الجزائر ترافع بنيويورك من أجل ضمان تكافؤ الفرص بين الدول في الوصول إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي

الجزائر ترافع بنيويورك من أجل ضمان تكافؤ الفرص بين الدول في الوصول إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي

أحمد عطاف
24/09/2025 - 23:06

شدد وزير الدولة، وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية، السيد أحمد عطاف، مساء اليوم الأربعاء بنيويورك على حتمية ضمان تكافؤ الفرص بين الدول في الوصول إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي، بما يحول دون تعميق الفجوة الرقمية والتنموية بين الشمال والجنوب، معتبرا أن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجرائم السيبرانية، التي قادت الجزائر مسار المفاوضات بشأنها، "يمكن أن تشكل أساسا قانونيا لتعزيز سيادة الدول على بياناتها وحمايتها من الهجمات السيبرانية".

واوضح السيد عطاف - في كلمته خلال النقاش رفيع المستوى لمجلس الأمن حول تأثير الذكاء الاصطناعي على السلم والأمن الدوليين، المنعقد على هامش أشغال الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة - أن "الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد وسيلة تقنية، بل أصبح عاملا جيو-استراتيجيا حاسما في مسار إعادة تشكيل موازين القوى على الساحة الدولية".

كما "لم يعد (الذكاء الاصطناعي) مجرد مشروع واعد للإنسانية، بل أضحى يطرح العديد من التحديات القانونية والأخلاقية، بل وحتى الأمنية التي تمس بسيادة الدول وتماسك مجتمعاتها" ، إلى جانب أنه "أصبح سلاحا ذا حدين في ميدان السلم والأمن : سلاح بناء يسهم في بناء القدرات وتعزيز التنمية المستدامة، وسلاح هدام لما يساء استخدامه لزعزعة الاستقرار وتقويض السلم وتهديد الأمن الجماعي" ، كما أضاف.

ومن هذا المنظور، ربط وزير الدولة نجاح الحوار العالمي الذي تم إطلاقه بشأن حوكمة الذكاء الاصطناعي وتحقيقه للمقاصد النبيلة المتوخاة منه بالتكفل بشواغل ثلاث أولها "الشاغل السيادي الذي يرتبط تمام الارتباط بضرورة التقيد بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، حفاظا على سيادة الدول وحرمة أراضيها".

وقال في هذا الصدد "إننا نعتقد أن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجرائم السيبرانية، التي قادت بلادي مسار المفاوضات بشأنها، يمكن أن تشكل أساسا قانونيا لتعزيز سيادة الدول على بياناتها وحمايتها من الهجمات السيبرانية".

الى جانب هذا - يضيف- هناك " الشاغل الأمني في حتمية وضع قواعد واضحة تؤطر استخدام الذكاء الاصطناعي في المجالات العسكرية والأمنية، للحد من سباق التسلح الجديد الذي لا يتقيد بأي ضوابط، ولإبقاء الأسلحة المبتكرة بعيدا عن متناول الفواعل المسلحة غير الحكومية، وكذا لحصر قرار استخدام القوة المميتة بيد الإنسان في أي ابتكارات تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي" .

أما الشاغل الثالث والأخير، -وفق وزير الدولة "فهو شاغل تنموي بامتياز، يرتبط بحتمية ضمان تكافؤ الفرص بين الدول في الوصول إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي، بما يحول دون تعميق الفجوة الرقمية والتنموية بين الشمال والجنوب".

ومن هذا المنطلق ، أكد السيد عطاف على أن "الدول النامية تواجه تحديات جسام في اللحاقِ بركب الثورة الرقمية الراهنة، وحين يتعلق الأمر بقارتنا الإفريقية، فإن هذه التحديات تتجلى في ثلاث معطياث رئيسية ، أولها أن "نسبة تغطية شبكة الإنترنت في القارة تظل دون المستوى المطلوب، حيث لا تتعدى 38 بالمائة، في حين أن المتوسط العالمي يتجاوز نسبة 68 بالمائة".

أما المعطى الثاني فيمثل - حسب السيد عطاف - في أن عدد الدول التي حققت المستوى التنظيمي المطلوب في مجال تكنولوجيا المعلومات لا يتجاوز 10 دول من مجموع 55 دولة عضو في الاتحاد الإفريقي، وهو الأمر الذي "يعكس هشاشة الأطر التشريعية والتنظيمية في معظم البلدان الإفريقية"، بينما يتعلق المعطى الثالث والأخير ، ب"كون القارة الإفريقية التي تضم 18 بالمائة من سكان المعمورة لا تحوز إلا على نسبة 1 بالمائة من إجمالي القدرات العالمية المخصصة لتخزين البيانات ومعالجتها، وهو الأمر الذي يطرح بشدة تحدي السيادة الرقمية في القارة الإفريقية".

لكن هذه التحديات -يقول السيد عطاف - "ليست بالمعضلات غير القابلة للحل، بل هي نقائص يمكن تحويلها، بالعمل الجاد، إلى فرص حقيقية لتدارك التأخر الذي سجلته قارتنا في هذا المجال"، مبرزا الأولوية، في أن تتوجه القارة "نحو تعزيز الاستثمار في مجالات البنية التحتية الرقمية، وبناء القدرات، وكذا تطوير التشريعات والنظم المتعلقة بالحوكمة الالكترونية".

وبعد أن أبرز مواصلة الجزائر العمل على تجسيد استراتيجيتها الوطنية في مجال التحول الرقمي، أكد الوزير "التزامها التام بالمساهمة، ولو بالقدر اليسير، في رفع التحديات التي تواجهها قارتنا الإفريقية في هذا المجال".

إلى ذلك قال السيد عطاف أن القارة الافريقية "تدرك تمام الإدراك حجم التحديات والرهانات المرتبطة بالثورات التكنولوجية والرقمية التي يشهدها عالمنا اليوم وهي تبذل قصارى جهدها حتى لا تبقى على قارعة هذه الثورات وحتى لا تفوتها مثلما فاتتها من قبل الثورات الصناعية والثورات المعلوماتية من جراء الاستعمار ومخلفاته ورواسبه".

كما تسعى إفريقيا ب"كل مسؤولية لبناء شراكات دولية ناجعة ونافعة، تسهل لحاقها بركب الثورات الراهنة وتمكنها من الإسهام في صياغة مضامين هذه الثورات ومضامين الحوكمة المتعلقة بها "، يضيف السيد أحمد عطاف.

واختتم وزير الدولة كلمته قائلا :"لكن إفريقيا، بالمقابل، ترفض مطلقا أن يتم تحويلها إلى حقل تجارب لتطويرِ هذه التكنولوجيات واختبارِ استعمالها، لا سيما في المجالات الأمنية والعسكرية، وهي عازمة كل العزم على تفادي تكرار مآسي الماضي وتداعياتِه المريرة التي كلفتها الكثير".
 

المصدر
وأج