بعد 5 أسابيع من العدوان الصهيوني المتواصل على الأراضي الفلسطينية المحتلة, مستهدفا وبشكل مكثف كل ما هو مدني, بلغ وضع المنظومة الصحية في قطاع غزة نقطة "اللاعودة", حيث باتت المرافق الطبية عاجزة عن رعاية المصابين والمرضى.
واستهدفت قوات الاحتلال وبشكل خاص مساء أمس الجمعة مجمع الشفاء الطبي الذي يعد أكبر منشأة صحية في القطاع, كما قصف قسم الجراحة في المستشفى, في حين توقف قسما العناية المركزة والأطفال عن العمل و اندلع حريق في قسم الكلى جراء القصف.
ووصف مدير مجمع الشفاء الطبي, محمد أبو سلمية, الوضع الراهن بالمأساوي, قائلا إنه "كان يوم حرب على المستشفيات في غزة".
من جهتها, قالت منظمة "أطباء بلا حدود", اليوم السبت, إن الهجمات تكثفت على مستشفى الشفاء في غزة بشكل كبير خلال الساعات القليلة الماضية, مؤكدة وصول المستشفى الى حالة "كارثية", كما دعت وبشكل عاجل لوقف الهجمات على المستشفيات وحماية المرافق الطبية والطواقم الطبية والمرضى.
ونقلت المنظمة عن الدكتور محمد أبو مغيصب, المسؤول بالمستشفى قوله: "منذ صباح اليوم, توقف العديد من الطواقم الطبية التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود عن العمل في المستشفيات المدعومة في مدينة غزة بسبب القصف المستمر".
من جانبه, قال الهلال الأحمر الفلسطيني إن مستشفيات القطاع تعاني وضعا كارثيا, إذ لا يوجد ماء أو طعام يقدم للمرضى والنازحين. كما أعلن في السياق أن مستشفى القدس في قطاع غزة قد يتوقف عن العمل "خلال ساعات" بسبب نفاد مخزون الوقود,ما سيحرم 500 مريض وجريح من الرعاية الطبية, بالإضافة الى ان الدبابات والآليات العسكرية الصهيونية تحاصره من جميع الجهات وتقوم بقصفه مدفعيا, مناشدا المجتمع الدولي التدخل الفوري والعاجل لحماية المستشفى ومن بداخله.
وفي ذات السياق, قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية, تيدروس أدهانوم غيبريسوس, لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ,أن نصف مستشفيات غزة البالغ عددها 36 وثلثي مراكز الرعاية الصحية الأولية لا تعمل, و أن التي لا تزال عاملة تستوعب ما يفوق طاقتها بكثير, واصفا نظام الرعاية الصحية بأنه على شفا الانهيار.
كما اكد رئيس البعثة الفرعية للجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة, ويليام شومبرغ, إن "الدمار الذي لحق بالمستشفيات في غزة أصبح لا يطاق ويجب أن يتوقف, و ان حياة الآلاف من الناس معرضة للخطر".
من جهته, قال الأمين العام للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر, جاغان تشاباغين, إن الوضع حول مستشفى القدس في غزة "مأساوي", حيث انخفض الوقود المستخدم للطاقة الكهربائية وتعرض أيضا للهجمات.
و أشار إلى أنه كان لا بد من إغلاق غرفة العمليات في المستشفى, داعيا جميع الأطراف إلى ضمان الوصول الآمن ودون عوائق للإمدادات الصحية والمساعدات الإنسانية إلى جميع أنحاء غزة.
حياة مليون طفل في غزة معلقة بخيط رفيع تمادى جيش الاحتلال الصهيوني في عدوانه على قطاع غزة في تركيزه العمدي للمنظومة الصحية تحديدا, في خرق كلي لأعراف القانون الدولي الانساني.
فأرقام الشهداء من الفلسطينيين وكذا الخسائر المادية صادمة, حيث بلغت نسبة الأطفال الذين استشهدوا بسبب القصف الصهيوني الوحشي تقريبا 50 بالمئة من الشهداء (أكثر من 4500 طفل).
وفي هذا الاطار, قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية إن "طفلا يقتل في المتوسط كل 10 دقائق في قطاع غزة", محذرا من أنه لا يوجد مكان آمن ولا يوجد أحد آمن في غزة.
أما منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف), فقد حذرت من أن حياة مليون طفل في غزة باتت معلقة بخيط رفيع مع انهيار الخدمات الصحية للأطفال تقريبا في أنحاء القطاع كافة.
ولا تتوقف كارثة أطفال غزة على من استشهد منهم, فهناك آلاف آخرون بقوا على قيد الحياة, لكنهم أصبحوا جرحى لا يجدون العلاج, وبعضهم اضطر للخضوع لعمليات جراحية من دون مخدر.
وقالت المديرة الإقليمية لليونيسيف في الشرق الأوسط وشمال افريقيا, أديل خضر, إن الأطفال في غزة "يتعرضون للحرمان من حقهم في الحياة والصحة", مضيفة ان "حماية المستشفيات و إيصال الإمدادات الطبية المنقذة للحياة واجبان بحسب قوانين الحرب, وكلاهما مطلوبان الآن".
ودعت المنظمة إلى وقف هجمات جيش الاحتلال على مرافق الرعاية الصحية فورا, وحثت على توصيل الوقود والإمدادات الطبية بشكل عاجل إلى المستشفيات في جميع أنحاء غزة.
يأتي ذلك بينما انعقدت اليوم السبت بالعاصمة السعودية الرياض, أعمال القمة العربية الإسلامية الاستثنائية المخصصة لبحث العدوان الصهيوني على قطاع غزة.