توقع بعض خبراء المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (الكناس)، اليوم الخميس، تحقيق مؤشرات إيجابية على المستويين الاقتصادي والاجتماعي خلال سنة 2023، في ظل التحسن النسبي لمداخيل الدولة التي ستسمح بالشروع في الاستثمارات الكبرى وإعادة إطلاق المشاريع المتوقفة.
أكد الخبيران، محمد شهرة، المدير المكلف بالدراسات والتلخيص بديوان رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ومهدي بوشطارة، مدير دراسات بقسم الحكومة والضبط بالمجلس، خلال جلسة استماع، عقدتها اليوم الخميس، لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني، برئاسة لخضر سالمي، أنّ المعطيات الاقتصادية والاجتماعية المتوفرة خلال الفترة الحالية تشير إلى منحى إيجابي في معالجة عدة ملفات هامة.
الخبيران لاحظا أنّ الدخول الاجتماعي للسنة الجارية 2022، تميّز بأريحية في التسيير مقارنة بسنوات 2020 و2021، خاصة بعد تحسن الوضع الصحي وتراجع الإصابات بكوفيد 19، والتمكن من استكمال الانتخابات للمجالس الشعبية البلدية والولائية، إلى جانب التحسن المسجل في العديد من المؤشرات الاقتصادية.
وبحسب المعطيات المقدمة، يُتوقع أن يسجل الميزان التجاري للجزائر فائضا بحوالي 13 مليار دولار خلال نهاية السنة الجارية (2022)، بعدما سجل في السداسي الأول فائضًا قارب 5.7 مليارات دولار، لأول مرة منذ سنوات، وقيمة صادرات خارج المحروقات بلغت 3.5 مليارات دولار.
وكان الميزان التجاري للجزائر سجّل عجزًا بقيمة 1.7 مليار دولار خلال السداسي الأول من 2021، مقابل 7.6 مليارات دولار خلال السداسي الأول من 2020، كما يتوقع بلوغ هدف تجسيد 10 مليارات دولار من الصادرات خارج المحروقات خلال سنة 2023، والبداية الفعلية لتجسيد المشاريع الاستثمارية التي كانت متوقفة، إلى جانب عودة النشاط لقطاع البناء والأشغال العمومية والري، بعد تخطي مرحلة كوفيد 19، ما من شأنه توفير مناصب شغل بنسبة 16 بالمائة من إجمالي القطاعات الوطنية.
وبناءً على ما تقدّم، ستساعد هذه المؤشرات الجزائر على التقليص من التضخم وامتصاص بعض تأثيرات الظروف الدولية الراهنة، التي أثرت على سلسلة الإمدادات العالمية، وانعكست على ارتفاع أسعار بعض السلع الأساسية في السوق العالمية، بحيث ستعطي للحكومة هامشًا في معالجة بعض الصدمات غير المتوقعة.
وتطرق الخبيران إلى أهمية تعزيز حصة الجزائر من النقل البحري، لاسيما في حوض البحر الأبيض المتوسط، الذي يستقطب أزيد من 80 بالمائة من الحركة التجارية العالمية، وذلك بإنجاز موانئ قابلة لاستقطاب سفن نقل السلع للمسافات البعيدة، مما يوفر على الاقتصاد الوطني تكاليف النقل البحري والآجال، ويفتح شهية المستثمرين الأجانب لإنجاز استثمارات ضخمة داخل البلاد.
من جهة أخرى توقع الخبيران رصد نسبة نمو تتراوح بين 3 و3.5 بالمائة بنهاية السنة الجارية، بفضل تعزز المداخيل، التي ستسمح بتقليص نسبة التضخم وتحسين مؤشرات البطالة، بعد تنشط المشاريع وعمليات الإنتاج.
وبخصوص القانون الجديد المتعلق بالاستثمار، اعتبر السيد محمد شهرة، أنّ "القانون، الذي صدرت النصوص التنفيذية الخاصة به مؤخرا، مكسبا حقيقيا للدولة الجزائرية، خاصة بعد الانطباع الجيد الذي تم رصده من طرف العديد من المستثمرين الأجانب".
وقال إنّه "ينبغي على المستوى التنفيذي لهذا القانون تخطي الصعوبات الإدارية الناجمة عن بعض السلوكيات البيروقراطية"، معتبرًا أنّ "الرقابة خلال تنفيذ محتوى القانون هي المهمة الأساسية للقطاعات المعنية بتنفيذه"، وداعيا أيضا إلى "اعتماد الرقمنة في انجاز وإيداع الوثائق المطلوبة، لاسيما ما يتعلق بالتفويض بالإمضاء والإمضاء الالكتروني".
من جانب آخر، جرى طرح جملة من التحديات المرتقب التكفل بها خلال السنوات المقبلة، يتقدمها تحدي مراجعة سياسة الدعم الاجتماعي في المواد الواسعة الاستهلاك، بعدما تجاوزت قيمة التحويلات الاجتماعية 1.800 مليار دينار، إلى جانب تحديات تتعلق بمعالجة ملفات السوق الموازية وتهريب السلع الاستهلاكية نحو الدول المجاورة، وملف الشراكة مع الاتحاد الأوروبي ، وملف الهجرة غير الشرعية للمهاجرين الأفارقة نحو الجزائر.