يشكّل الاحتفال باليوم العالمي للعمال في غرّة ماي 2023، فرصة للوقوف على التحوّل النوعي الذي عرفته الجزائر في السنوات الثلاث الأخيرة، والجهود المبذولة لدفع منظومة العمل وتعزيزها بدعامات المقاولاتية والاستثمار المنتج وتحفيز المبادرات الخلاّقة، إلى جانب ارتفاع رواتب 2.7 مليون موظف ومتعاقد، وتكريس الدعم الاجتماعي، إلى جانب استيعاب أصحاب عقود ما قبل التشغيل استكمالاً لمسار بناء الجزائر الجديدة.
أولت الدولة خلال السنوات الثلاث الأخيرة عناية خاصة لتحسين القدرة الشرائية للمواطن وتعزيز أنظمة الضمان الاجتماعي والتقاعد، من خلال إعادة تثمين الأجور ومعاشات التقاعد وتأسيس منحة البطالة وغيرها من التدابير الرامية إلى ضمان استقرار الأسعار وتوفير العيش الكريم للمواطنين، وأتت هذه المكاسب لتعزّز عمل الدولة من أجل تجسيد بناء الجزائر الجديدة من خلال التكفل بانشغالات المواطن وتحقيق العدالة الاجتماعية تعزيزاً للجبهة الداخلية، وتقليصاً للفوارق عبر أرجاء الوطن.
وتجلى هذا من خلال حزمة خطوات حاسمة، فمنذ نحو 10 إلى 15 سنة، لم تسجل الجزائر رفعاً تدريجياً للأجور بالشكل الذي عرفته بين عامي 2019 و2023، بشكل انعكس بالتأكيد على مستوى معيشة المواطنين، في انتظار الرفع النهائي لها خلال سنة 2024، بالتزامن مع خوض الدولة معركة حقيقية لحماية القدرة الشرائية للمواطن من خلال مكافحة كل أشكال المضاربة ومحاربة الفساد بكل مظاهره.
وفي إطار السياسة الاجتماعية للدولة الجزائرية الرامية الى تحسين المستوى المعيشي للمواطن، أقرّ رئيس الجمهورية، في أفريل الأخير، رفع منحة التضامن، بواقع 12 ألف دينار لمن كان يتقاضى 10 آلاف دينار وإلى 7 آلاف دينار لمن تقاضى 3 آلاف دينار في مرحلة سابقة، وشملت المراجعة قرابة مليون مستفيد.
وتمّ تعديل قانون التقاعد لتكييفه مع الزيادات الاستثنائية في المنح والمعاشات والتي أقرها رئيس الجمهورية في جانفي 2023، مجدّداً التزامه بمواصلة استراتيجية تحسين المستوى المعيشي للمواطنين، ومنهم المتقاعدون كفئة قدمت الكثير للجزائر خلال سنوات الخدمة.
وترجم هذا التوجه أيضاً، العناية الخاصة التي يوليها رئيس الجمهورية، لتجسيد الطابع الاجتماعي للدولة على أرض الواقع، حيث أكد في مناسبات عدة أنّ حماية القدرة الشرائية والحفاظ على مناصب الشغل والرعاية الاجتماعية ستبقى من "بين الأولويات التي نوليها اهتماماً خاصاً، ونعمل على رصد ما أمكن من موارد مالية لها، لا سيما لصالح الطبقة المتوسطة وذوي الدخل المحدود والفئات الهشة".
وحرص رئيس الجمهورية على إبراز عزم الدولة للاستمرار في الإصغاء للانشغالات الأساسية في عالم الشغل، بحثاً عن أنجع المقاربات لتعزيز المكاسب التي تحققت في أقل من سنتين ووفاء لالتزاماته بالسهر على حماية حقوق العمال والحفاظ على مكتسباتهم المهنية والاجتماعية.
