المتحف المركزي للجيش: أيقونة الذاكرة الجزائرية العريقة

المتحف المركزي للجيش
31/07/2022 - 16:01

يعتبر المتحف المركزي للجيش، أيقونة الذاكرة الجزائرية العريقة، ومرآة معبّرة عن تاريخ الجزائر الزاخر بالوقائع والأحداث منذ الأزمنة الغابرة.

يكرّس رصيد المتحف المركزي للجيش السيرورة التاريخية للأمة الجزائرية العظيمة، وحقائق كفاح الشعب الجزائري على مدى القرون من أجل استقلاله وحريته، في هذا الشأن، يعدّ كفاح الشعب الجزائري المستميت من الملوك النوميديين إلى ثورة نوفمبر الخيط الموصل لفهم الشخصية الجزائرية، ولتجسيد ذلك أقيم المتحف المركزي للجيش الوطني الشعبي.

البدايات قبل 38 عاماً

افتتح المتحف المركزي للجيش الوطني الشعبي أبوابه في جوان 1985 ورغم حداثة عهده فإنه حقق عملا معتبرا وخاصة عندما نعلم ما يتطلبه من وقت وجهود لتشكيل مجموعات من التحف والشواهد وأيضا بالنظر إلى المساحة الشاسعة التي يحتلها.

ويعرض المتحف المركزي للجيش الوطني الشعبي الآن ما يزيد على الثلاثة آلاف أثر والألفي مؤلف وآلاف الوثائق التي توصل إلى جمعها في أقل من 11 سنة، والعمل لا يزال متواصلاً لكي يتحول إلى بانوراما لتاريخ غني بالوقائع التاريخية العظمى. ولما يقترحه المتحف المركزي للجيش الوطني الشعبي لتمثيل التاريخ فإنه مؤسسة حية قابلة للتطور قد لا تصل إلى الإثارة لمعايشة التاريخ الفعلي إلا أنها لا تقل عنه حضورا وجاذبية. ويحتوي المتحف المركزي للجيش ما يكفي لتمضية أوقات مشوقة ومفيدة للغاية. علاوة على مجموعات التحف والشواهد الموزعة في أربعة مستويات، فإن المتحف المركزي للجيش يحتوي على مكتبة متخصصة مفتوحة للباحثين.

ويقع المتحف المركزي للجيش جنوب غربي مجمع رياض الفتح، وهو يتربع على مساحة تقدر بـ 17.000 م2 ويشتمل على: طابق أرضي، طابق سفلي وأربعة (04) طوابق علوية، وبهذه الطوابق نجد: ورشات، مخابر.

رمزية ودلالات

شُيّد هذا المعلـم التاريخي فوق ربوة "المدنية" بالجزائر، ضمن مجمع ثقافي اقتصادي هو مجمع رياض الفتح الذي بني على أنقاض حي قديم يسمّى حي "الأكاسيا".
وإذ يقف المتحف المركزي اليوم مقابلا لمقام الشهيد الذي أقامته الجزائر تخليداً لشهدائها الأبرار، فإن لاختيار هذا الموقع ما يبرّره، إذ أن هذه البقعة من "المدنية" تشكل قاسما مشتركا بين عمليات وأ حدا ث عديدة سجل فيها أبطال الجزائر أروع الإنتصارات، كما لقي فيها بعض أبناء هذا الوطن المفدى سوء العذاب على يد المعمرين الدخلاء، وقبل هذا فإنّ المكان نفسه كان مهدا لحوادث تاريخية هامة.
ويمكن توضيح أسباب الاختيار بإيجاز فيما يلي:

تسمية "المدنية" في حدّ ذاتها مأخوذة من لقب الإخوة الشهداء، مدني الثلاثة ولعلّ خير دليل على حبّ الاستزادة في تخليد هؤلاء الفتية هوإ طلاق اسم الإخوة مدني على شارع هام موجود بحيّ "المدنية".

وهذا المكان كان قلعة عسكرية قديمة وحصنا منيعا إذ تحطم الأسطول الإسباني بقيادة شارل الخامس ملك إ سبانياعلى أسواره في نوفمبر 1541، عندما كان الأسطول يحاول القيام بعملية إنزال في الرميلة (حديقة الحامّة حاليا).

وانعقد اجتماع مجموعة الـ 22 التاريخي بحي "المدنية" في السابع عشر من شهر جوان 1954 وبالضبط في منزل "دريش إلياس" المحاذي للمتحف المركزي للجيش وهو ا لإجتماع الذي قدر لهذه الأ عمال أن تكون اللبنة الأولى في مسيرة ثورة نوفمبر الخالدة التي قادت البلاد إلى استعادة الاستقلال والكرامة.

وبهذا الموقع وضواحيه اختار المستعمر مراكز للتعذيب والتنكيل بأبناء الجزائر البررة، فكم ا بتلع بئر القلعة العسكرية القديمة من مجاهدين ومناضلين، وكم قاسى الإنسان الجزائري من وحشية العذاب وقساوة الجرائم البشعة في (فيلا سكينة سابقا) على يد السفاح لاقايارد، إذ كان هذا الطاغية بعد أن يصلب ضحاياه يشدهم إلى لوحة بواسطة دبابيس، ثـم تتتالى رميات الخنجر وهو يختال منتشياً بدمائهم الزكية.

ملتيميديا الإذاعة الجزائرية – رابح هوادف