المغرب: تصاعد القمع الأمني وسط استمرار الاحتجاجات الشعبية بمختلف مدن المملكة

المغرب
30/09/2025 - 20:14

تجددت اليوم الثلاثاء الدعوات إلى التظاهر في المدن المغربية لليوم الرابع على التوالي، استجابة لنداءات حركة شبابية، في وقت يسود فيه غضب متصاعد بسبب العنف الذي رافق تفريق احتجاجات سابقة من قبل قوات الأمن، وارتفاع عدد الموقوفين الذين يمثل بعضهم أمام النيابة العامة اليوم.

وشهدت شوارع عدة مدن مغربية عودة لافتة للاحتجاجات الشبابية، بقيادة جيل جديد يعرف بـ"جيل Z"، حيث رفعت شعارات اجتماعية من قبيل الحق في التعليم والصحة والشغل ومحاربة الفساد، إلى جانب فتح الباب أمام نقاش عميق حول موقع الشباب في المشهد السياسي، وقدرة الأحزاب بتنظيماتها الشبابية والدولة على احتوائه.

واستندت التعبئة، حسب ما نقلته مصادر إعلامية محلية، إلى الدعوات المنتشرة على التطبيقات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي، التي استهدفت هذه المرة بشكل خاص التلاميذ وطلاب الجامعات لتنظيم وقفات احتجاجية رمزية داخل مؤسساتهم التعليمية، في خطوة تهدف إلى توسيع نطاق المشاركة بعد ثلاثة أيام من احتجاجات متفرقة في الشوارع.

في المقابل، اختار المخزن مواجهة هذه التعبئة بالقمع، حيث طوقت القوات العمومية الساحات العامة، ومنعت أي تجمعات، ونفذت اعتقالات استباقية طالت كل من يشتبه في نيته التظاهر، كما رصدت عمليات توقيف واسعة شملت صحفيين وممثلين عن جمعيات حقوقية وهم بصدد توثيق الانتهاكات ضد القاصرين.

كما قررت النيابة العامة متابعة 16 شابا، من بينهم شابتان، في حالة سراح مقابل كفالات مالية مرتفعة، في حين تمت متابعة العشرات الآخرين بتهم مثل "التجمهر غير المرخص" و"الإخلال بالنظام العام". ولم يسلم حتى ذوو الوضعيات الصحية الهشة من هذه الإجراءات، حيث وجهت لشابة تعاني إعاقة ذهنية تهمة "إهانة رموز الدولة"، وهذا النهج القضائي يعكس إصرار المخزن على تحويل الاحتجاج الاجتماعي إلى ملف أمني بحت، بعيدا عن أي مقاربة سياسية أو حوارية.

وشهدت الرباط اليوم استنفارا أمنيا جديدا، إذ أقدمت الشرطة على توقيف شبان كانوا متواجدين في الشوارع دون أن يشاركوا في أي احتجاج، ما أثار استنكارا واسعا وفضح الطابع التعسفي للممارسات الأمنية.

ردود فعل حقوقية منددة بالقمع

أثار هذا المشهد موجة استنكار من منظمات حقوقية وهيئات مهنية، حيث أعلنت الجمعية الوطنية للمحامين بالمغرب استعدادها لتعبئة أعضائها للدفاع عن معتقلي الاحتجاجات، منددة بالقمع ومطالبة باحترام الحق الدستوري في التظاهر السلمي.

ودعت في السياق إلى الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين، مؤكدة أن اللجوء إلى العنف لا يمكن أن يكون بديلا عن الحوار المؤسساتي.

في المقابل، واصل المخزن سياسة الصمت والتجاهل، تاركا الشارع يحتج تحت وطأة القمع والاعتقالات، ما ينذر بتوسع رقعة الغضب وتصاعد موجات الاحتجاج في قادم الأيام.

من جهتها، اعتبرت مجموعة "شابات من أجل الديمقراطية" أن ما يقع حاليا في عدد من مدن المغرب يظهر أن الدولة اختارت مرة أخرى أن تواجه أصوات الحرية والكرامة الاجتماعية بالعنف والاعتقال، متجاهلة مشروعية المطالب التي يرفعها الصف الديمقراطي منذ سنوات، والتي تتمحور حول العدالة الاجتماعية والمساواة والمشاركة السياسية.

من جهته، قال عادل الصغير، الأمين الوطني لشبيبة "العدالة والتنمية" عبر الموقع الرسمي للحزب، أن الاحتجاجات الشبابية التي تشهدها عدة مدن مغربية هي "تعبير صريح عن حالة انسداد الأفق وتراجع الأمل، وضعف الثقة لدى فئة عريضة من الشباب المغربي".

بدورها، استنكرت النقابة الوطنية للتعليم العالي المقاربة القمعية التي طالت الاحتجاجات الشبابية السلمية، معبرة عن تضامنها معهم، ومطالبة بإطلاق سراح كافة المعتقلين منهم.

وفي سياق تنامي الاحتجاجات بمختلف المدن المغربية، أعلن معتقلو حراك الريف دخولهم على خط الاحتجاجات التي يعرفها الشارع المغربي منذ يوم السبت الماضي، في إطار حراك "جيل زاد"، حيث عبروا عن تضامنهم مع المحتجين، ونددوا بالمقاربة الأمنية في حق المتظاهرين سلميا.

بدوره، وجه المعتقل محمد جلول رسالة عبر فيها عن تحيته للمحتجين في مختلف المدن، وأدان التدخل القمعي في حق المتظاهرين سلميا، و"أساليب الاعتقال التعسفية في حقهم، والتي تعد -كما قال- محاولة لإخماد هذا الحراك الشعبي الوطني والمشروع، ومطالبه العادلة والمشروعة، ومحاولة لتكميم الأفواه وفرض الأمر الواقع الظالم والفاسد".
 

المصدر
وأج