أكد المحلل الاقتصادي، الدكتور الهواري تيغرسي أن الجزائر بحاجة إلى تفعيل العديد من الجوانب التشريعية والإدارية لضمان الاستغلال الأمثل لأملاك الدولة والأملاك التابعة للمنظومة الوقفية الوطنية، بما يسهم بفعالية في تعزيز القدرات الاقتصادية وزيادة فرص الشراكة والاستثمار المحلي والأجنبي.
ودعا تيغرسي، خلال استضافته هذا الثلاثاء في برنامج "ضيف الصباح" على القناة الأولى للإذاعة الجزائرية، إلى ضرورة استغلال التكنولوجيا والرقمنة لتحسين الأداءين الاقتصادي والإداري، والانفتاح أكثر على الاستثمارات الأجنبية، مع العمل على تحسين التغطية الرقمية، بما يمكّن الجزائر من تحقيق خطوات ملموسة في تطوير قطاع الأوقاف واستغلاله بطريقة تضمن المزيد من الفعالية والشفافية.
وأشار إلى أن "قرار مجلس الوزراء بخصوص الشروع في عملية جرد شامل لأملاك الدولة عبر كامل التراب الوطني، وإنجاز هذه العملية قبل نهاية السنة الجارية، يمثل خطوة بالغة الأهمية ويستحق الإشادة، خاصة في ظل الحاجة الماسة لإنشاء قاعدة بيانات شاملة تدعم الإصلاحات الاقتصادية وتُسهم في إعداد مشاريع القوانين، وعلى رأسها قانون المالية الذي يُعد أداة رسم السياسات المالية والاقتصادية في مختلف دول العالم.
وشدد الدكتور تيغرسي على أن استغلال الأملاك العقارية المتاحة بشكل فعّال أضحى ضرورة ملحة، خاصة وأن العديد منها ضاع خلال فترات سابقة دون أن يُستفاد منه بالشكل المطلوب".
استغلال الأوقاف وتفعيل القطاع المالي
وفي سياق حديثه عن النظام الوقفي، أوضح الدكتور تيغرسي أن "البنوك الإسلامية يمكن أن تلعب دورًا محوريًا في تمويل مشاريع الأوقاف، من خلال تقديم منتجات مالية جاذبة تُسهم في تعزيز هذا القطاع الحيوي".
واقترح في هذا الإطار إطلاق "الصكوك الوقفية" مستقبلاً، مع تسهيل وتبسيط إجراءات الحصول عليها، من أجل استقطاب الاستثمارات، بما في ذلك توجيه الأموال المتداولة في السوق الموازية نحو مشاريع وقفية مجدية، عبر حملات توعية وتحسيس قوية.
كما أكد على أهمية تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال الأوقاف، وتشجيع التعاون بين الحكومة والمستثمرين الخواص، مع تقديم حوافز مناسبة، مشددًا على ضرورة إنشاء صندوق مالي وقفي وطني لتسيير مداخيل الأوقاف واستثمار الفائض منها في مشاريع تنموية، خاصة في مجالي الصحة والتعليم.
جذب الاستثمارات الأجنبية
وفي جانب آخر من حديثه، دعا تيغرسي إلى الانفتاح على الاستثمارات الأجنبية في قطاع الأوقاف، مشيرًا إلى إمكانية استقطاب مؤسسات إسلامية دولية رائدة.
وأضاف أن "البنوك الإسلامية يمكن أن تلعب دورًا رياديًا في تمويل المشاريع الوقفية، ما يسهم في تطويرها عبر استثمارات محلية ودولية".
الرقمنة أساس رسم السياسات
أما فيما يخص الرقمنة، فقد شدد الدكتور تيغرسي على ضرورة الرقمنة الشاملة لأملاك الدولة، والتي من المرتقب استكمالها قبل إعداد قانون المالية لسنة 2026، وفق ما جاء في بيان مجلس الوزراء.
وأوضح أن "الجزائر بحاجة إلى إنشاء منظومة رقمية وقانونية متكاملة تُعنى بإدارة بيانات العقارات، لما لذلك من أثر كبير في تسهيل الاستثمار وتحسين إدارة الأصول العقارية"، مضيفًا أن "وجود قاعدة بيانات دقيقة من شأنها أن تخفف الضغط على الإدارة ويزيد من كفاءتها".
وفي الشأن الزراعي، شدد تيغرسي على ضرورة تحديث الإحصائيات المتعلقة بالعقار الفلاحي، خاصة وأن نسبة المساحات المستغلة زراعيًا لا تتجاوز حاليًا 10 بالمائة من إجمالي المساحات المتاحة. وقال في هذا الصدد إن وجود قاعدة بيانات دقيقة حول المساحات المروية والمزروعة سيساهم في تحسين التخطيط وتقليص الاعتماد على الاستيراد، خاصة فيما يتعلق باللحوم والمواشي.
التحول الرقمي والجيل الخامس
وفيما يخص قطاع التكنولوجيا، دعا ضيف الصباح إلى تعميق الدراسات المتعلقة بإطلاق شبكة الجيل الخامس، وفقًا للمنهجية المعتمدة من قبل رئيس الجمهورية خلال الاجتماع الدوري لمجلس الوزراء، مشيرًا إلى أن "هذه الخطوة من شأنها تحسين جودة الخدمات التكنولوجية وتطوير المنظومة الاقتصادية عبر توفير شبكة اتصال عالية السرعة".
وأوضح أن "الجزائر حققت تغطية معتبرة عبر تقنيتي الجيل الثالث والرابع بنسبة تتراوح بين 80 و90 بالمائة"، لكنه أضاف أن "هناك حاجة إلى مزيد من الاستثمارات في البنية التحتية وتوسيع التغطية الجغرافية، وفتح السوق أمام مزيد من المتعاملين الأجانب".
وفي ختام حديثه، شدد تيغرسي على أهمية عقد شراكات مع دول رائدة في المجال التكنولوجي مثل الصين (شركة هواوي) وغيرها من الشركات العالمية، لتعزيز التحول الرقمي والنهوض بالاقتصاد الوطني.