"قوات الاحتلال تقتحم مدينة جنين وتحاصر منزلا في منطقة الجابريات، في الطريق إلى هناك أوافيكم بخبر فور اتضاح الصورة"... رسالة إلكترونية تركتها الصحفية شيرين أبو عاقلة بعد شروق شمس فلسطين اليوم بثمان وعشرين دقيقة بالضبط، ووصلت إلى المكان المحاصر وقد ارتدت درعها المعتاد مكتوب عليه " صحافة " ووضعت الخوذة ولكنها لم تأت بالخبر واتضح في الصورة أنها هي "الخبر ".
أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في وقت مبكر من صباح اليوم " اغتيال" الصحفية " شيرين أبو عاقلة" مراسلة قناة الجزيرة من فلسطين عندما أطلق عليها جندي إسرائيلي الرصاص الحي أثناء تغطيتها لاقتحام مدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة.
وكانت الصحفية قبل وصولها إلى محيط مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين بمخيم جنين الموقع الذي سقطت فيه تركت رسالة للقناة على الإيميل " قوات الاحتلال تقتحم مدينة جنين وتحاصر منزلا في منطقة الجابريات، في الطريق إلى هناك أوافيكم بخبر فور اتضاح الصورة" .
وحمّل الرئيس الفلسطيني محمود عباس القوات الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن وفاة الصحفية شيرين أبو عاقلة.
ونعى رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية ومجلس الوزراء الصحفية أبو عاقلة "التي قضت برصاص جنود الاحتلال، خلال قيامها بواجبها الصحفي لتوثيق الجرائم المروعة التي يرتكبها الاحتلال".
جريمة الاغتيال هذه لقت تنديدا واسعا من قبل رؤساء دول وهيئات ومنظمات دولية اضافة إلى التنظيمات والنقابات الصحفية عبر مختلف اصقاع العالم.
رسالة صهيونية بدماء شيرين أبو عاقلة..
تؤكد تصريحات الصحفيين الذين كانوا قريبين جدا من الصحفية شيرين أبو عاقلة أثناء سقوطها أنه لم تكن في الزاوية التي سقطت فيها تحديدا مواجهات بين جنود الاحتلال والمحتجين الفلسطينيين ما يحيل على احتمال تعرضها لرصاصة طائشة.
من جهته ، قال مدير دائرة الطب العدلي في جامعة النجاح ريان العلي إن المرحلة الأولى من تشريح جثمان الشهيدة شيرين أبو عاقلة انتهت، أن الرصاصة التي أصابت شيرين أبو عاقلة كانت قاتلة وبشكل مباشر في الرأس، وأنه لا يوجد أي دليل على أن إطلاق النار كان من مسافة تقل عن متر، موضحا أنه تم التحفظ على مقذوف مشوه وتتم الآن دراسته مخبريا.
وهو ما يحيل إلى أن الصحفية استهدفت برصاصة قناص ركز بدقة على الجزء الأسفل من الأذن الذي لا تغطيه الخوذة التي تضعها الصحفية على رأسها.
وقالت وزارة الإعلام الفلسطينية إن "جريمة اغتيال الصحفية أبو عاقلة، تستدعي تكثيف الجهود الفلسطينية والعربية والدولية لتحقيق العدالة ومحاسبة إسرائيل"،
من جهته نقيب الصحفيين ناصر أبو بكر قال إن "شهادة شيرين هي شاهد على الحقيقة على جرائم الاحتلال الإسرائيلي، الذي أرسل رسالة للصحفيين الفلسطينيين وللشعب الفلسطيني بدماء شيرين أبو عاقلة أن الكل مستهدف".
وأضاف "نقول للاحتلال وصلت رسالتكم منذ زمن طويل، لكنها لن تضعفنا ولن تجعلنا إلا أكثر تصميما وإرادة لفضح جرائمكم بحق صحفيي فلسطين وبحق كل أبناء شعبنا".
وأوضح أن عدد شهداء الصحفيين ارتفع منذ عام 2000 إلى 55 شهيدا، وعدد جرائم الاحتلال منذ عام 2013 المتواصلة يوميا إلى أكثر من 7 آلاف جريمة واعتداء بحق الصحفيين الفلسطينيين.
نقل جثمان الشهيدة أبو عاقلة بعد انتهاء مراسم وداعه الشعبية في مدينة رام الله إلى المستشفى الاستشاري بضاحية الريحان، شمال المدينة، تمهيدا لتشييع رسمي سيجري في مقر الرئاسة برام الله صباح يوم غد الخميس.
شيرين أبو عاقلة .. شهيدة الإعلام
ولدت شيرين أبو عاقلة عام 1971 في مدينة القدس المحتلة، وهي حاصلة على درجة البكالوريوس في الصحافة والإعلام من جامعة اليرموك بالمملكة الأردنية الهاشمية.
ويعود أصل الراحلة أبو عاقلة إلى مدينة بيت لحم لكنها ولدت وترعرعت في القدس، وأنهت دراستها الثانوية في مدرسة راهبات الوردية في بيت حنينا.
درست في البداية الهندسة المعمارية في جامعة العلوم والتكنولوجيا في الأردن، ثم انتقلت إلى تخصص الصحافة المكتوبة، وحصلت على درجة البكالوريوس من جامعة اليرموك في الأردن.
وعادت بعد التخرج إلى فلسطين وعملت في عدة مواقع مثل وكالة الأونروا، وإذاعة صوت فلسطين، وقناة عمان الفضائية، ثم مؤسسة مفتاح، وإذاعة مونتي كارلو ولاحقًا انتقلت للعمل في عام 1997 مع شبكة الجزيرة الإعلامية.
لترقى اليوم إلى السماء بعد هذا المسار، بعد أن سقت بدمها شجرة فلسطينية واتضح ذلك جليا في الصورة.
نعمان بن سراي ميلتيميديا الاذاعة الجزائرية .