صادق أعضاء مجلس الأمة اليوم الاثنين، على نص القانون المحدد لشروط وكيفيات منح العقار الاقتصادي التابع للأملاك الخاصة للدولة والموجهة لإنجاز مشاريع استثمارية، مع التحفظ على أحد التعديلات التي أقرها المجلس الشعبي الوطني.
وجرت المصادقة خلال جلسة علنية، ترأسها صالح قوجيل، رئيس المجلس، بحضور وزير المالية، لعزيز فايد ووزيرة العلاقات مع البرلمان، بسمة عزوار وعدد من أعضاء الحكومة.
وقبيل عرض نص القانون على التصويت، تلا مقرر لجنة الشؤون الاقتصادية والمالية لمجلس الأمة، مولود مبارك فلوتي، التقرير التكميلي الذي أعدته اللجنة حول هذا النص والذي حظي بتثمين أعضائها، حيث "يعد لبنة أخرى في المقاربة الجديدة للحوكمة الاقتصادية لتحسين مناخ الاستثمار وجعله أكثر جاذبية ونجاعة".
وأضافت اللجنة في تقريرها التكميلي أن النص يمثل "أداة قانونية هامة وأساسية للقضاء على البيروقراطية وإضفاء شفافية أكثر أثناء معالجة ملفات الاستثمار وتبسيط إجراءات منح العقار الاقتصادي التابع للأملاك الخاصة للدولة الموجه لإنجاز مشاريع اقتصادية، بصفة عقلانية ووفق مقاربة اقتصادية محضة وعن طريق شباك وحيد، وتحقيق مرافقة حقيقية للمستثمرين، برفع العراقيل عنهم والسماح لهم بإنجاز مشاريعهم في الاجال المقررة".
وفي هذا السياق، رفعت اللجنة عددا من التوصيات، من بينها مواصلة الجهود من أجل تكوين المورد البشري القائم على تسيير شؤون أملاك الدولة وتوفير الوسائل المطلوبة لتمكينهم من أداء عملهم، وتسريع وتيرة إصدار النصوص التطبيقية لنص هذا القانون مع تدقيق بعض المصطلحات، مع ضرورة تحديد مدة معينة لطلب تحويل حق الامتياز إلى تنازل بعد تجسيد المشروع.
كما أوصت اللجنة بضمان حقوق المستثمرين ومرافقتهم وتمكينهم من حقهم في ممارسة الطعون، والعمل على تسهيل عملية معالجة وتصفية ملفات الاستثمار العالقة والتي سيتم إنجازها أو تم تجسيدها بنسبة معينة وبضرورة إعداد قاعدة بيانات تحصي العقارات الاقتصادية في كامل التراب الوطني.
غير أن اللجنة أبدت تحفظها على تعديل صودق عليه في المجلس الشعبي والوطني، والمتعلق بحذف المطة 8 والأخيرة من المادة 2 الواردة في مشروع الحكومة، والتي تنص على أن "الأراضي الأخرى المهيأة التابعة للأملاك الخاصة للدولة" تندرج ضمن الحافظة العقارية للدولة الموجهة للاستثمار، والتي من المفروض أن يسري عليها تطبيق أحكام هذا النص.
وأرجعت اللجنة قرارها بخصوص هذا التعديل إلى "التبعات السلبية التي ستترتب عن استبعاد هذا النوع من الأراضي من مجال تطبيق هذا النص، كما أن حذفها يخل بانسجام النص بكامله، ولا سيما المادتين 8 و23 منه، وذلك لارتباط هذه المواد ببعضها البعض، لاسيما فيما يخص حق الشفعة على هذه الأراضي".
واشارت اللجنة إلى أن "إدراج هذا الصنف من الأراضي الأخرى المهيأة التابعة للأملاك الخاصة للدولة ضمن الحافظة العقارية الموجهة لاحتضان المشاريع الاستثمارية، بحكم الملاءمة والجاهزية وتموقعها في الغالب داخل المحيطات العمرانية، يشكل مادة خام لإطلاق أولى عمليات المنح وتدارك التأخر، وتعد بالتالي مادة خام للإقلاع الاقتصادي بما يكفل تعزيز التكفل بالخدمة العمومية، تحسينها وتثمين منحها من خلال عائدات مالية ذات أثر مالي مرجو".
ثم إن هذه "الجيوب العقارية الخاضعة لتوجيهات أدوات التعمير محمية بقانونية توجيهها، وهي بذلك محصنة من أي استنزاف أو عبث أو تعد"، يضيف التقرير.
وعلى هذا اساس، تحفظ أعضاء المجلس على هذا التعديل حيث صوت على هذه المادة عضو واحد ب"نعم" و129 صوتا ب"لا" مع امتناع صوت واحد من مجموع 131 عضو حاضر.
وسيتم التكفل بمسألة هذه المادة محل التحفظ وعدم المصادقة عليها من قبل أعضاء مجلس الأمة طبقا لمقتضيات أحكام المادة 145 (الفقرة 5) من الدستور والتي تنص "في حالة حدوث خلاف بين الغرفتين يطلب الوزير الأول أو رئيس الحكومة، حسب الحالة، اجتماع لجنة متساوية الأعضاء تتكون من أعضاء من كلتا الغرفتين، في أجل أقصاه 15 يوما، لاقتراح نص يتعلق بالأحكام محل الخلاف، وتنهي اللجنة نقاشاتها في أجل أقصاه 15 يوما".
وبهذا الخصوص، أكد قوجيل بأنها المرة الثانية التي يلجأ فيها مجلس الأمة إلى التحفظ وعدم المصادقة على عدد من المواد المعروضة، بعد تلك المتعلقة بالمادة 22 من القانون العضوي للإعلام، وبالتالي إحالة أحكام هذه المواد محل خلاف بين غرفتي البرلمان على اللجنة المتساوية الأعضاء بين مجلس الأمة والمجلس الشعبي الوطني، قصد إيجاد صيغة توافقية لهذه المواد، وهو ما "يؤكد جودة الممارسة الديمقراطية التي بات عليها البرلمان بغرفتيه، ويعزز بدوره دولة القانون ويضمن حصافة نصوص القوانين التي يسنها البرلمان".
وفي كلمة له في نهاية العملية، توجه وزير المالية، بتشكراته إلى أعضاء مجلس الأمة على "حسن تعاونهم خلال مسار أشغال دراسة ومناقشة نص هذا القانون وتحفظهم ورفضهم المصادقة على المادة 2 من النص"، منوها ب"روح المسؤولية والمستوى العالي لتدخلاتهم والاقتراحات والملاحظات والتوصيات التي تقدموا بها".
وأضاف أنه من خلال التصويت على نص القانون، فإن اعضاء مجلس الامة ساهموا في "استكمال وضع لبنة اخرى في المنظومة القانونية التي تؤطر الاستثمار بغية تحسين مناخ الاعمال".
وفي تصريح للصحافة، على هامش جلسة التصويت، أكد الوزير ردا على سؤال حول المحاور الكبرى لمشروع قانون المالية لسنة 2024، أن الحكومة ستواصل مساعيها لتحسين القدرة الشرائية، إضافة إلى ترشيد المالية العامة ودعم الاستثمار.