وفي السياق ذاته، شدّد رئيس الجمهورية، أيضا على ضرورة مواءمة شبكة الأجور مع القدرة الشرائية أولا، ثم مع الدعم المستمر للفئة الضعيفة اجتماعيا، وذلك بمراعاة قيمة العمل ودفع عجلة الإنتاج كمرجعين أساسيين لرفع الرواتب، حيث أمر الحكومة خلال اجتماع لمجلس الوزراء شهر فيفري الماضي، برفع الحد الأدنى لمنح التقاعد إلى 15000 دج لمن كان يتقاضى أقل من 10000 دج وإلى 20000 دج لمن كان يتقاضى 15000 دج لينسجم مع الحد الأدنى للأجور الذي عرف بدوره زيادة من 18000 إلى 20000 ألف دج منذ العام 2021.
وأمر رئيس الجمهورية، كذلك برفع منحة البطالة من 13 ألف إلى 15 ألف دج صافية من كل الرسوم، بالإضافة إلى تكفل الدولة بأعباء التغطية الصحية للبطالين خلال فترة استفادتهم من المنحة.
وفي إجراء آخر يعزز هذا المكسب، أقر رئيس الجمهورية زيادة في الرواتب على مدار سنتي 2023 و2024 ليتراوح مستوى الزيادة ما بين 4500 دج إلى 8500 دج بحسب الرتب، وهو ما يجعل الزيادات المقرّرة خلال سنوات 2022، 2023، و2024، تصل إلى نسبة 47 بالمائة.
تعزيز وتكييف وتجدّد
شكّلت مراجعة قانون الممارسة النقابية في الجزائر، خطوة هامة ولبنةً إضافية على درب تعزيز وتكييف وتجديد العمل النقابي في الجزائر وتقوية مكانتها في المحافل الدولية، كما مثّل التعديل تجسيداً للالتزامين السابع والثامن من التعهدات الانتخابية لرئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، والمتعلقين بتعزيز الديمقراطية التشاركية وبناء مجتمع مدني حرّ ونشيط وقادر، وحمايةً لحقوق العمال دفعاً لعجلة التنمية الوطنية.
وأتى مشروع النص المعدّل والمتمّم للقانون رقم 90 – 14 المؤرّخ في الثاني جوان 1990 المتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي، ليؤكد مرة أخرى، الإرادة القوية للسلطات العمومية للرقيّ بصرح المنظومة التشريعية للعمل النقابي، ودعم الترسانة القانونية الهامة التي تزخر بها بلادنا في مجال الحقوق والحريات والتي كرّسها التعديل الدستوري الأخير سنة 2020، ولاسيما أحكام المادة 69 منه.
ورمت التعديلات المدرجة على القانون المتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي، إلى "تعزيز الحقوق المكتسبة للعمال"، بتكييف أحكام هذا النص مع الاتفاقية الدولية للعمل رقم 87، والمتعلقة بالحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي، كما يأتي هذا النص، ليسمح للنقابات العمالية بـ "تشكيل فيدراليات واتحادات وكونفدراليات، بغض النظر عن المهنة والفرع وقطاع النشاط التي تنتمي إليه".
ويوفّر النص ضمانات قانونية تخوّل لـ "العمال الأجراء ولأرباب العمل تأسـيس منظمات نقابية بكـل حريـة دون تمييز للدفاع عـن مصالح أعضائها المادية والمعنوية"، وعلاوة على ذلك، تكفل هذه التعديلات "حماية المندوب النقابي ضد أي قرار تسريح تعسفي يرتبط بممارسة الحق النقابي"، من خلال آليات إضافية تمكّن من إعادة إدماجه القانوني في حالة رفض المستخدم ذلك".
وركّزت التعديلات الخاصة بأحكام المادة 56، أساساً على "توفير حماية خاصة للمندوبين النقابيين أثناء ممارسة عهدتهم وحمايتهم من أي إجراء تعسفي عند ممارسة وظائفهم التمثيلية، وذلك طبقاً لقانون الإجراءات المدنية والإدارية في مجال الدعوى القضائية"، كما شدّد النص "العقوبات ضدّ المخالفين"، عبر تعديل أحكام المواد 59، 60 و61، لتصبح أكثر ردعاً في حالة "عرقلة حرية ممارسة الحق النقابي أو المساس بحماية المندوبين النقابيين".
من جهة أخرى، شدّدت الحكومة على أنّ النص يصبو إلى "منح الحريات النقابية إطاراً قانونياً متقدماً وملائماً لمهام المنظمات النقابية انسجاماً مع المعايير الدولية للعمل".
