أجمع مراقبون وخبراء في العلوم السياسية والعلاقات الدولية على أن الموقف الأخير لإسبانيا من القضية الصحراوية الداعم لنظام المخزن المغربي يتنافى ومساعي التسوية وفقا لقرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية واعتبروا أنه يقوم على مصالح اقتصادية مقابل أكذوبة فكرة الحكم الذاتي مؤكدين في السياق ذاته أنه تغير جذري لموقفها التاريخي إزاء القضية الصحراوية ورضوخا لابتزاز نظام المخزن المغربي.
وفي هذا الصدد أكد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بهلولي أبو الفضل في تصريح للقناة الإذاعية الأولى هذا الأحد أن انقلاب الموقف الإسباني الذي ترجمته برقية "بيدرو سانشيز" و تصريحه المفاجئ وغير المؤسس يخالف الشرعية الدولية وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة والقانون الدولي وكذا قرارات المحكمة الدولية ومنافي لمسار الدبلوماسية الإسبانية وشدد على أنه محاولة لخلط الأوراق في المنطقة والتأثير على المبعوث الأممي للأمم المتحدة في الصحراء الغربية.
بدوره وصف الخبير في التخطيط الإستراتيجي والعلاقات الدولية محمد شريف ضروي موقف الحكومة الإسبانية بالمنتظر في ظل الكولسة الحاصلة في العلاقات الدولية
معتبرا إياه منتظرا من طرف العارفين بخبايا العلاقات الدولية بفعل المكائد التي تحيكها المغرب برعاية الكيان الصهيوني.
و عن خلفية الانقلاب المفاجئ في موقف اسبانيا اتجاه القضية الصحراوية أبرز الخبير الاستراتيجي في الشؤون الدولية رشيد علواش أن اسبانيا حين كانت تعتبر السلطة الإدارية لمنطقة الصحراء الغربية ، ترأست سنة 1975 القمة الثلاثية أو ما يعرف "باتفاق العار" بينها وبين المملكة المغربية وأيضا بين موريتانيا في محاولة لاقتسام مالا تملك بينها وبين المغرب وأيضا بين موريتانيا ، مضيفا أن إسبانيا رضخت لإبتزازات نظام المخزن وسياسته الخارجية القائمة أساسا على ثلاثية ترتكز على تقديم الرشوة و الابتزاز وكذا الخيانة المثبتة عبر التاريخ .
واسترسل المتحدث ذاته قائلا "القرار أحادي وأحدث انقساما داخل اسبانيا وعارضته أحزاب سياسية واستنكرت هذا الانقلاب ويتوقع تنظيم مظاهرات مناوئة لهذا القرار المنفرد.."
وبالحديث عن تبعات هذا القرار على السياسة الخارجية الاسبانية فقد أكد العديد من الفاعلين الإسبان على غرار الناشط السياسي وأستاذ القانون الدولي بجامعة "سانتياغو" "رويز ميكال كارلوس "أن موقف رئيس الحكومة الإسباني "بيدرو سانشيز" الداعم لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء الغربية قرار مناقض للشرعية الدولية ولقي استنكار حلفاء الحكومة واحدث انشقاقا وتذمرا وسط النخبة السياسية في مدريد.
"الأهم بالنسبة لي سياق الرسالة ..رسالة تؤشر إلى أنه في وضع النزاع المفتوح الحكومة الإسبانية تساند طرفا من الطرفين وعليه فإن الحكومة الإسبانية ليست في موقف محايد وهذا أمر جد خطير ..هذا التحول في الموقف السياسي على ما يبدو تم دون استشارة وهو أمرغير معقول وفضيحة سياسية." يؤكد ميكال كارلوس
بدوره أكد "أسايس برينادا "أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة "كوملينوس" بمدريد "ان غالبية الرأي العام الاسباني لا يوافق على الموقف الجديد لسلطات مدريد ويتوقع تنظيم مظاهرات مناوئة للموقف الجديد للحكومة الاسبانية من شخصيات سياسية ومجتمع مدني وحركات جمعوية ووصفه بالقرار الخطير الذي سيعكس سلبا على السياسة الخارجية الاسبانية.
ويجمع المتابعون لتطور الأحداث الأخيرة أن موقف الحكومة الاسبانية قد يحمل معه تداعيات سلبية حتى في علاقاتها مع دول أمريكا اللاتينية القريبة من مدريد والتي يدعم غالبيتها القضية الصحراوية وحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره .
المصدر:الإذاعة الجزائرية /إيمان لعجل