يطرح كتاب "ماذا بعد؟ قياس الأثر الاجتماعي وإدارته" لمؤلفته "خلود هندية"، عدداً من المحاور والمفاهيم حول موضوع التنمية المستدامة وقياس الأثر الاجتماعي وإدارته، مع تفصيل الخطوات العملية لقياس الأثر، عبر رحلة عمل مليئة بالتحديات.
الكتاب الصادر حديثًا عن "الآن ناشرون وموزعون" بالأردن في 192 صفحة، يضمّ مقدمة حول تعريف التنمية المستدامة، والأهداف العالمية للتنمية المستدامة وخطوات تأسيس استراتيجية الاستدامة، والميزة التنافسية لتبني نهج مستدام ضمن أعمال المؤسسات. ثم تتحدث المؤلفة عن أسباب عدم التمكن من تحقيق أهداف الاستدامة، منها عدم فهم وتحليل أثر البرامج والمشاريع على المجتمع والبيئة، من هنا تنتقل المؤلفة لشرح المفاهيم والتعريفات المرتبطة بالأثر الاجتماعي والأبعاد الخمسة للأثر والمبادئ والمعايير العالمية لقياسه، وبعدها يتم تفصيل خطوات قياس الأثر وإدارته مع تقديم عدد من النماذج والأمثلة الواقعية والأخطاء الشائعة التي تسهل من عملية فهم وحساب الأثر الاجتماعي لكافة البرامج والمشاريع.
وتقول المؤلفة حول أهمية تبني هذا المفهوم: "تقوم العديد من المؤسسات من جميع القطاعات والأحجام بالاستثمار وتنفيذ عدد من المبادرات والمشاريع بهدف حماية الموارد البيئية والاجتماعية تحت شعار "تحقيق التنمية المستدامة والمسؤولية المجتمعية". لكنّ الإحصاءات العالمية تشير إلى أنه على الرغم من تلك الجهود، فلن نتمكن من تحقيق الأهداف العالمية للتنمية المستدامة (التي أطلقتها الأمم المتحدة عام 2015 ليتم تنفيذها بحلول عام 2030) قبل عام 2082، بالإضافة إلى وجود فجوة مالية في تمويل هذه الجهود تصل إلى حوالي 2 تريليون دولار سنوياً. فما المشكلة؟ وما سبب هذه الفجوة الكبيرة على الرغم من الاستثمارات والجهود؟ وهل تكمن المشكلة في طبيعة البرامج والمشاريع؟ أم هي قلة الاهتمام بالأثر طويل المدى للمشاريع على المنتفعين والتركيز على الأرباح المالية قصيرة المدى؟".
وتضيف: "هناك أسباب وعوامل عديدة وراء هذا التحدي الكبير؛ منها السياسية والاستراتيجية وأسباب أخرى من الصعب التحكم بها، وهناك عوامل أخرى يمكن العمل عليها لتحقيق الأهداف المنشودة. لذلك ارتأيت في هذا الكتاب التركيز على قياس الأثر الاجتماعي وإدارته؛ وهما من أهم العوامل والأدوات لتحقيق التنمية المستدامة."
كما يناقش الكتاب أسئلة مهمة، منها: هل يمكننا تحقيق التنمية المستدامة من دون النظر في أثر البرامج والمشاريع على المديين القصير والطويل؟ هل جميع الاستثمارات التي تقوم بها المؤسسات لتنمية المجتمع والبيئة ذات آثار إيجابية على المنتفعين أم من الممكن أن تكون آثارها سلبية؟ وإذا كانت جميع المشاريع أو حتى معظمها ذات آثار إيجابية فلماذا لا نرى تحسُّناً في المستوى المعيشي والأوضاع البيئية والاقتصادية؟ هل يمكن لقياس الأثر وإدارته أن يساهما في اتخاذ قرارات أفضل؟ هل يمكن لجميع المؤسسات قياس أثرها؟ وما الخطوات العملية لقياس الأثر؟
وفيما يخص قياس الأثر، يفصِل الكتاب خمس خطوات عملية لقياس الأثر؛ الخطوة الأولى هي التخطيط للأثر، ثم إدماج أصحاب المصلحة والتواصل معهم، ثم جمع البيانات وتحليل جوهرية النتائج، وبعدها قياس القيمة الاجتماعية. والخطوة الأخيرة هي إدارة الأثر والتي تتضمن اتخاذ قرارات أفضل بهدف زيادة الأثر الإيجابي والتقليل أو التخلص من الأثر السلبي للمشاريع والمبادرات على المجتمع والبيئة.