وأكد وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، يوسف شرفة، مؤخراً، أنّ مشروع مراجعة قانون الممارسة النقابية أتى "نتاج استشارة واسعة وتظافر جهود جميع ممثلي القطاعات الوزارية والمنظمات النقابية للعمال وأرباب العمل الأكثر تمثيلاً على الصعيد الوطني إلى جانب خبراء مكتب العمل الدولي".
وذكر ممثل الحكومة أنّ تعديل وتتميم بعض أحكام القانون رقم 90-14 المتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي، جاء "تكييفاً لتشريعنا الوطني مع التشريع الدولي وموائمة لالتزامات الجزائر بالتكفل بالقرارات الصادرة عن لجنة تطبيق المعايير الدولية للعمل خلال الدورة 108 لمؤتمر العمل الدولي المنعقدة في جوان 2019''.
التجاوب مع المتغيرات
تعدّ الحرية النقابية مكرّسة في أحكام المادة 69 من الدستور ومقنّنة بموجب أحكام القانون محل التعديل والتتميم، والمستند إلى اتفاقيات منظمة العمل الدولية التي صادقت عليها الجزائر، لاسيما الاتفاقية رقم 87 حول الحرية النقابية وحماية الحق النقابي لسنة 1948.
غير أنه، وبالنظر للزيادة المسجلة في أعداد المنظمات النقابية مقارنة بالتغييرات العميقة الاجتماعية والاقتصادية، بقيت وتيرة التجاوب مع هذه المتغيرات بطيئة، مما جعل العمل النقابي يفتقد للديناميكية"، وهو ما دفع إلى إدراج قواعد جديدة لتطوير العمل النقابي، تبعاً لأنّ النقابات تعتبر إحدى التشكيلات أو التنظيمات الاجتماعية التي تكتسي الأهمية والتأثير في عالم الشغل، وإحدى المؤشرات التي تعكس مستوى التنمية في البلاد.
وحدّد مشروع النص الخاص بقانون الممارسة النقابية، شروط تأسيس الفدراليات والاتحادات والكونفدرالية، حيث اشترط لتأسيس الفدرالية أن تتكون من ثلاث منظمات نقابية مسجلة على الأقل للعمال الأجراء أو للمستخدمين المؤسسة قانونا ومن فدراليتين على الأقل أو خمسة منظمات نقابية مسجلة على الأقل لتأسيس اتحاد أو كونفدرالية نقابية للعمال الأجراء أو المستخدمين.
وسمح هذا التعديل لـ "المنظمات النقابية القاعدية من الانضواء في تجمعات نقابية"، وهو ما يتيح "ضمان الحقوق الأساسية في العمل للجميع فضلاً عن تطوير أطر الحوار الاجتماعي، وبناء قدرات الشركاء الاجتماعيين".
وحرص رئيس الجمهورية، على توجيه الحكومة لإثراء محتوى مشروع قانون الممارسة النقابية، من خلال التشاور والنقاش مع المهنيين، وأكّد الرئيس مرارً على ضرورة "مراعاة مشروع القانون للتمثيل الحقيقي للنقابات والالتزام بترقية الجانب الاجتماعي والمهني للعمال بعيدا عن النزعات السياسوية التي أفرغت العمل النقابي من روحه الحقيقية"، كما وجّه رئيس الجمهورية الحكومة لتحضير قوانين أساسية قطاعية "تجنباً للتعقيدات التي تسير بها القطاعات ضمن منظومة قانون الوظيف العمومي".
منح ومعاشات المتقاعدين... تحسّن نوعي على 4 مستويات
شهدت منح ومعاشات المتقاعدين، هذا العام، تحسّناً نوعياً على أربعة مستويات، إثر إسداء رئيس الجمهورية، تعليمات برفعها، ويتعلق الأمر بزيادة 10 بالمائة في المنح التي تقلّ أو تساوي 15 ألف دينار، وزيادة بـ 5 بالمائة بالنسبة للمنح التي تتراوح قيمتها بين 15 إلى 20 ألف دينار، إضافة إلى زيادة بـ 3 بالمائة بالنسبة للمنح التي تتراوح ما بين 20 و43 ألف دينار، وزيادة بـ 2 بالمائة للمنح التي تربو قيمتها عن 43 ألف دينار.
