شهدت مدن المغرب اليوم الأحد موجة غضب عارمة تمثلت في مسيرات احتجاجية دعت إليها "الكونفدرالية الديمقراطية للشغل" في تصعيد مباشر ضد حكومة عجزت عن حماية حقوق العمال ومكتسباتهم الاجتماعية و كرست نفسها أداة لضرب الحريات النقابية.
و أكدت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، في بيانها الأخير، أن تمرير القانون التنظيمي للإضراب في مجلس النواب يوم الـ24 ديسمبر المنصرم يجسد "سابقة خطيرة في تجاهل التوافقات التي تعد أساس العمل الديمقراطي" و وصفت هذا القانون بـ"التكبيلي"، معتبرة أنه يمثل "تقنينا للتضييق على حق الإضراب"، في تناقض صارخ مع الدستور المغربي والمواثيق الدولية وخاصة الاتفاقية الدولية رقم 87 التي تتعلق بالحرية النقابية والتي ترفض الحكومة المصادقة عليها بشكل مفضوح.
وقالت الكونفدرالية: "الحكومة الحالية، بدلا من الالتزام بالحوار والتوافق، لجأت إلى الإستقواء بأغلبيتها البرلمانية لتمرير مشروع القانون الذي يمثل وصمة عار على جبين أي نظام يدعي الديمقراطية، ما جرى ليس إلا محاولة مكشوفة لقتل الحركة النقابية وإسكات الأصوات التي تدافع عن الكرامة والحقوق".
وأكدت الكونفدرالية على أن الحكومة لم تكتف بتجاهل المطالب، بل اختارت المضي في استهداف المكتسبات التاريخية التي ناضلت من أجلها النقابات، في انحراف خطير عن التزاماتها تجاه العمال.
دعوة الطبقة العاملة للتعبئة العامة لاسترجاع الحقوق المسلوبة
ودعت الكونفدرالية فروعها الإقليمية والمحلية إلى التعبئة الشاملة، قائلة: "إننا في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل نؤكد أن المعركة مستمرة ولن تتوقف عند حدود المسيرات الجهوية وسنواصل النضال عبر الإضراب العام والمسيرات الوطنية حتى تتراجع الحكومة عن هذا القانون الجائر، الذي يمثل إعلان حرب على الطبقة العاملة".
و قالت إن رسائل الشارع المغربي للحكومة واضحة و تتمثل في أن الشعب المغربي يرفض أن يكون رهينة لسياسات فاشلة لا تخدم إلا مصالح فئة ضيقة على حساب الأغلبية و هذه المسيرات ليست سوى بداية موجة احتجاجية أوسع تهدف إلى استرجاع الحقوق المسلوبة.
وحذرت الكونفدرالية الحكومة من تجاهل الأصوات الغاضبة قائلة: "على الحكومة أن تدرك أن اللعب بالنار سيحرقها قبل أي شيء آخر. الطبقة العاملة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا الانحراف الخطير عن مسار الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، رسالتنا واضحة : التراجع الفوري عن هذا القانون الظالم أو مواجهة غضب الشارع".
وقفة احتجاجية للمتقاعدين أمام البرلمان
و لم يقتصر الحراك الاحتجاجي على العمال، بل امتد ليشمل المتقاعدين المدنيين الذين نظموا وقفة احتجاجية أمام البرلمان للتنديد بالسياسات "المهينة" التي تنتهجها الحكومة ضدهم. وطالبت هيئة المتقاعدين بزيادة فورية وبأثر رجعي في المعاشات التقاعدية، مشيرة إلى أن تجاهل ظروفهم المعيشية يعد جريمة أخلاقية واجتماعية.
وأكد المتقاعدون أن سياسات الحكومة الحالية ترسخ الإقصاء والتهميش، متسائلين عن جدوى وجود حكومة لا تمنحهم الأولوية في البرامج الاجتماعية والاقتصادية.
وطالبوا بإحداث هيئة وطنية سامية تعنى بشؤونهم وبإعفاء المتقاعدين من أداء الفروقات المالية التي تتجاوز تغطية التأمين الصحي لضمان الرعاية الكاملة لهم ولذويهم.
وفي ظل تصاعد الاحتجاجات، يظهر جليا أن الحكومة المخزنية تعيش أزمة رؤية حقيقية. فبدلا من العمل على حماية الحقوق الاجتماعية والنقابية، تواصل الانغماس في سياسات تعزز القمع وتفاقم الأزمات، هذا الواقع يثبت مرة أخرى عجز الحكومة عن تبني أي استراتيجية تلبي تطلعات الشعب المغربي، ما يجعلها في مواجهة مباشرة مع حركة احتجاجية لن تهدأ حتى تحقيق العدالة الاجتماعية واستعادة الكرامة المهدورة.