خيم شبح الانتحار في الأشهر القليلة الماضية على إقليم تاونات احدى اكثر المدن فقرا في المغرب, بعد أن سجل نحو 60 حالة خلال سنة واحدة, الأمر الذي دفع بأحزاب سياسية في البلد لمسائلة الحكومة عن الاسباب الكامنة وراء تفشي هذه الظاهرة امام غياب آليات معالجتها.
وتقدم فريق التقدم والاشتراكية في مجلس النواب, بسؤال لوزير الصحة والحماية الاجتماعية المغربي, حيث قالت البرلمانية عن الحزب إكرام الحناوي, في سؤالها الكتابي, إن "الانتحار هو آفة اجتماعية خطيرة, وهو معضلة ذات أبعاد نفسية واجتماعية واقتصادية".
و أبرزت النائبة البرلمانية أنه "رغم التفسيرات التي تقدم في محاولة لفهم هذه الظاهرة, إلا أنها تظل في حاجة الى أبحاث ودراسات معمقة للبحث في جذورها وأسبابها وطرق التخفيف منها, بالنظر للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية والنفسية المترتبة عنها, وهو ما عليه الحال مثلا بالنسبة لإقليم تاونات, الذي تتحدث العديد من وسائل الاعلام عن ارتفاع عدد حالات الانتحار به, أمام صمت مختلف المسؤولين".
وسأل الفريق النيابي المعارض, وزير الصحة والحماية الاجتماعية المغربي, خالد آيت الطالب, عن الأسباب الكامنة وراء تزايد ظاهرة الانتحار بإقليم تاونات, وعن الاجراءات المتخذة من قبل وزارة الصحة وقطاعات حكومية أخرى للحد من هذه الظاهرة وطنيا وبإقليم تاونات بشكل خاص.
وكانت وسائل إعلام محلية, أكدت أن حوادث الانتحار في إقليم تاونات سجلت خلال السنة الجارية رقما مخيفا, بعد سقوط 56 حالة, منها 22 في شهر واحد.
وتعيد هذه الحصيلة إلى الواجهة الأرقام المقلقة لظاهرة الانتحار في المغرب والتي دفعت المختصين لدق ناقوس الخطر, مؤكدين أنه بالرغم من قلة الاحصائيات الرسمية حول الآفة, إلا انه تبقى الظروف الاجتماعية و الاقتصادية وراء انتشارها.
وقال هيثم الرحيوي, نائب رئيس الجمعية المغربية للمساعدين الاجتماعيين, في تصريح للصحافة المغربية أن "حالات الانتحار تعرف ارتفاعا ملموسا في المغرب", مرجعا ذلك إلى مجموعة من العوامل, منها الظروف الاقتصادية الصعبة, والعنف, وغيرها والتي قال إنها "تؤثر جميعها على نمط الحياة الذي يريده الفرد".
يذكر أن آخر إحصائيات رسمية تتعلق بحجم ظاهرة الانتحار بإقليم تاونات صدرت سنة 2006, و أفادت بأن 95 شخصا, 33 في المائة منهم نساء, أقدموا على الانتحار خلال الفترة الممتدة ما بين بداية سنة 2001 وشهر أبريل من سنة 2006.
و أوضحت تلك البيانات, التي أعلنتها, حينها, مصالح الوقاية المدنية بتاونات, أن الفئة العمرية ما بين 20 و35 سنة سجلت نسبة 61 في المائة من مجموع المنتحرين خلال الفترة المذكورة, تلتها فئة 15 إلى 20 سنة من العمر ب33 في المائة, مبرزة أن أعلى معدل سنوي للانتحار, خلال الفترة نفسها, كان سنة 2002, التي سجلت بها 35 حالة انتحار.
ويعد اقليم تاونات من المدن الاكثر فقرا في المغرب, إذ استنادا الى أرقام رسمية تم الكشف عنها سنة 2017 حول عدد الفقراء في المملكة, تحتل المدينة المرتبة الثالثة في ترتيب المدن الاكثر فقرا وذلك بنسبة 23.4 في المائة بعد مدينتي فكيك, والتي تصل نسبة الفقر فيها إلى 34.5 في المائة و أزيلال ب28.8 في المائة. ذ