الإذاعة الجزائرية
تعتبر معركة "إيسين" (3 - 5 أكتوبر 1957) التي نشبت على الحدود الجزائرية الليبية، محطة بطولية في مسار الثورة التحريرية المجيدة.
ولا تزال المعركة في ذكراها الـ 68، تعكس عمق تلاحم الشعبين الشقيقيين في مقاومة الاستعمار الفرنسي الغاشم، بتضحيات دمائهما الزكية.
وفي مدينة إيسين الحدودية الصغيرة، بأقصى الجنوب الغربي الليبي، وهي منطقة كانت تستوعب مئة عائلة آنذاك، انطلقت الشرارة الأولى للمعركة.
وبحسب مدير المجاهدين لولاية إيليزي، عبد الباسط بن كازة، شكّل الجانب الجزائري من المنطقة الحدودية، أرضية استراتيجية لمهاجمة الاحتلال الفرنسي.
وهذا بفضل قربها من التراب الليبي الذي كان يمثّل قاعدة خلفية لإمداد جيش التحرير الوطني بالأسلحة والمؤونة.
وجرت العملية العسكرية بقيادة المجاهد محمد الطيب فرحات، بمشاركة 12 مجاهداً جزائرياً، ساندهم في ذلك عدد من إخوانهم الليبيين.
واستهدف الهجوم مواقع المستعمر الفرنسي، بتوجيه ضربة قوية له، في منطقة كان يعتقد أنّها بعيدة عن مسرح العمليات الرئيسة.
وفي شهادته، استحضر المجاهد مشاري أغالي، الأمين الولائي لمنظمة المجاهدين بإيليزي، مجريات المعركة التي انطلقت صباحاً باستهداف إحدى مركبات العدو.
وامتدت المعركة من أقصى الجنوب الشرقي الجزائري، إلى الأراضي الليبية، لتتحول مدينة إيسين إلى ساحة اشتباك.
وفي خضم المواجهات، تدخل الطيران الاستعماري، حيث أمطرت إحدى طائراته مواقع المجاهدين بوابل من النيران.
ويروي المجاهد مشاري أغالي أنّ ما تقدّم، دفع المقاتلين إلى الاحتماء ومواصلة الرد بما تيسر من سلاح.
وذكر أنه ورغم كثافة القصف، لم تتمكن قوات العدو من التقدم، إذ تكبدت خسائر في الأرواح والعتاد.
واضطرت القوات الفرنسية إلى ترك بعض جرحاها خلفها عند الانسحاب.
وجسّدت هذه المعركة "الروح القتالية العالية" لهؤلاء المجاهدين الذين "ظلوا متماسكين ومصممين على مواجهة العدو وجها لوجه".
وعلى الرغم من القصف الجوي والمد العسكري، لم تنجح قوات الاحتلال الفرنسي في كسر إرادة المجاهدين وثنيهم عن المقاومة.
المعطى جعل معركة إيسين ''صفحة مشرقة من صفحات الكفاح الوطني".
ويعيد استحضار هذه الملحمة اليوم، التأكيد أنّ الانتصار الذي حققته الثورة الجزائرية لم يكن وليد صدفة، بل ثمرة تضحيات جسام.
وتعدّ مدينة إيسين صفحة ناصعة من كفاحات الشعب الجزائري الأبيّ الذي واصل النضال في سبيل استرجاع السيادة الوطنية والعيش حراً.
