يتواصل السخط الشعبي في المغرب بسبب مضي سلطات المخزن في سياسة التهميش واستغلال النفوذ لضرب الحقوق الاساسية من خلال استفحال ظاهرة الغش والفساد التي تغلغلت في كل مفاصل البلاد ولم يسلم منها حتى قطاع العدالة الذي يعيش تحت وقع الاحتجاجات التي باتت عنوان الاعتراض على هذه السياسة المجحفة.
وأثار إعلان نتائج الامتحان الكتابي لمنح شهادة أهلية مزاولة مهنة المحاماة، من طرف وزارة العدل المغربية، امتعاضا لدى المواطنين في المغرب الذين عبروا عبر مختلف المنابر الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي عن استيائهم من الخروقات الخطيرة التي شابت المسابقة، مما دفع بهم الى التصعيد من احتجاجاتهم لإلغاء هذه "المهزلة".
وقرّر ضحايا المسابقة تسطير برنامج تصعيدي، حيث دعوا في بلاغ لهم عقب اجتماعهم امس السبت، لتنظيم وقفات احتجاجية سلمية بمختلف ربوع المملكة، مع التأكيد على ضرورة احترام الخط النضالي للمعركة دون تسييس الشعارات.
وأكد البيان ذاته على ارتداء اللون الأسود كتعبير رمزي عن سخط ضحايا الامتحان حيال "الجرائم الحقوقية التي شابت امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة، و التي أضرت بأبناء الشعب".
بدورها، أدانت نقابة المحامين بالمغرب بشدة كل الخروقات التي شابت عملية تنظيم الامتحان الكتابي لمنح شهادة أهلية مزاولة مهنة المحاماة، والخروقات التي طالت عملية فرز النتائج والتلاعب فيها، محملة وزيرالعدل واللجنة المشرفة على الامتحان كامل المسؤولية الأخلاقية والقانونية المترتبة عن ذلك.
وقالت النقابة إنها "تابعت عن كثب وبقلق شديد النتائج المعلن عنها من طرف وزارة العدل، كما تابعت بامتعاض كبير تداعيات هاته النتائج وما تم الكشف عنه من خروقات خطيرة للقانون والمبادئ الدستورية، والتي تم تداولها عبر مختلف المنابر الإعلامية الوطنية والدولية ومواقع التواصل الاجتماعي، وخلفت استياء عارما لدى عموم المواطنات والمواطنين".
وطالبت بإلغاء نتائج الامتحان وإعادته وضمان تكافؤ الفرص والمساواة والنزاهة والشفافية وهذا -تقول- إثر "الخرق السافر" للقانون.
وبعد وقوفها على التصريحات "اللامسؤولة" و"المستفزة" لوزير العدل المغربي، عبد اللطيف وهبي، الذي قالت أنه "كان يفترض فيه كرجل دولة التقيد بواجب التحفظ"، طالبت نقابة المحامين أيضا بفتح تحقيق في هذه الخروقات والتجاوزات وترتيب المسؤولية القانونية في مواجهة كل المتورطين في هاته الممارسات التي تعتبر "مجزرة حقوقية وقانونية غير مسبوقة في تاريخ مهنة المحاماة".
من جانبه، عبّر نادي قضاة المغرب عن "كبير قلقه" و"انشغاله" بخصوص نتائج امتحان مهنة المحاماة، و"ما قد يترتب عنه من مساس بالثقة في امتحان الولوج إلى مكون أساسي من مكونات العدالة".
وفي بيان له، شدّد النادي: "يعبّر عن هذا الموقف من منطلق دعمه لحق المتقاضين في الدفاع، وتوفير الشروط الملائمة لممارسة هذا الحق، لما له من دور جوهري في الرفع من النجاعة القضائية وحسن تطبيق قواعد سير العدالة".
ضمن السياق ذاته، شدّد النادي "نتشبث من منطلق اختصاصنا بالدفاع عن الضمانات الأساسية لحقوق وحريات المواطنين، بضرورة احترام مبدأ تيسير أسباب استفادة جميع المواطنين والمواطنات، على قدم المساواة وبما يضمن تكافؤ الفرص، من الحق في الولوج إلى مختلف المهن القانونية والقضائية حسب الاستحقاق".
وأثارت هذه الاوضاع ايضا استياء الحزب الاشتراكي الموحّد الذي قال على لسان امينته العامة، نبيلة منيب، إنّ المغاربة كانوا يتطلعون "الى سنة جديدة لتكون عنوانا لانطلاقة جديدة، من خلال تعميم إجراءات إيجابية، لا سيما مناقشة مقترح قانون العفو عن المعتقلين السياسيين و اطلاق سراح الصحفيين والمدونين وشباب الحراك الشعبي في الريف"، إلا أن "المغرب لازال يعيش على وقع استغلال النفوذ والتسلط".
وأكدت منيب أنّ المغرب "بحاجة إلى إصلاحات جذرية حتى يعيش المغاربة في بلاد يكونون فيها متساوين أمام القانون، ويكون انصاف لأبناء الطبقة المسحوقة والمتوسطة الذين يعاني آباؤهم الأمرين لدفع وتحمل تكاليف دراستهم، ويكون هناك تكافؤ للفرص".
واغتنمت منيب الفرصة لتنتقد الشبهات المثارة حول مسابقة مهنة المحاماة، التي أثارت استياء كبيرا في البلاد، مستغربة من تصريحات وزير العدل عبد اللطيف وهبي التي تعد "تجريحا" و "حقرة" بحق الطبقات الفقيرة، على حد وصفها.
وإضافة إلى نتائج مسابقة مهنة المحاماة، أسالت تصريحات مثيرة للجدل للوزير، عبد اللطيف وهبي، كثيراً من الحبر لما تضمنه من استهتار واستخفاف بالمواطن المغربي حيث تحدث فيها بنبرة التعالي والتباهي بمقدرته المالية في "مغرب الفقراء"، في خطاب يجسد البناء الطبقي للمجتمع المغربي والفوارق الاجتماعية التي لاتزال تهدد المملكة وتضعها على صفيح ساخن.