرة.
 

المصدر
ملتيميديا الإذاعة الجزائرية