وأقرّ الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لغير الأجراء زيادات في منح المتقاعدين غير الأجراء ومنحة العجز للمنتسبين إلى الصندوق.
ودعا الصندوق منتسبيه الذين بلغوا سن التقاعد، إلى تقديم طلب المعاش عن بعد من أجل الاستفادة من الخدمة الالكترونية الجديدة E-RETRAITE المتمثلة في طلب التقاعد الالكتروني عبر فضاء "ضمانكم"، حيث تسمح هذه الخدمة للمنتسبين تقديم طلب المعاش ومتابعة معالجة ملفاتهم عن بعد دون عناء التنقل إلى هياكل الصندوق، مشيراً إلى أنّ الخدمة الجديدة متوفرة 7 أيام في الأسبوع و24 ساعة في اليوم.
وتعدّ الزيادات الأخيرة، الثانية من نوعها، بعد تلك التي جرى إقرارها في الفاتح ماي 2019، وسمحت آنذاك بتثمين معاشات ومنح المتقاعدين بنسبة تتراوح بين 1.5 إلى 6 بالمائة.
وأتى ما تقدّم، في إطار حرص رئيس الجمهورية على رفع وتحسين القدرة الشرائية للمتقاعدين، علماً أنّ الزيادات التي أقرّتها الحكومة بعد دراستها من قبل مجلس إدارة الصندوق الوطني للتقاعد، "تتم حسب معدل متغير يأخذ بعين الاعتبار المبلغ الإجمالي لمعاشات ومنح المتقاعدين مع مراعاة المعاشات والمنح الضعيفة".
وفي اجتماعه يوم الثلاثين أفريل 2023، وافق مجلس الوزراء، على إعادة تثمين منح ومعاشات التقاعد، سنويا، ابتداء من الفاتح ماي، وذلك في إطار التحسين المتواصل للمستوى المعيشي للمواطنين.
وسيتم ذلك على النحو الآتي: "5 بالمائة بالنسبة للفئة ذات المنحة أو المعاش الذي يقل أو يساوي 20 ألف دينار جزائري" و "4 بالمائة بالنسبة للفئة التي يفوق معاشها أو منحتها 20 ألف دينار جزائري، ويقل أو يساوي 50 ألف دينار جزائري" و "3 بالمائة بالنسبة للفئة التي يفوق معاشها أو منحتها 50 ألف دينار جزائري".
نظام الأجور والمنح ... زيادة معتبرة للعمال واهتمام بالبطّالين
شهد نظام الأجور والمنح هذا العام، تسجيل زيادة معتبرة لرواتب العمال، تزامناً مع خفض الضريبة على الدخل الإجمالي، ومراجعة النقطة الاستدلالية، تنفيذاً لتعليمات رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، الرامية إلى تحسين القدرة الشرائية للمواطنين، في وقت أقرّ الرئيس تبون قبل سنة ونيف، استحداث منحة للبطّالين، مع التزام برفع أجور العمال ومنح البطّالين اعتبارًا من جانفي 2023.
واللافت أنّ الزيادات التي شملت رواتب العمال منذ بدء تطبيقها بموجب اجراءات قانون المالية 2022، امتدّت إلى العلاوات والتعويضات الشهرية وغير الشهرية ولم تقتصر فقط على الراتب الرئيسي، على نحو أتاح ارتفاعاً للأجور يتطور بحسب مستوى الدخل، ووفقاً لسلّم تدريجي يتمّ حسابه على ستة مستويات.
في هذا السياق، أوضحت مديرة أنظمة الرواتب بالمديرية العامة للميزانية، التابعة لوزارة المالية، نصيرة موساوي، أنّ رفع النقطة الاستدلالية مسّ شقين: يتعلق الأول بالزيادة في الشبكة الاستدلالية للمرتبات والتي تخص زيادة عمودية في الرقم الاستدلالي الأدنى لكل صنف، وزيادة أفقية تخصّ في الزيادة الاستدلالية للدرجات".
