اعتبر الخبير في القضايا الجيوسياسية والأمنية البروفيسور إدريس عطية التحولات التي يعيشها العالم فرصة سانحة للقارة الإفريقية للمشاركة في انشاء النظام العالمي الجديد لتشكل تحولا عميقا يضعها في مكانها الدولي الذي تستحقه وذلك بمعية قوى قارية وازنة لها مركزها الإقليمي والدولي على غرار الجزائر التي تبنت مقاربة واقعية ذات ابعاد سياسية أمنية واقتصادية شاملة.
لدى استضافته هذا الاثنين ضمن برنامج "ضيف الصباح " للقناة الإذاعية الأولى أكد إدريس عطية على أن القارة الافريقية تقف في مفترق طرق قد يجعلها توظف سلبيا لخدمة مصالح القوى الصاعدة وبالمقابل بإمكانها انتهاز الفرصة لتتوحد بمعية دول مركزية وتعالج مشاكلها داخليا بعيدا عن الأطراف الخارجية التي تعمل جاهدة على استنزاف مقدراتها وإرهاقها من خلال افتعال الأزمات الداخلية .
وشدد المتحدث ذاته على أهمية هذا التحول الذي سيجعل من القارة الافريقية واجهة العالم الجديد ويؤكد دائما على أن المصالح الافريقية هي الأولوية من خلال وضع الأدوات التي يمكن من خلالها تنفيذ الأجندة الافريقية "أجندة الاتحاد الافريقي 2063".
من جهة أخرى أكد البروفيسور عطية على أن القارة الافريقية بحاجة الى قيادة إقليمية وسياسية محنكة ترافع من أجل السلم والأمن وفي هذا السياق نوه المتحدث ذاته بأهمية الندوة العاشرة رفيعة المستوى حول السلم والأمن في افريقيا التي تعقد بمدينة وهران واعتبرها نواة جديدة لمنتدى افريقي للسلم والأمن يكون أداة موازية ويجسد الدبلوماسية المتقدمة التي يمكن ان تمارسها الجزائر ومن خلالها المجموعة الافريقية .
الجزائر .. صوت الحكمة داخل القارة الافريقية
وفي ذات السياق تطرق ضيف الصباح الى الكلمة التي ألقاها وزير الخارجية السيد أحمد عطاف حيث ركز على ثلاث مصطلحات "الجزائر هي صوت الحكمة داخل القارة الافريقية وهي صوت الالتزام والمسؤولية وهذه المفاهيم الثلاث تشكل الإطار المرجعي للممارسة الدبلوماسية على الصعيدين القاري والأممي".
وبحديثه عن عضوية الجزائر غير الدائمة في مجلس الأمن قال البروفيسور إدريس عطية "إن الجزائر حظيت بثقة 186 دولة تعول عليها وعلى دورها الإيجابي المتوقع في مجلس الأمن كما أن الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة يصف الدبلوماسية الجزائرية بالدبلوماسية العالمية المتعددة الأطراف وهو يدري أن الجزائر فاعل إقليمي إيجابي وقطب عقلاني بإمكانه أن يكون مركزا لصناعة السلام وبناء الأمن في كل المدارات الجيو استراتيجية التي تنتمي اليها الجزائر التي لا تتوانى عن الاهتمام بالقضايا الافريقية والتسويق للعديد من المشاريع الإفريقية".
وبتطرقه الى المشاكل الداخلية التي تعاني منها دول الساحل قال عطية إن أغلب هذه المشاكل مرتبطة بالمتغيرات الخارجية لأن هناك أطرافا خارجية لم تستصغ أن يوجد اليوم في افريقيا كيانات سياسية مستقلة تتمتع بمساحة واسعة من الحرية لتقرير مصير شعوبها وترفض التدخل الأجنبي على غرار عملية "برخان" وانعكاساتها على المنطقة والكثير من الأجندات الأخرى التي تبحث على موطئ قدم في منطقة الساحل بما فيها الكيان الصهيوني الذي يسعى لأن يكون فاعلا هناك وبالتالي يحاول تطويق الجزائر في عمقها الافريقي.
الجزائر مستهدفة في عمقها الإفريقي
وفي السياق ذاته أبرز إدريس عطية وجود مجموعة من الدول ترفض قوة الجزائر وقيادتها للمنطقة وأرادت محاصرتها من خلال العديد من التحديات الأمنية على مستوى الساحل الافريقي وصناعة الإرهاب في هذه المنطقة الذي يراد به -حسبه -ارهاق الجزائر واستنزاف قدراتها لكن هذه الاجندة لم ولن تفلح بفضل مقاربة الجزائر السليمة في مكافحة الإرهاب .
وهو ما جعل هذه الدول تذهب إلى مستوى ثالث أكثر خطورة من خلال تفكيك الدول على غرار ما حدث في ليبيا ومالي والنيجر وهذا كله لجعل المناطق المجاورة للجزائر مناطق منهارة يغيب فيها الوعي السياسي والأمني وبالتالي تصبح مناطق تعيش حالة من الفراغ السياسي والمؤسساتي والأمني .
وأمام كل هذا يضيف المتحدث "تبنت الجزائر مقاربة واقعية وتعاملت بجدية كبيرة جدا مع هذه التحديات الأمنية والكل يدرك أن الجزائر الجديدة تنخرط بشكل سليم وسريع في بناء الامن وهندسته ولا يمكن لها السماح بالمساس بأمنها وأن أمن الجزائر لا يتوقف عند حدودها الجغرافية بل يصل صداه الى عواصم دول الجوار".