ويتضمن الكتاب عدداً من الملاحق، أهمها: توضيح محتوى تقارير الأثر التي يتم اعتمادها من المؤسسة العالمية للقيمة الاجتماعية، وشرح تفصيلي لكيفية استخدام خارطة الأثر لحساب العائد الاجتماعي على الاستثمار، وعدد من النماذج الخاصة بخطوات تأسيس إستراتيجية الاستدامة بالإضافة إلى نماذج لكل خطوة من خطوات قياس الأثر. كما تضم الملاحق المصطلحات المختصة بهذا المفهوم باللغتين العربية والإنجليزية، والمبادئ الثمانية للأثر الاجتماعي التي اعتمدتها المؤسسة العالمية للقيمة الاجتماعية، والأخطاء الشائعة التي تتبعها عدد من المؤسسات لدى تبني وتنفيذ هذا المفهوم.
وتقول المؤلفة عن إدارة الأثر: "بعد قياس الأثر، من المهم العمل على استخدام البيانات لإدارة الأثر، بمعنى أن علينا استغلال البيانات لاتخاذ قرارات تتمحور حول زيادة الأثر الإيجابي والتقليل من الأثر السلبي (أو إنهاؤه إن أمكن)". وتتابع بقولها: "ففي حال تبين من التحليل أن الأثر كان ضعيفاً أو ليس بالقدر المطلوب، فعلى المؤسسة اتخاذ قرارات لتعديل البرامج أو العمليات أو الأنشطة لزيادة الأثر. وفي حال كان الأثر كبيراً وواضحاً فعلى المؤسسة وضع خطة لاستدامة الأثر أو زيادة تعميق الأثر على أصحاب المصلحة وتوسيع النطاق على مجموعات آخرين". وطرحت عدداً من الأسئلة التي تساعد على إدارة الأثر منها: ما التعديلات التي من الممكن تنفيذها لزيادة الأثر؟ ما العوامل التي تؤدي إلى تقليل الأثر وما الإجراءات الممكنة لتفاديها؟ كيف يمكننا تقليل الأثر السلبي أو إنهائه؟ كيف يمكننا توسيع نطاق الأثر الإيجابي على جميع أصحاب المصلحة؟
تقول المؤلفة في الملخص التنفيذي: "اخترت البصمة رمزاً لهذا الكتاب لنذكِّر أنفسنا أن كل إنسان مهما كان موقعه في هذه الدنيا أو عمله أو خلفيته، له أثر. فلنترك أثراً إيجابياً على المجتمع، ولنعمِّق أثرنا"، فهي تنطلق من فكرة أن الأثر الذي يتركه كل إنسان، أو مؤسسة، أو كيان حقيقي أو افتراضي، لا بد له من بصمة على المجتمع الذي يعيش ويتحقق وينتج فيه.
والجدير بالذكر أن خلود هندية، خبيرة متخصصة في مجال التنمية المستدامة وقياس الأثر الاجتماعي وإدارته، وتعمل في هذا المجال بشغف منذ أكثر من ثماني عشر عاماً.
وتمتلك خلود خبرة واسعة في تطوير استراتيجيات الاستدامة للمؤسسات والشركات من مختلف القطاعات، بالإضافة إلى كتابة التقارير وفق معاييرGRI، وتحليل الأثر الاجتماعي، وقياس العائد الاجتماعي على الاستثمار (SROI)، ورسم منهجيات للاقتصاد الدائري، وتطبيق مبادئ جمع البيانات، ووضع خطط التواصل مع أصحاب المصلحة وكتابة تقارير الأثر. وقد وصلت خدماتها الاستشارية والتدريبية لآلاف من الأفراد ضمن مؤسسات حول العالم في دول مثل ماليزيا، الفلبين، تشيلي، تركيا، باكستان، وإندونيسيا وفي الوطن العربي مثل المملكة العربية السعودية ودبي والكويت وقطر وكذلك بنوك التمويل الأصغر في الأردن والسودان.
وتميزت خلود بإنجازها الأكاديمي من خلال حصولها على درجة الماجستير في المسؤولية الاجتماعية للشركات من جامعة نوتنغهام البريطانية. كما أنها أول ممارس معتمد ناطق باللغة العربية في العائد الاجتماعي على الاستثمار (SROI) من المنظمة العالمية للقيمة الاجتماعية (Social Value International)، وإحدى المتخصصين القلائل في العالم الحاصلين على شهادة المدرب المعتمد في المجال نفسه.
وفضلاً عما تقدّم، حصلت خلود على شهادة من جامعة ديوك في قياس وإدارة الأثر لأهداف التنمية المستدامة، بالإضافة إلى شهادة المدرب المعتمد من برنامج SDG Impact التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.