شدّدت الدكتورة مباركة بلحسن، أستاذة الأنثروبولوجيا بقسم علم الاجتماع بجامعة وهران، على أهمية الثقافة الحسانية كرافد استراتيجي للهوية الوطنية، مؤكدة أنها تمثل جسراً حقيقياً يربط الجزائر بعمقها الإفريقي ثقافياً وتاريخياً.
وقالت بلحسن، لدى حلولها ضيفة على برنامج “مسميات”، إن الثقافة الحسانية ليست مجرد تراث شعبي عابر، بل هي منظومة رمزية غنية، تتجلى في أنماط العيش، والتصورات الجماعية، والفنون الشعرية، وعلى رأسها فن “التبراع” و”القاف”، اللذان يشكلان تعبيراً صادقاً عن الوجدان الحساني، ويجسدان تجربة إنسانية فريدة في الصحراء الكبرى.
واعتبرت الباحثة أن المرونة التي تتمتع بها هذه الثقافة مكنتها من التكيف مع تحولات العصر، بما فيها الثورة الرقمية، وبناء الدولة الحديثة، دون أن تفقد هويتها الخاصة. وأضافت أن هذا التكيّف لا ينبغي أن يُفهم كذوبان في العولمة، بل كقدرة على الصمود والتفاعل، وهي سمة ينبغي أن تُحتذى في التعامل مع باقي الثقافات المحلية.
غير أن بلحسن حذّرت في الوقت ذاته من أن الثقافة الحسانية، شأنها شأن بقية المكونات الثقافية الوطنية، مهددة اليوم بالاندثار تحت ضغط التحولات المعاصرة السريعة، ما يتطلب يقظة مؤسساتية ومجتمعية لحمايتها من النسيان أو التهميش.
وختمت بلحسن حديثها بالتأكيد على أن الحفاظ على الثقافات المحلية لم يعد ترفاً ثقافياً، بل أصبح ضرورة وطنية لضمان تماسك المجتمع وصيانة هويته، داعية إلى إدماج هذه الثقافة في البرامج التربوية، وتوثيقها علمياً، ومنحها المكانة التي تستحقها في السياسات الثقافية الوطنية.