أما الشق الثاني، فخصّ "الزيادة في العلاوات والتعويضات الشهرية وغير الشهرية، على أساس أنّ احتساب هذه العلاوات والتعويضات يتمّ على أساس الراتب الرئيسي، بنسبة مئوية تختلف من قطاع لآخر (التربية، الصحة...)، لكنها لا تقل عن 65 بالمائة، وعليه، فإنّ الزيادة ستمس كل المنح".
ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية على لسان موساوي، تأكيدها: "عند إضافة 50 نقطة في الرقم الاستدلالي للراتب الرئيسي، والزيادة في الدرجات التي تبلغ حتى 30 نقطة، فإنّ الزيادة ستكون بمجموع 80 نقطة مضروبة في قيمة النقطة الاستدلالية (45 ديناراً)، فإذا كانت الزيادة بـ 3 آلاف دج في الراتب الرئيسي مثلاً، فسُيضاف لها مجموع زيادة بـ 65 بالمائة في الأجر، والتي تمثّل قيمة العلاوات والتعويضات المحسوبة بنسبة مئوية من الراتب الرئيسي.
وبخصوص الأسس التي أخذت بعين الاعتبار عند مراجعة سلم النقطة الاستدلالية، قالت المسؤولة ذاتها، إنّ نظام الرواتب في الوظيف العمومي مبني على مستوى الأساس التأهيلي لكل صنف، حيث أنّ التدرج في الصنف تترتب عنه الزيادة في الراتب الرئيسي، ولهذا أضافت وزارة المالية "50 نقطة لكل صنف للحفاظ على هذه الفوارق التي يصنعها النظام التعويضي، لكن تبقى الزيادات، بصفة عامة، موجهة لذوي الدخل المنخفض لرفع القدرة الشرائية".
ارتفاع سنوي لرواتب 2.7 مليون موظف ومتعاقد
مسّ رفع النقطة الاستدلالية في قطاع الوظيف العمومي أكثر من 2.7 مليون موظف وعون متعاقد، منهم 2.4 مليون مأخوذين على عاتق ميزانية الدولة، وحوالي 360 ألفاً على عاتق ميزانية الجماعات المحلية (خزينة الولايات والبلديات)، لكن الفارق ستتحمّله الخزينة العمومية.
أما بالنسبة للأثر المالي لهذه الزيادات، فيقدّر بحوالي 220 مليار دج سنوياً، ويُنفّذ بأثر رجعي يمتدّ إلى الفاتح مارس 2022، وفي احتساب الزيادة، تمّ كذلك إدراج الزيادات التي طالت الأجور مؤخراً إثر تطبيق السلم الجديد للضريبة على الدخل الإجمالي ابتداءً من جانفي 2022.
وعليه، فإنّ الزيادة في الأجر، بفضل العاملين الجديدين (رفع النقطة الاستدلالية وخفض الضريبة على الدخل) "تبلغ في المتوسط 5.600 إلى 6.000 دج، وتصل إلى 10.000 دج في بعض الحالات"، وبشأن من تقلّ مداخيلهم عن 30 ألف دج، والذين استفادوا من إلغاء كلي للضريبة على الدخل الإجمالي، فإنّ من ينتمون إلى هذه الشريحة، والذين يمثلون الصنف1 في شبكة الأجور، يستفيدون من زيادات بـ 4.300 دج بفضل رفع النقطة الاستدلالية ابتداءً من الفاتح مارس، بعد أن استفادوا من الغاء نهائي للضريبة على الدخل الإجمالي في السابق، مما يعني زيادة اجمالية قدرها 6.100 دج في أجورهم بفضل مراجعة السلمين.
وبحسب مراجع رسمية، فإنّ خفض الضريبة على الدخل الإجمالي، يكلّف الخزينة العمومية 180 مليار دج سنوياً، فيما يكلّف الرفع من النقطة الاستدلالية 220 مليار دج، لتقدّر الزيادة السنوية في الأجور بـ 400 مليار دج في 2022.
وأشارت ممثلة وزارة المالية، نصيرة موساوي، إلى أنّ الغلاف المالي المخصص لمنحة البطالة يبلغ 145 مليار دج سنوياً، منوّهةً إلى أنّ هذا الرقم مبدئي وقابل للارتفاع بحسب عدد طالبي هذه المنحة.
