شدد وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، أحمد عطاف، على أهمية ميثاق الأمم المتحدة والتمسك بالقانون الدولي كإطار مشترك يجمع كل الدول، جاء ذلك في كلمته أمام أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها 79.
وقال عطاف: "نقول لا لقانون القوة، بل نعم لقوة المنطق، وضرورة العودة إلى ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي، التي يجب أن نخضع جميعًا لها ونحترمها بلا استثناء."
غزة والضفة الغربية: جريمة إبادة جماعية متواصلة
تناول الوزير الوضع المأساوي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مستنكرًا ما وصفه بالإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة منذ ما يقارب العام، والتمدد الأخير لهذه الحرب إلى الضفة الغربية ولبنان. واعتبر أن "ما يحدث من تصعيد إسرائيلي متعدد الأوجه والجبهات في المنطقة لم يكن ليحدث لولا تقاعس المجتمع الدولي عن اتخاذ موقف حازم في وقته".
دعا لاتخاذ موقف حازم تجاه الاحتلال الإسرائيلي
وأشار وزير الخارجية إلى أن المجموعة الدولية كان من الأجدر بها أن تتخذ موقفًا قويًا لفرض العقوبات والإجراءات اللازمة على الاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني، كما سبق أن تم تطبيقه على أطراف أخرى، استنادًا إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. وقال: "يتعين على المجتمع الدولي اليوم التحرك بشكل عاجل لوضع حد لهذه المأساة المستمرة على الشعبين الفلسطيني واللبناني، وكبح جماح الاحتلال الإسرائيلي الذي يسعى لإغراق المنطقة في دوامة من الأزمات والصراعات والحروب التي لا تنتهي".
اللحظة الفارقة للقضية الفلسطينية
وشدد الوزير على أن القضية الفلسطينية تمر بمرحلة تاريخية حرجة، حيث لا يمكن العودة إلى ما قبلها، مؤكدا أن الوقت قد حان لاتخاذ خطوات جادة لدعم المشروع الوطني الفلسطيني وإنهاء التردد والتسويف. وقال: "هذه المرحلة تتطلب دعمًا كاملاً وغير مشروط لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة، كحل عادل ونهائي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني".
تجديد الدعوة لقبول العضوية الكاملة لدولة فلسطين
من منبر الأمم المتحدة، ذكّر عطاف بدعوة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، التي أطلقها في الدورة السابقة، للتعجيل بقبول العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة. وقال: "لقد كانت دعوتنا في ظروف أقل تعقيدًا وتوترًا مما نشهده اليوم في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث تمر القضية الفلسطينية بأحلك مراحلها التاريخية. واليوم، أصبحت هذه الدعوة أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى، فالعضوية الكاملة لدولة فلسطين في منظمتنا هذه خطوة حاسمة نحو الحفاظ على حل الدولتين".
مواجهة تهديدات الاحتلال الإسرائيلي
وحذر عطاف من أن "ما يعد له الاحتلال الإسرائيلي من خطط تهدف إلى إفشال حل الدولتين هو تهديد حقيقي للأمن والاستقرار في المنطقة". وشدد على أن العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة ستسهم في التصدي لمحاولات إفشال هذا الحل وتعزيز الثوابت الأساسية لحل الصراع العربي الإسرائيلي.
القضية الصحراوية: إنهاء آخر فصول الاستعمار في إفريقيا
وفيما يتعلق بالقضية الصحراوية، أكد الوزير أحمد عطاف أن الجزائر تواصل دعم جهود الأمم المتحدة ومبعوثها الشخصي للوصول إلى حل سياسي يضمن للشعب الصحراوي حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير. وقال: "نحن نؤكد أن ظاهرة الاستعمار في الصحراء الغربية مصيرها الزوال، مهما طال الزمن أو قصر، وأن الحقوق المشروعة للشعب الصحراوي ستجد طريقها إلى النفاذ عاجلاً أم آجلاً".
كما شدد الوزير على أن الجزائر لا تقبل بأي محاولات لفرض الأمر الواقع، مؤكداً أن الشعب الصحراوي سيظل متمسكًا بحقه في تقرير مصيره، وأن الجزائر ستظل تدعم حقوقه.