وبخصوص رفع القدرة الشرائية وتحسينها، أشارت موساوي إلى أنّه زيادة على رفع الأجور، هناك عوامل أخرى منها استحداث منحة البطالة حيث "سيستفيد الموظف في العائلة من الرفع في النقطة الاستدلالية أي في الأجر، فيما يستفيد البطال في العائلة نفسها من منحة البطالة، وهو ما يعتبر رفعاً للقدرة الشرائية للعائلة نفسها".
تكريس الدعم الاجتماعي واستيعاب أصحاب عقود ما قبل التشغيل
كرّست الجزائر في الثلاث سنوات الأخيرة، سياسة الدعم الاجتماعي ودعم أسعار المواد الأولية، بالإضافة إلى تحملّ الخزينة العمومية أثر ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية في السوق الدولية وليس المستهلك، وهو ما ساهم في الحفاظ على استقرار الأسعار.
ويبرز خبراء الشأن الاقتصادي، أنّ كل هذه العوامل حافظت كذلك على القدرة الشرائية، ولا يجب النظر فقط في الزيادة في الرواتب فحسب، بل عبر عدة معايير مرتبطة رأساً بالتحويلات الاجتماعية في إطار سياسة الدعم التي بلغت 1942 مليار دج.
وفي سنة 2022، أعلن رئيس الجمهورية، عن زيادات في أجور العمال وفي منحة البطالة التي شُرع في تطبيقها مطلع عام 2023، كما جدّد رئيس الجمهورية مراراً حرصه على توجيه الحكومة للحفاظ على مناصب الشغل، بالرغم من إكراهات الأوضاع الناجمة عن الحالة الوبائية التي خلفتها جائحة كورونا، مشيرًا إلى أنه بغرض تسوية وضعية أصحاب عقود ما قبل التشغيل، تتجّه السلطة تدريجيًا لاستيعاب أعداد منهم في مناصب شغل، بوضع آليات لدعم المؤسسات الاقتصادية المدعوة لامتصاص اليد العاملة وتقليص نسبة البطالة عبر مقاربات تتلاءم واقتصاد المعرفة لاسيَّما عبر المؤسسات الناشئة الصغيرة والمتوسطة.
وأشاد رئيس الجمهورية بجهود المؤسسات لحماية مناصب الشغل والأجور وباقتحام الشباب لعالم المقاولاتية وخلقهم فرصا للاستثمار والثروة، الأَمر الذي يستوجب المزيد من التشجيع والتحفيز على الانخراط في نمط اقتصادي جَذَّاب يمتص أعباء البطالة، التي قال إنّه يسعى بكل الوسائل والإمكانيات المتاحة للتخفيف منها بالموازاة مع تعزيز مكانة العمل خاصة الطبقة المتوسطة والهشة بالمحافظة على القدرة الشرائية لديها، وضمان ديمومة الحماية والتغطية الاجتماعية لكافَّة فئاتِ العمّال والمتقاعدين.
وأكّد رئيس الجمهورية أنّ الإرادة السياسية ازدادت صلابة من أجل تسريعِ الانعاشِ الاقتصادي في سياق حوارٍ واسعٍ مع الشركاء الاجتماعيين والمتعاملين الاقتصاديين، وفاءً لما قطعه منذ أكثر من سنتين بالإعداد لدخول الجزائر في حَركيّـةٍ اقتصادية مُتحرِّرةٍ من قيود البيروقراطية، ومن مُمَارسات الانتهازيين المُفسدين، وأقرّ أنّ الأوضاع الطارئة بِفعل وباء كورونا، حالَتْ دون تحقيـقِ بعضِ أهدافه، في الآجال المرسومة سابقًا.
وحيا رئيس الجمهورية، العمال الجزائريين رجالاً ونساءً، على عميق انخراطهم في جهود التنمية الاقتصادية، وسط تطلع الحكومة لرفع المستوى المعيشي وتحسين القدرة الشرائية للعمال في مواجهة التحديات الاقتصادية التي تواجه الجزائر والعالم ككل.
رابـح هوادف – ملتيميديا الإذاعة الجزائرية