ليبيا: إنهاء التدخلات الخارجية وحل داخلي ليبي
بالنسبة للوضع في ليبيا، أكد عطاف على ضرورة الإسراع في معالجة آفة التدخلات الخارجية التي تستنزف مقدرات البلد وتعمق الانقسامات بين أبنائه. وقال: "لا يمكن لليبيين أن يتوحدوا ويحققوا المصالحة الوطنية إلا عبر إنهاء هذه التدخلات الخارجية". وأكد على دعم الجزائر للشعب الليبي في سعيه نحو تنظيم انتخابات حرة وتحقيق التوافق الوطني الذي يمهد لبناء ليبيا موحدة ومستقرة.
إفريقيا: حلول محلية للتنمية وحل الصراعات
على صعيد القارة الإفريقية، شدد الوزير على أن الجزائر تتطلع إلى تحقيق حلول إفريقية المنشأ للتنمية المستدامة وحل النزاعات. وقال: "إفريقيا بحاجة إلى حلول محلية تطورها بنفسها وتعتمد على إمكاناتها الداخلية لإخماد فتيل الصراعات وتحقيق الاستقرار". كما أشار إلى أهمية استثمار إفريقيا في التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والطاقات المتجددة، ومواصلة العمل على إصلاح المؤسسات المالية الدولية لضمان تمثيل أفضل للدول الإفريقية في النظام المالي العالمي.
دعم الجزائر لدول الساحل
وفيما يخص منطقة الساحل الإفريقي، أكد الوزير أحمد عطاف على تضامن الجزائر الكامل مع دول وشعوب المنطقة، مشيرًا إلى أن الأمن والاستقرار في الساحل جزء لا يتجزأ من أمن واستقرار الجزائر وشمال إفريقيا. وقال: "الجزائر تؤمن أن استقرار المنطقة مرتبط بتحقيق التنمية المستدامة وتخفيف الفقر، والتصدي لظواهر الإرهاب والتغيرات المناخية التي تؤثر بشدة على المنطقة".
الجزائر ترد بلغة مؤدبة وراقية على الكلام الوضيع الذي قيل في حقها من طرف مسؤول دولة جارة
خلال خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، انتقد وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، أحمد عطاف، تصريحات "غير لائقة" صدرت عن ممثل دولة مجاورة، ووصفها بأنها "كلام وضيع" لا يليق بمكانة الأمم المتحدة. وأكد عطاف أن الجزائر لن تنجر وراء مثل هذه التصريحات، مشددًا على أنها ستظل ترد بلغة "مؤدبة وراقية" تعكس الروابط العميقة التي تجمع الجزائر بدول وشعوب المنطقة.
وأشار الوزير إلى أن الجزائر تتمتع بإرادة صلبة، وتواصل مد يدها لجميع أشقائها في المنطقة لبناء شراكة تقوم على الأمن والاستقرار والرفاه للجميع.
تعزيز الاستقرار الداخلي وبناء اقتصاد وطني قوي
اختتم الوزير كلمته بالتأكيد على أن الجزائر تخطو خطوات ثابتة نحو تعزيز الاستقرار السياسي والمؤسسي، في إطار النهج الذي أرساه رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون. وأكد أن الجزائر تسعى لبناء اقتصاد وطني قوي ومتنوع، يقلل من الاعتماد على قطاع المحروقات، ويعزز الطابع الاجتماعي للدولة الجزائرية. وقال: "الجزائر تسير بثبات نحو تعزيز مكانتها الاقتصادية في إفريقيا، مما يفتح المجال أمام فرص تعاون وشراكات مفيدة مع مختلف الأطراف".
الأمل في مستقبل أفضل
في ختام خطابه، أكد الوزير عطاف على أهمية التمسك بالأمل رغم التحديات الكبيرة التي يواجهها العالم اليوم، وقال: "رغم الصعوبات والخطورة التي يشهدها عالمنا، فإننا نؤمن بأن الأمل يبقى قائماً، وأن الطموح لمستقبل أفضل لا يزال متاحاً. فمن رحم الأزمات تولد الفرص، ومن قلب الشدائد يشرق الأمل".